24 سبتمبر 2020
استفتاء كردستان وأسئلة معلقة
مثل كل شيء فى عالمنا المضطرب، خصوصاً في الشرق الأوسط المشتعل بالحروب والصراعات، جرى الاستفتاء في إقليم كردستان العراق في سبتمبر/ أيلول الماضي بشأن تقرير مصير الإقليم الذي يعيش فيه أكثر من خمسة ملايين مواطن كردي على أرضهم، في ظل حكم ذاتي في إطار دولة العراق. وشارك في الاستفتاء أكثر من 72% من المواطنين الذين لهم حق التصويت، وأسفر عن الموافقة بنسبة تجاوزت 92% على الاستقلال عن دولة العراق، وإقامة دولة كردستان المستقلة، تحقيقاً لحلم قومي كردي طال انتظاره. ولكن الاستفتاء لم يؤدِّ إلى إقامة الدولة الكردية المستقلة، ولا بقيت الأوضاع بالنسبة لعلاقة الإقليم بحكومة بغداد كما كانت منذ إقرار دستور العراق الاتحادي في العام 2005، والذي أقر الحكم الذاتي لإقليم كردستان. توترت الأوضاع، واضطربت بشدة، وتطور الأمر إلى تحرك عسكري مباشر من حكومة العراق، بدأ بفرض السيطرة العسكرية على المناطق التي كانت تعرف بأنها مناطق متنازع عليها بين الإقليم والحكومة المركزية. وكانت تحت سيطرة قوات البشمركة الكردية منذ العام 2014، وخصوصا كامل محافظة كركوك، ذات الوضع الخاص للطرفين، بالإضافة إلى أنها من أهم مناطق النفط في شمال العراق (حوالى 20% من نفط الشمال)، وأيضاً هي مدينة متعدّدة العرقيات ما بين عرب وكرد وتركمان وصابئة، وغيرهم. وامتدت سيطرة قوات الحكومة العراقية، ومعها قوات الحشد الشعبي الشيعي المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، تحت الإشراف المباشر لقائد فيلق القدس قاسم سليماني على كل المناطق المتنازع عليها، ووصلت إلى حدود عاصمة الإقليم أربيل. وهكذا أصبحت لدينا قضية جديدة تنذر بتجديد صراع قديم.
تجعلنا تلك التطورات المتلاحقة، وما آلت إليه الأمور، أمام مجموعة من الأسئلة المعلقة تبحث عن إجابات منطقية، أولها متعلق بالقيادات الكردية في أربيل، وفي مقدمهم رئيس الإقليم، المُلا مسعود البارزاني، وحكومة الإقليم وبرلمانه، وأيضاً التنسيق الذي تم بين قيادات الحزبين
الرئيسيين، الديمقراطي في أربيل والاتحادي في السليمانية، وهي قيادات محنكة ومحترفة، ولها من التجارب الطويلة ما يجعلها قادرةً على تقدير المواقف وردود الأفعال المحلية، والإقليمية، والدولية جيداً. ولماذا لم تأخذ تلك القيادات كل التحذيرات، المحلية من الحكومة الاتحادية فى بغداد، والإقليمية الحادة من تركيا وإيران، والتحفظات الدولية، خصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية، لماذا لم تأخذ كل تلك التحذيرات بعدم إجراء الاستفتاء، أو على أقل تقدير، تأجيله، على محمل الجد؟ وهل كان ذلك مجرد سوء تقدير، أم أن تلك القيادات تلقت تطمينات مباشرة، أو غير مباشرة، أن الاستفتاء سيمر؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن أين جاءت تلك التطمينات؟ تلك أول التساؤلات المعلقة؟
السؤال الثاني المعلق.. كيف جاء التحرك العسكري السريع للقوات العراقية، ومعها قوات الحشد الشعبي، وهي لم تكد تنفض يدها من معاركها مع قوات تنظيم الدولة الإسلامية وعناصره، ولا زالت تطارد بعض فلوله وجيوبه، لتجتاح المناطق المتنازع عليها مع الكرد، وهي مناطق واسعة تزيد على 20 ألف كلم2. وفي المقابل، الانسحاب السريع، من دون قتال أو اشتباك، لقوات البشمركة إلى داخل حدود إقليم كردستان العراق المتعارف عليها منذ عامي 1999 و2003، وتوقف القوات العراقية الحكومية عند تلك الحدود؟ وهنا يثور سؤال: هل كان ذلك باتفاق سري، أو ضمني، بين أربيل وبغداد، خصوصاً في ظل الموقف الأميركي الغامض، بإعلان أميركا أنها تقف على الحياد بين الطرفين؟ ثم بعد ذلك تأتي الدعوات إلى الحوار الذي أصبحت كل الأطراف مستعدة له.. وتبقى الأسئلة أيضاً معلقة.
