كاد العشريني السنغالي محمد دياني أن يفقد الأمل في نجاته من الموت في مياه البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إيطاليا، لكن تدخل سفينة بريطانية أنقذه هو و25 من رفاقه، بعدما كانوا بين الحياة والموت، كما يقول، غير أن معاناتهم لم تتوقف عند هذا الحد، بل استمروا أسبوعا في عرض البحر على متن سفينة إيطالية سلمتهم إليها السفينة البريطانية في انتظار الموافقة على دخول البلاد رغم حالتهم المتردية.
ولم يسعف الحظ 104 مهاجرين من رفاق دياني، كانوا معه في ذات الرحلة التي انطلقت من ليبيا في يناير/كانون الثاني 2019، وفقدوا حياتهم ليتحولوا إلى أرقام ضمن 753 مهاجرا توفوا وفقدوا في عرض البحر الأبيض المتوسط، من إجمالي 11471 مهاجرا في عام 2019، فيما توفي وفقد 1311 شخصا من بين 23370 مهاجرا في عام 2018، بينما كان عدد المتوفين والمفقودين 2873 من بين 119 ألف مهاجر في عام 2017 وفق إحصاء حصل عليه معد التحقيق من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتزايد خطر موت المهاجرين في عرض البحر، بعد تراجع ومنع سفن إنقاذ من إغاثة القوارب المحملة بالمهاجرين والمعرضة لخطر الغرق، خشية وقوع المشاركين في عمليات الإنقاذ تحت طائلة مخالفة القانون بعد إعلان ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي السابق في 10 يونيو/حزيران 2018 عن إغلاق الموانئ الإيطالية، ومنع هيئات ومنظمات الإغاثة الإيطالية وغيرها من تنظيم رحلات لتلبية نداء الإغاثة، وفق ما يؤكده الخبير بمنظمة الهجرة الدولية فرانشيسكو فاكيانو.
منع 22 منظمة إغاثية من العمل
رفض سالفيني منح تراخيص لسفن إنقاذ مملوكة لـ 22 منظمة إغاثة، ومنعها من الرسو في موانئ إيطاليا، وفق ما قاله على صفحته الرسمية على "فيسبوك" في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ومن بين المنظمات التي تم منعها من إنقاذ المهاجرين، "أوبن آرمز" (منظمة إسبانية غير حكومية) وكذلك "مديتيرانيا" (إيطالية)، والتي تعرضت سفينتان مملوكتان لها "أليكس" و"مديتيرانيا" للاحتجاز في ميناء ليكاتا على الساحل الجنوبي من جزيرة صقلية، بعد إنقاذهما 157 مهاجرا في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2019 وفق ما أكده الموقع الرسمي للمنظمة في 30 يناير الماضي.
اقــرأ أيضاً
وتعد سفينة مديتيرانيا التي زارتها "العربي الجديد" نتاجا لجهود شبكة مجتمع مدني، ترغب في تسليط الضوء على ما يقع في البحر الأبيض المتوسط من مآس، وإنقاذ المهددين بالغرق وفق ما يوضحه غاندولفو ألبانيزي المسؤول الإداري في السفينة التي أوفقتها السلطات الإيطالية في 22 أغسطس/آب الماضي.
ويوجد في السفينة، باحة لاستقبال الناجين من الغرق، ومستشفى صغير وتجهيزات للحالات العاجلة، ويروى ألبانيزي أن السفينة تلقت إشارة من مركب يتعرض للغرق في اتجاه مياه جزيرة صقلية بالقرب من المجال البحري لمالطا واتصلوا بخفر السواحل الإيطالي وطلبوا منه التدخل لبعد السفينة المستغيثة عن قواربه ساعة واحدة، في حين أن مديتيرانيا ستستغرق 7 ساعات، لكن الحكومة الإيطالية رفضت رغم أن 70 مهاجرا كانوا مهددين بالغرق.
وتخضع هذه السفن لعقوبات صارمة في حال مخالفتها لمرسوم سالفيني رقم 53 مكرر والذي تمت المصادقة عليه بشكل نهائي من قبل مجلس الشيوخ في 5 أغسطس الماضي، ليدخل حيز التنفيذ في التاسع من نفس الشهر، إذ تنص المادة الثانية منه على أن الغرامة المالية التي يؤديها قائد السفينة في حالة انتهاك حظر الدخول أو العبور أو التوقف في المياه الإقليمية الإيطالية 150ألف يورو كحد أدنى وتصل إلى مليون يورو كحد أقصى، ويتم الحجز على السفينة كعقوبة إضافية.
