استقبال منتج الفنان السوري غربياً بعد 2011

05 يناير 2018
("كوكب سورية"، عمل لـ تمّام عزام)
+ الخط -

دار في 2017 بين المشتغلين في الفن السوري والمتابعين له، نقاشٌ في غاية الأهمية حول استقبال منتج الفنان السوري، وطريقة التعاطي معه في مختلف الأماكن حول العالم. وغالباً ما يطرح سؤال موازٍ لهذا النقاش؛ هل هذا الاستقبال يرتبط بالقيمة أم بعوامل أخرى؟ للإجابة عن السؤال السابق، لا بد من تسجيل ملاحظات سريعة، وإن كانت بديهية، لكن غالباً ما يتم تجاهلها في مثل هذه النقاشات.

أولاها يكمن في طبيعة حضور الفنان السوري خارج حدود بلده قبل عام 2011، والذي لا يمكن وصفه إلا بأنه حضور شكلي ومحدود، يرتبط تارة بعلاقات "وزارة الثقافة" وبالتبادلات الثقافية الرسمية الرثّة، التي لا يغفل عن أحد آليات انتقائها وترشيحاتها، وتارة بجمعيات صغيرة تقوم بدعوة فنان ما لعرض أعماله، وغالباً ما يقتصر الحضور على العشرات في أحسن الأحوال.

ثانياً، يبدو من طبيعة النقاش أن هناك نظرة ناتجة عن قصور معرفي بآليات عمل المؤسسات الغربية، إضافة إلى إيمان أعمى بجودة اختياراتها، وهذا يمكن فهمه ويعزى إلى حالة العزلة الطويلة التي عاشها الفنان السوري. لكن ما لا يمكن فهمه عند الحديث عن الجودة هو استمرار غياب الحديث النقدي والاكتفاء بالردح والتذمّر، وعملية المحاكمة غالباً ما تتم بمعايير الإنتاج في الزمن الرديء.

ثالثاً، يبدو أن بعض المتذمرين من هذه الظاهرة، هم أكثر من تنطبق عليهم هذه القاعدة، ومعظمهم اشتغل بين الزمنين؛ ما قبل 2011 وما بعدها، فهو يقيس بالمعايير البالية، وأحياناً بنفس ذهنية "الأمانة العامة لاحتفالية دمشق".

دعم وتشجيع الفنان السوري طبيعي جداً، العكس هو أمر يتوجب التوقف عنده والاستفسار عنه ووضع علامات الاستفهام حوله، هذا جرى سابقاً مع الفنانين العراقيين والفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم.

لا بد من الاحتكاك بهذه المؤسسات الثقافية وبتجاربها، وبالاطلاع على عملها خارج معادلة ضحية/ متعاطف لفهمها ونقدها، وهذا ما سينتج جيلاً من الفنانين بتنا نرى ما يبشر من إنتاجاته في التشكيل والموسيقى والسينما والنحت. لكن قبل ذلك لا بد من نقد وتفنيد نتاج نصف قرن كُرّست فيه أسماء في الأدب والفن والموسيقى، إضافة إلى نبش ما تم تجاهله وكبته، ومن ثم محاولة إعادة الاعتبار له. طبعاً هنا سيتورّط الفنان السوري بالدخول في نفق طويل قد لا يخرج منه مجرداً من مسلمات وقناعات شاب عليها.

المساهمون