يبقى سؤال متعلق بالأطراف الخارجية: الموقف التركي الرافض لفكرة الاستفتاء، وإقامة دولة كردية مستقلة على حدود تركيا، وفيها ما يزيد على 16 مليون كردي. وفي الوقت نفسه،
تعاملت مع تطورات الموقف، بعد التحرك العسكري العراقي المدعوم إيرانياً بشيء من التحفظ، وأعلنت عن استمرار صداقتها للشعب الكردي في العراق، ودعمها له. ثم الأهم، والمتعلق بكل من دولة العدو الإسرائيلي، والتي ظهر علمها في تظاهرات كردية صاحبت عملية الاستفتاء، وهو أمر لم يكن خافياً على القيادات الكردية، وكذلك الدعم الإسرائيلي الدولي والمعلن للاستفتاء ولاستقلال كردستان العراق، وما يعنيه ذلك من إشارات موجهة إلى إيران ولحكومة العراق، بل وللمنطقة العربية كلها. والموقف الأميركي من الحضور الإيراني المادي والواضح، خصوصاً على المستوى العسكري، والأنباء عن وجود قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في كركوك، وتحركاته.. وهل ستقبل أميركا بهذا الحضور.
إلى أين ستصل قضية كردستان العراق المعلقة؟ وهل سنجد إجابات عن الأسئلة المعلقة أيضاً؟ وما هو تفسير تحركات رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، العربية أخيراً، وخصوصاً في العربية السعودية، وما أعلنه عن إنشاء مجلس تنسيق مشترك، بمباركة الولايات المتحدة، وحضور وزير خارجيتها، ريكس تيلرسون، وأعقب العبادي ذلك بزيارتين إلى القاهرة وعمّان؟
هل عاد الحلم القومي الكردي بإنشاء دولة مستقلة إلى المربع الأول، بسبب إصرار البارزاني على تنظيم الاستفتاء؟ أم هناك ما خفي، وما هو وراء الأكمة، وأن الاستفتاء كان خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إقامة دولة كردية مستقلة، تمثل حاجزاً بين إيران والمشرق العربي؟ وفي إطار المشروع الأميركي الأوسع لإعادة هيكلة الشرق الأوسط إلى جوار، أو ضمن، صفقة القرن المزمعة للقضية الفلسطينية.
تجعلنا تلك التطورات المتلاحقة، وما آلت إليه الأمور، أمام مجموعة من الأسئلة المعلقة تبحث عن إجابات منطقية، أولها متعلق بالقيادات الكردية في أربيل، وفي مقدمهم رئيس الإقليم، المُلا مسعود البارزاني، وحكومة الإقليم وبرلمانه، وأيضاً التنسيق الذي تم بين قيادات الحزبين
السؤال الثاني المعلق.. كيف جاء التحرك العسكري السريع للقوات العراقية، ومعها قوات الحشد الشعبي، وهي لم تكد تنفض يدها من معاركها مع قوات تنظيم الدولة الإسلامية وعناصره، ولا زالت تطارد بعض فلوله وجيوبه، لتجتاح المناطق المتنازع عليها مع الكرد، وهي مناطق واسعة تزيد على 20 ألف كلم2. وفي المقابل، الانسحاب السريع، من دون قتال أو اشتباك، لقوات البشمركة إلى داخل حدود إقليم كردستان العراق المتعارف عليها منذ عامي 1999 و2003، وتوقف القوات العراقية الحكومية عند تلك الحدود؟ وهنا يثور سؤال: هل كان ذلك باتفاق سري، أو ضمني، بين أربيل وبغداد، خصوصاً في ظل الموقف الأميركي الغامض، بإعلان أميركا أنها تقف على الحياد بين الطرفين؟ ثم بعد ذلك تأتي الدعوات إلى الحوار الذي أصبحت كل الأطراف مستعدة له.. وتبقى الأسئلة أيضاً معلقة.
يبقى سؤال متعلق بالأطراف الخارجية: الموقف التركي الرافض لفكرة الاستفتاء، وإقامة دولة كردية مستقلة على حدود تركيا، وفيها ما يزيد على 16 مليون كردي. وفي الوقت نفسه،
إلى أين ستصل قضية كردستان العراق المعلقة؟ وهل سنجد إجابات عن الأسئلة المعلقة أيضاً؟ وما هو تفسير تحركات رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، العربية أخيراً، وخصوصاً في العربية السعودية، وما أعلنه عن إنشاء مجلس تنسيق مشترك، بمباركة الولايات المتحدة، وحضور وزير خارجيتها، ريكس تيلرسون، وأعقب العبادي ذلك بزيارتين إلى القاهرة وعمّان؟
هل عاد الحلم القومي الكردي بإنشاء دولة مستقلة إلى المربع الأول، بسبب إصرار البارزاني على تنظيم الاستفتاء؟ أم هناك ما خفي، وما هو وراء الأكمة، وأن الاستفتاء كان خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إقامة دولة كردية مستقلة، تمثل حاجزاً بين إيران والمشرق العربي؟ وفي إطار المشروع الأميركي الأوسع لإعادة هيكلة الشرق الأوسط إلى جوار، أو ضمن، صفقة القرن المزمعة للقضية الفلسطينية.