وبناء على هذه العقوبات، جرى تغريم كلوز بيتر ريش قبطان سفينة ماري إليونير التابعة للمنظمة الألمانية ماري إليونير (غير حكومية) 300 ألف يورو، بعد أن تم إيقاف السفينة في ميناء بوزالو جنوبي إيطاليا في سبتمبر/أيلول الماضي لدى تنفيذها عملية إنقاذ نهاية أغسطس الماضي وفق ما نشره القبطان على حسابه في "تويتر".
تزايد الخطر في عهد اليمين
زادت مخاطر موت المهاجرين القادمين عبر البحر المتوسط في اتجاه أوروبا وتحديدا إيطاليا، أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 6.6% خلال الفترة التي أمضاها سالفيني في منصب وزير الداخلية الإيطالي، علما بأنها ظلت عند حدود 2% مع ذروة توافد المهاجرين في الفترة ما بين 2014 و2016. وبقي الأمر كما هو حتى بعد أول انخفاض مهم للمهاجرين بعد منتصف عام 2017 وفق ما يؤكده ماتيو فيلا، الباحث الأكاديمي، في المعهد الأوروبي للدراسات السياسية الدولية "إسبي"، قائلا لـ"العربي الجديد" بعد خروج سالفيني من الحكومة ومجيء، لوتشانا لاموردجيزي بدلا منه، انخفض الخطر مرة أخرى على مدار الخمسة أشهر الماضية ليصل إلى 1.3%.
ومع انخفاض إجمالي عدد المغادرين من ليبيا بنسبة 60% خلال فترة ولاية سالفيني منذ منتصف يونيو/حزبران 2018 وحتى سبتمبر/أيلول 2019 زاد عدد الغرقى والمفقودين بنحو 20%، من 1168 وحتى 1385 في نفس الفترة بحسب فيلا، مؤكدا أن هذا يدل على أن إزالة جميع عوامل الإغاثة والبحث والإنقاذ من وسط البحر المتوسط، زادت خطر الموت خلال رحلات العبور.
الأعداد السابقة، لا يجد الخبير في شؤون الهجرة فاكيانو وصفا لها، سوى أنها مهولة ومثيرة للأسى بشكل كبير، قائلا: "كأننا أمام حي سكني تم إفراغه من أهله"، مضيفا لـ"العربي الجديد": "المعلومات بشأن المفقودين الذين لم يتم الوصول إليهم في أعماق البحر الأبيض المتوسط، أو لم تحدد هويتهم، لم يتم الإفصاح عنها من قبل وزارة الداخلية الإيطالية".
منظمات الإغاثة بين نارين
عملت إيطاليا على إلزام المنظمات الأهلية التي تقوم سفنها بإغاثة المهاجرين، بـ"كود عمل" يقوم على ضرورة الالتزام بعدم إرسال إشارات ضوئية، لتسهيل دخول وخروج السفن، التي تنقل المهاجرين، بقصد عدم تسهيل الاتصالات مع الأشخاص المشاركين في الاتجار بالمهاجرين.
ويقع المسؤولون عن سفن الإنقاذ، بين نارين، إذ إنهم يعملون على احترام الحق في الحياة الذي تنص عليه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لكن الالتزام بقواعد العمل قد يضع القائمين على سفينة الإنقاذ في خانة مهربي البشر، وفق ما يؤكده، تشيزار بيتيا الناشط الحقوقي، والباحث في جمعية الدراسات حول الهجرة وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة ميلانو لـ"العربي الجديد".
ويندرج عدم الاستجابة لإنقاذ قوارب المهاجرين المهددة بالغرق ضمن المعاملة غير الإنسانية التي تحظرها المادتان الاولى والثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بحسب بيتيا، والذي لفت إلى أن إيطاليا تتجاهل التزاماتها الدولية القانونية، عندما ترفض الاستجابة لمهاجرين يستغيثون خشية الغرق، بسبب قانون سالفيني.
ويوضح بيتيا أن الالتزامات الدولية القانونية لإيطاليا، ظلت ملتبسة مع مرسوم سالفيني المكرر والذي يجسد عنفا تجاه القانون الدولي، لأنه يمنع إنقاذ بشر مهددين بالموت، أو في وضع خطر بسبب تعرضهم لإمكانية التعذيب، إذا ما عادوا إلى ليبيا وهو مكان غير آمن كليا.
