استمرار السوق السوداء رغم إجراءات المركزي المصري

06 فبراير 2015
إحدى شركات الصرافة في مصر (أرشيف/GETTY)
+ الخط -

توقّع محللون عدم قدرة المصرف المركزي المصري على وقف السوق السوداء للدولار، رغم الإجراءات التي اتخذها في الفترة الأخيرة، ومنها تخليه عن الجنيه ليتراجع أمام الدولار رسمياً بأكثر من 50 قرشاً خلال أسبوعين فقط، ليرتفع سعر العملة الأميركية إلى أكثر من 8 جنيهات بالسوق السوداء، مقابل نحو 7.63 جنيهات رسمياً.

وأرجع المحللون أسباب استمرار السوق السوداء، إلى ضعف أداء الاقتصاد المصري، في ظل

تصاعد الاضطرابات الأمنية وأحداث العنف أخيراً، ما أدى إلى تراجع مصادر دخل النقد الأجنبي، وأبرزها الصادرات والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج.

وقال الخبير الاقتصادي، د. عبد النبي عبد المطلب، لـ"العربي الجديد"، إن الأسباب التي دفعت المركزي إلى تخفيض الجنيه المصري بهذه النسبة وبشكل سريع، تدل على أنه لا يمتلك أدوات تمكّنه من تحقيق التوازن في سوق الصرف.

وأضاف عبد المطلب، أن المركزي أخطأ حينما تحدى السوق السوداء وزاد في عدد العطاءات الدولارية إلى 4 عطاءات، رغم أن الاحتياطي النقدي لا يزال في المرحلة الحرجة، حيث لا يغطي إلا نحو ثلاثة أشهر واردات.

وانخفض الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 15.3 مليار دولار في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، حسب الإحصائيات الرسمية.

وأرجع عبد المطلب خفض المركزي للجنيه في هذا التوقيت، إلى ضعف أداء الاقتصاد المصري وتراجع الصادرات، وارتفاع العجز في الميزان التجاري ليصل إلى 34 مليار دولار، وزيادة قيمة الأموال الخارجة (تدفقات الاستثمار للخارج) من 4 إلى 7 مليارات دولار.

أما الخبير المصرفي، د. أحمد آدم، فيرى، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن السياسة النقدية تسير في اتجاه صحيح، وأن المسؤولية يجب ألا يتحملها المصرف المركزي فقط، بل يجب أن تتضامن معه الحكومة باتباع سياسة ترشيد الاستيراد لتخفيض فاتورته المكلفة، وزيادة الإنتاج لتشجيع التصدير، وترشيد الدعم، خاصة الطاقة.

وقال محافظ المصرف المركزي الأسبق ورئيس بنك مصر إيران للتنمية حالياً، إسماعيل حسن، لـ"العربي الجديد"، إن سعر الدولار تحسّن عالمياً أمام العملات الأخرى، نتيجة تحسن الاقتصاد الأميركي، وبالتالي ارتفاع سعره في مصر كان طبيعياً.

وأكد الخبير الاقتصادي، د. مختار الشريف، لـ"العربي الجديد"، أن السوق السوداء للعملة تختفي في حالة واحدة فقط وهي عندما يكون سعر العملة معبّراً عن قيمة حقيقية.

وأشار إلى أنه طالما لا تستطيع الحكومة توفير الدولار، فإن السوق السوداء ستستمر وتواصل

الارتفاع.

وقال الخبير الاقتصادي، صلاح علوي، إن زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه ستؤثر على خدمة الدين العام، ومن المتوقع ارتفاعه بنسبة تغيّر سعر الصرف نفسها، خاصة الدين الخارجي، مشدداً على أهمية محاربة السوق السوداء وإحداث حالة من الاستقرار في سوق العملات.

وأوضح أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن زيادة سعر الدولار لن تسهم في القضاء على السوق السوداء، بل على العكس سترتفع الأسعار أكثر، موضحاً أن وجود السوق الموازية يرجع إلى فشل السياسات النقدية التي يتبعها المصرف المركزي.

وأكد عضو مجلس إدارة شركة أصول للوساطة، إيهاب سعيد، أن الأسهم الدولارية هي الرابح الأكبر جراء هذا الارتفاع وسيزيد من قيمتها السوقية، ولكن أزمة السيولة الدولارية ستؤثر بالسلب على أحجام تداول هذه الأسهم وانخفاض قوة الشراء عليها.

وحوّل ارتفاع أسعار الدولار بعض المصريين إلى استخدامه كمخزن للقيمة وملاذ آمن، مثل الذهب والعقارات، وبالتالي يتوقع استمرار السوق السوداء للورقة الخضراء.

وقال الخبير الاقتصادي، محمد النجار، إن التراجع الشديد الذي بلغه الجنيه المصري جعله منفّراً لمَن يملكه، وبالتالي سيساهم ذلك في مزيد من التحوّل إلى الدولار، للحفاظ على قيمة المدخرات.

فيما أكد الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، لـ"العربي الجديد"، أنه حينما يكون السعر الرسمي مثل غير الرسمي أو قريب جداً منه، فإن المستثمر يستطيع أن يبني دراسات صحيحة لمشاريعه واستثماراته.

اما أستاذ إدارة الأعمال بجامعة 6 اكتوبر، محمد فؤاد، فقال لـ"العربي الجديد"، إن ما يهم

المستثمر ليس فقط استقرار السياسات النقدية، وإنما وجود تشريعات وحكومة مستقرة، وليس اضطرابات سياسية وتردٍ في الأوضاع الأمنية، وعدم وجود شفافية، كما يحدث الآن.

وأكد أن المستثمر الأجنبي يضع أمامه عدة مؤشرات اقتصادية، ومنها مدى قوة العملة ونسبة عجز الموازنة والاحتياطي النقدي وقانون الاستثمار، مؤكداً أن خفض العملة لن يفلح في جذب استثمارات جديدة أو إغراء المستثمرين إذا استمر التراجع الاقتصادي وتصاعد الاضطرابات.

وستؤثر السوق السوداء للدولار سواء بالسلب أو الإيجاب على رغبات المستثمرين في البورصة، حسب خبير أسواق المال، وائل النحاس، الذي أكد أن المستثمرين ينتظرون استقرار سعر العملة المحلية لاتخاذ قرارات صائبة، مشيراً إلى أن تراجع الجنيه سينشّط البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة.

المساهمون