استفتاء دستور مصر: دعاية قسرية وزيادة مكافآت القضاة

07 ابريل 2019
انتشرت لافتات الدعاية لتأييد الدستور في مختلف المحافظات(العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسية مصرية أن "الهيئة الوطنية للانتخابات" قررت زيادة مكافأة القضاة المشرفين على استفتاء تعديل الدستور المرتقب، إلى تسعة آلاف جنيه (520 دولاراً) للقاضي لأيام الاستفتاء الثلاثة للإشراف على اللجنة الفرعية، وإلى 15 ألف جنيه للقاضي للإشراف على اللجنة العامة. وأشارت إلى أن الاستفتاء قد يُحمل موازنة الدولة أكثر من مليار و200 مليون جنيه، كلفة مكافآت القضاة والموظفين والإداريين، ومصاريف تأمين اللجان، وبدلات وتنقلات ضباط وأفراد الجيش والشرطة، وطباعة بطاقات الاقتراع.

وقالت المصادر في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن زيادة مكافآت القضاة قد تصل إلى الضعف في مواجهة الدعوات الخافتة لمقاطعة الإشراف على الاستفتاء الصادرة من عدد من قضاة مجلس الدولة، احتجاجاً على حذف اختصاص المجلس في مراجعة العقود الحكومية، وكذلك مراجعة جميع التشريعات قبل إقرارها، مبينة أن المكافآت تزداد بالنسبة للقضاة المشرفين على لجان محافظة شمال سيناء لتتراوح بين 18 و27 ألف جنيه.

وأفادت المصادر بأن هناك تكليفات من أجهزة "سيادية" إلى المحافظين، بعمل ملصقات دعاية انتخابية أمام الأبنية، وفي الميادين والشوارع الرئيسية، وكذلك المدارس والمصالح الحكومية، لدعوة المواطنين للتصويت بـ"نعم" على تعديلات الدستور، التي تستهدف زيادة مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، والسماح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالبقاء في الحكم حتى عام 2034، بالإضافة إلى منحه العديد من الصلاحيات على حساب السلطة القضائية. ورجحت المصادر إجراء الاستفتاء على تعديلات الدستور خلال أيام 22 و23 و24 إبريل/ نيسان الحالي، بعد تمرير مقترح التعديل من مجلس النواب، بموافقة ثلثي الأعضاء خلال جلسات الأسبوع المقبل، لضعف المعارضة داخل البرلمان، لافتة إلى ممارسة السلطات الأمنية ضغوطها المعتادة على أصحاب المحالّ التجارية، والشركات، والمقاهي، والعمد والمشايخ في المحافظات، لكتابة لافتات مؤيدة للتعديلات الدستورية في الشوارع والميادين.

وعلى مدار اليومين الماضيين، انتشرت الآلاف من لافتات الدعاية لتأييد الدستور في مختلف المحافظات، مصحوبة بصور كبيرة للسيسي مُذيلة بشعارات مثل "كمل مشوارك"، في حين يتبارى عدد من رجال الأعمال، وأعضاء البرلمان، لإغراق الشوارع باللافتات التي تتجاوز كلفتها عشرات، وربما مئات ملايين الجنيهات، في وقت يقبع فيه نحو ثلث الشعب المصري تحت مستوى خط الفقر، حسب الإحصائيات الرسمية. ووفقاً للمصادر، فإن ضغوط الأجهزة الأمنية طاولت جميع الأحزاب الموالية، لدفعها بشكل "قسري" لتعليق المئات من اللافتات، على الرغم من مواجهة الأحزاب الصغيرة منها أزمات مالية نتيجة ضعف الموارد، منوهة بأن حزب "مستقبل وطن" حظي بنصيب الأسد من حيث كمّ الدعاية لتعديل الدستور، بوصفه مدعوماً من جهازي الاستخبارات العامة والحربية مالياً، ويشرف على أنشطته على الأرض جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية.


إلى ذلك، يستعدّ عدد من أصحاب المصالح الخاصة للقيام بوسائل مختلفة من الدعاية، من أجل حثّ الأهالي على النزول خلال أيام الاستفتاء، من بينها توزيع قمصان على الشباب مطبوع عليها صور السيسي، بهدف المرور بها في الشوارع، فضلاً عن توزيع حقائب مطبوع عليها صور الأخير على المحالّ التجارية كنوع من الدعاية، في إطار حثّ المواطنين على التصويت لصالح التعديل. وتوقعت المصادر أن تتطرق وسائل الدعاية خلال الأيام القليلة السابقة للاستفتاء، إلى إرهاب الأهالي تحت مزاعم "الغرامات المالية"، وهي ورقة أخيرة يلجأ لها النظام عادة لدفع الأهالي إلى التصويت، من خلال الترويج لتصريحات منسوبة إلى رئيس وأعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات، بشأن إرسال كشوف غير المصوتين إلى النيابة العامة، وفرض غرامة 500 جنيه على كل منهم، علاوة على نشر شائعة التهديد بـ"وقف بطاقة التموين" التي يستفيد منها الفقراء ومحدودو الدخل.

وتستعدّ بعض الأحزاب، التي ترتبط بمصالح اقتصادية مُباشرة مع السلطة الحاكمة، للقيام بحملة ترويجية تحت اسم "طرق الأبواب" في مراكز وقرى محافظات الصعيد والدلتا، لدعوة المواطنين إلى المشاركة في الاستفتاء، وخصوصاً أن هناك حالة من الغضب في هذه المحافظات من جراء تهميش الدولة لها، على وقع المشكلات الحياتية التي تواجه سكانها، وفي مقدمتها عدم وجود مياه شرب نظيفة أو شبكات للصرف الصحي. كما تعكف وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، على مدار الساعة، على مطالبة المواطنين بالتوجه خلال أيام الاستفتاء لتأييد الدستور، إلى جانب تكثيف الحوارات الإعلامية حول أهمية المشاركة في الاستفتاء، وإبراز عدد من المؤتمرات الشعبية التي ينظمها رجال الأعمال والنواب بحجة استعراض الإنجازات والمشاريع التنموية في المحافظات، في مواجهة بعض الدعوات المطالبة بالتصويت ضد تعديل الدستور، أو عدم النزول (المقاطعة). وازداد دور القوى السياسية والحزبية المرتبطة بالنظام للترويج لتعديلات الدستور، بعد دعوة بعض التيارات المحسوبة على المعارضة إلى رفض تلك التعديلات. وبالتزامن تصدر هاشتاغ "ارحل يا سيسي" على منصات التواصل الاجتماعي، لمطالبة المصريين بالنزول مجدداً إلى الشوارع بسبب فشل سياسات النظام، وتردي الأحوال المعيشية، استغلالاً لحالة الحراك التي تشهدها بعض دول الجوار، كالسودان والجزائر.