لكن يوهانس باير رئيس بعثة سفينة سيي ووتش 3 الألمانية، يقول لـ"العربي الجديد": "على الرغم من السياسة الأوروبية والسلوك العنيف لما يسمى بخفر السواحل الليبي، إلا أننا ما زالنا نشتغل في البحر برفقة سفن المنظمات غير الحكومية الأخرى نبحث ونلبي طلبات الإغاثة، ونبحث عن الرسو في ميناء قريب.
وتعرضت قبطانة سفينة سيي ووتش 3، كارولا راكيتي، لغرامة مالية قدرها 50 ألف يورو بناء على المرسوم الأول رقم 113 الذي أصدره سالفيني في الـ4 من أكتوبر/تشرين الأول 2018، والذي قضى بفرض غرامة مالية، تتراوح بين 10 آلاف يورو و50 ألف يورو، بعد رسوها بالسفينة على ميناء لامبيدوزا جنوبي إيطاليا في 29 يونيو 2019 لإنقاذ 40 مهاجرا ومنهم العشريني السنغالي أداما مامادو، الذي اطمأن قلبه بعد تحدي قبطانة السفينة للمرسوم، وتجنيبه خطر العودة إلى ليبيا حيث الحرب والتعذيب من قبل مهربي البشر كما يقول لـ"العربي الجديد".
محاكمة سالفيني
طالب برلمانيون من حركة خمسة نجوم والحزب الديمقراطي برفع الحصانة البرلمانية عن زعيم عصبة الشمال سالفيني ومقاضاته، غير أن لجنة رفع الحصانة طالبت بما يثبت الضرر الذي أحدثه قراره بمنع 116 مهاجرا كانوا على متن سفينة "غيرغوريتي" التابعة لخفر السواحل الإيطاليين من النزول منها لعدة أيام.
ويؤيد القيادي والناشط السياسي بحزب حركة خمسة نجوم، دجوفانّي ماتاريزي، "ضرورة كبح جماح سالفيني بخصوص سياسته تجاه المهاجرين"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن رفع الحصانة عن سالفيني ومحاكمته بشأن ما جرى لسفينة غريغوريتي من شأنه أن يفرمل تلك السياسات بعدما اتهمت محكمة في كاتانيا (صقلية) سالفيني بـ"استغلال السلطة وفي حال ثبوت التهم فإنه يواجه السجن 15 عاما".
لكن ماتاريزي، ينصح بأخذ الحذر من سالفيني، فقد تصبح القضية في صالحه إعلاميا إذ صادق مجلس الشيوخ في 13 فبراير/ شباط على إحالته على محكمة الوزراء، بقصر مداما، بكاتانيا، وهو ما سيستغله ليبدو كالضحية، وقد يزيد الأمر من شعبيته ويتمكن من ترسيخ فكرة أنه يهدف إلى حماية البلاد أمنيا عبر منع سفن إنقاذ المهاجرين من العمل والتضييق عليها، وهذا الأمر قد يزيد أصواته الانتخابية، وهو ما يصبو إليه دائما عبر استعمال موضوع الهجرة في ماكينته الدعائية.
ولم يسعف الحظ 104 مهاجرين من رفاق دياني، كانوا معه في ذات الرحلة التي انطلقت من ليبيا في يناير/كانون الثاني 2019، وفقدوا حياتهم ليتحولوا إلى أرقام ضمن 753 مهاجرا توفوا وفقدوا في عرض البحر الأبيض المتوسط، من إجمالي 11471 مهاجرا في عام 2019، فيما توفي وفقد 1311 شخصا من بين 23370 مهاجرا في عام 2018، بينما كان عدد المتوفين والمفقودين 2873 من بين 119 ألف مهاجر في عام 2017 وفق إحصاء حصل عليه معد التحقيق من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتزايد خطر موت المهاجرين في عرض البحر، بعد تراجع ومنع سفن إنقاذ من إغاثة القوارب المحملة بالمهاجرين والمعرضة لخطر الغرق، خشية وقوع المشاركين في عمليات الإنقاذ تحت طائلة مخالفة القانون بعد إعلان ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي السابق في 10 يونيو/حزيران 2018 عن إغلاق الموانئ الإيطالية، ومنع هيئات ومنظمات الإغاثة الإيطالية وغيرها من تنظيم رحلات لتلبية نداء الإغاثة، وفق ما يؤكده الخبير بمنظمة الهجرة الدولية فرانشيسكو فاكيانو.
منع 22 منظمة إغاثية من العمل
رفض سالفيني منح تراخيص لسفن إنقاذ مملوكة لـ 22 منظمة إغاثة، ومنعها من الرسو في موانئ إيطاليا، وفق ما قاله على صفحته الرسمية على "فيسبوك" في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ومن بين المنظمات التي تم منعها من إنقاذ المهاجرين، "أوبن آرمز" (منظمة إسبانية غير حكومية) وكذلك "مديتيرانيا" (إيطالية)، والتي تعرضت سفينتان مملوكتان لها "أليكس" و"مديتيرانيا" للاحتجاز في ميناء ليكاتا على الساحل الجنوبي من جزيرة صقلية، بعد إنقاذهما 157 مهاجرا في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2019 وفق ما أكده الموقع الرسمي للمنظمة في 30 يناير الماضي.
وتعد سفينة مديتيرانيا التي زارتها "العربي الجديد" نتاجا لجهود شبكة مجتمع مدني، ترغب في تسليط الضوء على ما يقع في البحر الأبيض المتوسط من مآس، وإنقاذ المهددين بالغرق وفق ما يوضحه غاندولفو ألبانيزي المسؤول الإداري في السفينة التي أوفقتها السلطات الإيطالية في 22 أغسطس/آب الماضي.
وتخضع هذه السفن لعقوبات صارمة في حال مخالفتها لمرسوم سالفيني رقم 53 مكرر والذي تمت المصادقة عليه بشكل نهائي من قبل مجلس الشيوخ في 5 أغسطس الماضي، ليدخل حيز التنفيذ في التاسع من نفس الشهر، إذ تنص المادة الثانية منه على أن الغرامة المالية التي يؤديها قائد السفينة في حالة انتهاك حظر الدخول أو العبور أو التوقف في المياه الإقليمية الإيطالية 150ألف يورو كحد أدنى وتصل إلى مليون يورو كحد أقصى، ويتم الحجز على السفينة كعقوبة إضافية.
وبناء على هذه العقوبات، جرى تغريم كلوز بيتر ريش قبطان سفينة ماري إليونير التابعة للمنظمة الألمانية ماري إليونير (غير حكومية) 300 ألف يورو، بعد أن تم إيقاف السفينة في ميناء بوزالو جنوبي إيطاليا في سبتمبر/أيلول الماضي لدى تنفيذها عملية إنقاذ نهاية أغسطس الماضي وفق ما نشره القبطان على حسابه في "تويتر".
تزايد الخطر في عهد اليمين
زادت مخاطر موت المهاجرين القادمين عبر البحر المتوسط في اتجاه أوروبا وتحديدا إيطاليا، أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 6.6% خلال الفترة التي أمضاها سالفيني في منصب وزير الداخلية الإيطالي، علما بأنها ظلت عند حدود 2% مع ذروة توافد المهاجرين في الفترة ما بين 2014 و2016. وبقي الأمر كما هو حتى بعد أول انخفاض مهم للمهاجرين بعد منتصف عام 2017 وفق ما يؤكده ماتيو فيلا، الباحث الأكاديمي، في المعهد الأوروبي للدراسات السياسية الدولية "إسبي"، قائلا لـ"العربي الجديد" بعد خروج سالفيني من الحكومة ومجيء، لوتشانا لاموردجيزي بدلا منه، انخفض الخطر مرة أخرى على مدار الخمسة أشهر الماضية ليصل إلى 1.3%.
ومع انخفاض إجمالي عدد المغادرين من ليبيا بنسبة 60% خلال فترة ولاية سالفيني منذ منتصف يونيو/حزبران 2018 وحتى سبتمبر/أيلول 2019 زاد عدد الغرقى والمفقودين بنحو 20%، من 1168 وحتى 1385 في نفس الفترة بحسب فيلا، مؤكدا أن هذا يدل على أن إزالة جميع عوامل الإغاثة والبحث والإنقاذ من وسط البحر المتوسط، زادت خطر الموت خلال رحلات العبور.
الأعداد السابقة، لا يجد الخبير في شؤون الهجرة فاكيانو وصفا لها، سوى أنها مهولة ومثيرة للأسى بشكل كبير، قائلا: "كأننا أمام حي سكني تم إفراغه من أهله"، مضيفا لـ"العربي الجديد": "المعلومات بشأن المفقودين الذين لم يتم الوصول إليهم في أعماق البحر الأبيض المتوسط، أو لم تحدد هويتهم، لم يتم الإفصاح عنها من قبل وزارة الداخلية الإيطالية".
منظمات الإغاثة بين نارين
عملت إيطاليا على إلزام المنظمات الأهلية التي تقوم سفنها بإغاثة المهاجرين، بـ"كود عمل" يقوم على ضرورة الالتزام بعدم إرسال إشارات ضوئية، لتسهيل دخول وخروج السفن، التي تنقل المهاجرين، بقصد عدم تسهيل الاتصالات مع الأشخاص المشاركين في الاتجار بالمهاجرين.
ويقع المسؤولون عن سفن الإنقاذ، بين نارين، إذ إنهم يعملون على احترام الحق في الحياة الذي تنص عليه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لكن الالتزام بقواعد العمل قد يضع القائمين على سفينة الإنقاذ في خانة مهربي البشر، وفق ما يؤكده، تشيزار بيتيا الناشط الحقوقي، والباحث في جمعية الدراسات حول الهجرة وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة ميلانو لـ"العربي الجديد".
ويندرج عدم الاستجابة لإنقاذ قوارب المهاجرين المهددة بالغرق ضمن المعاملة غير الإنسانية التي تحظرها المادتان الاولى والثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بحسب بيتيا، والذي لفت إلى أن إيطاليا تتجاهل التزاماتها الدولية القانونية، عندما ترفض الاستجابة لمهاجرين يستغيثون خشية الغرق، بسبب قانون سالفيني.
ويوضح بيتيا أن الالتزامات الدولية القانونية لإيطاليا، ظلت ملتبسة مع مرسوم سالفيني المكرر والذي يجسد عنفا تجاه القانون الدولي، لأنه يمنع إنقاذ بشر مهددين بالموت، أو في وضع خطر بسبب تعرضهم لإمكانية التعذيب، إذا ما عادوا إلى ليبيا وهو مكان غير آمن كليا.
لكن يوهانس باير رئيس بعثة سفينة سيي ووتش 3 الألمانية، يقول لـ"العربي الجديد": "على الرغم من السياسة الأوروبية والسلوك العنيف لما يسمى بخفر السواحل الليبي، إلا أننا ما زالنا نشتغل في البحر برفقة سفن المنظمات غير الحكومية الأخرى نبحث ونلبي طلبات الإغاثة، ونبحث عن الرسو في ميناء قريب.
وتعرضت قبطانة سفينة سيي ووتش 3، كارولا راكيتي، لغرامة مالية قدرها 50 ألف يورو بناء على المرسوم الأول رقم 113 الذي أصدره سالفيني في الـ4 من أكتوبر/تشرين الأول 2018، والذي قضى بفرض غرامة مالية، تتراوح بين 10 آلاف يورو و50 ألف يورو، بعد رسوها بالسفينة على ميناء لامبيدوزا جنوبي إيطاليا في 29 يونيو 2019 لإنقاذ 40 مهاجرا ومنهم العشريني السنغالي أداما مامادو، الذي اطمأن قلبه بعد تحدي قبطانة السفينة للمرسوم، وتجنيبه خطر العودة إلى ليبيا حيث الحرب والتعذيب من قبل مهربي البشر كما يقول لـ"العربي الجديد".
محاكمة سالفيني
طالب برلمانيون من حركة خمسة نجوم والحزب الديمقراطي برفع الحصانة البرلمانية عن زعيم عصبة الشمال سالفيني ومقاضاته، غير أن لجنة رفع الحصانة طالبت بما يثبت الضرر الذي أحدثه قراره بمنع 116 مهاجرا كانوا على متن سفينة "غيرغوريتي" التابعة لخفر السواحل الإيطاليين من النزول منها لعدة أيام.
ويؤيد القيادي والناشط السياسي بحزب حركة خمسة نجوم، دجوفانّي ماتاريزي، "ضرورة كبح جماح سالفيني بخصوص سياسته تجاه المهاجرين"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن رفع الحصانة عن سالفيني ومحاكمته بشأن ما جرى لسفينة غريغوريتي من شأنه أن يفرمل تلك السياسات بعدما اتهمت محكمة في كاتانيا (صقلية) سالفيني بـ"استغلال السلطة وفي حال ثبوت التهم فإنه يواجه السجن 15 عاما".
لكن ماتاريزي، ينصح بأخذ الحذر من سالفيني، فقد تصبح القضية في صالحه إعلاميا إذ صادق مجلس الشيوخ في 13 فبراير/ شباط على إحالته على محكمة الوزراء، بقصر مداما، بكاتانيا، وهو ما سيستغله ليبدو كالضحية، وقد يزيد الأمر من شعبيته ويتمكن من ترسيخ فكرة أنه يهدف إلى حماية البلاد أمنيا عبر منع سفن إنقاذ المهاجرين من العمل والتضييق عليها، وهذا الأمر قد يزيد أصواته الانتخابية، وهو ما يصبو إليه دائما عبر استعمال موضوع الهجرة في ماكينته الدعائية.