استسهال اتهام "داعش" بتفجيرات القاهرة: غطاء مجاني للمجموعات المسلحة

25 سبتمبر 2015
انفجار مبنى الأمن الوطني في شبرا (العربي الجديد)
+ الخط -
يحذّر باحثون وخبراء أمنيون مصريون، من السياسة التي تتبعها السلطات المصرية في التعامل مع أحداث التفجيرات التي تُعلن عنها بعد وقوعها، في محافظات القاهرة الكبرى وخارج المحافظات الحدودية الشرقية في شبه جزيرة سيناء، والغربية في مطروح والواحات.

يقول خبير سياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية لـ"العربي الجديد"، إنّ "تسرّع الأجهزة الأمنية والسلطات في إعلان مسؤولية تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، عن كل حادثة أو تفجير، يمكن أن يعطي غطاءً مثالياً لأفراد أو مجموعات صغيرة، لتنفيذ مثل هذه الحوادث، وهي في مأمن"، مضيفاً أنّ "لجوء السلطات إلى استسهال الإعلان عن تنفيذ داعش لهذه الحوادث المحدودة حتى الآن، من دون وجود دلائل وإثباتات حقيقية على ذلك، قد يغري جهات كثيرة، لاستغلال الموقف وتنفيذ عمليات وتفجيرات أكبر، وهو في حال حدوثه، سينتج بكل تأكيد، وضعاً كارثياً على مصر، يمتد تأثيره إلى الدول المجاورة".

بدوره، يعتبر مساعد سابق لوزير الداخلية المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المبالغة الأمنية والإعلامية، في تحميل داعش مسؤولية كل تفجير، في ظل ضعف السيطرة على الوضع الأمني في البلاد، يسمح لجهات، وربما أجهزة تابعة لدول خارجية، باستغلال الموقف للعبث بالأمن، وإحداث المزيد من الشروخ في بنية المجتمع المصري".

ويتساءل المسؤول السياسي، عن ماهية الأسباب التي ستشجّع السائح على القدوم إلى البلاد، أو المستثمر الأجنبي، "ونحن نعلن باستمرار عن وجود جماعات إرهابية، في قلب العاصمة، قادرة على القيام بالتفجيرات والأعمال الإرهابية، من دون أن تتمكن السلطة وأجهزة الأمن من اكتشافها أو القبض عليها".

وتفرض واقعة تفجير مبنى تابع لوزارة الخارجية المصرية، الأحد الماضي، متغيرات كبيرة، ربما تسهم في تعقيد الأزمة وتمدد أعمال العنف، بشكل كبير في مصر، وقد تساهم فعلاً في وجود حقيقي لـ"داعش" في البلاد، بحسب مراقبين. ويأتي هذا، في ظل محاولات الجماعات المسلحة، فرض واقع جديد وإحداث تغيرات كبيرة على الوضع الحالي والأزمة القائمة، معتمداً على انتهاكات النظام الحالي. وتنعكس التغيرات في الاعتماد على العبوات الناسفة بدلاً من السيارات المفخخة، كاستراتيجية جديدة في التعامل مع الوضع في القاهرة الكبرى، فضلاً عن تنفيذ عمليات في وضح النهار، وليس ليلاً، كما اعتادت، سابقاً.

ووفقاً لما يتم إعلانه، ومن دون أن تنفيه السلطات المصرية، يتنافس تنظيما "القاعدة" و"داعش"، للسيطرة على مشهد الأعمال المسلحة ضد النظام السياسي لزعزعة الأوضاع في مصر، عبر خلايا وعناصر تابعة لكل منهما، بيد أنّ "داعش" تقدم في ذلك بشكل ملحوظ. ويعمل تحت راية "الدولة الإسلامية"، تنظيم "ولاية سيناء"، ومجموعة ظهرت قبل أيام في الصحراء الغربية، فضلاً عن تلك التي تعمل في إطار القاهرة الكبرى. ونفّذت "مجموعة القاهرة الكبرى، عملية تفجير مبنى خشبي صغير، تابع لوزارة الخارجية"، بحسب ما أعلنه التنظيم في بيان له، من دون أن يحدد منفّذ العملية.

اقرأ أيضاً: قانون السيسي... لا يخيف "الإرهابيين" ويهدّد المعارضين

ويعتمد "ولاية سيناء" على إخفاء أي معلومات، ولو بسيطة، عن المجموعات المسلحة، التي بدأت تتشكل تدريجياً في المحافظات المختلفة، منعاً لرصدها من قبل الأجهزة الأمنية وإحباط أعمالها في وقت مبكر. وبخلاف العمليات التي ينفذها فرع "داعش" في مصر، من استهداف قوات الجيش في مدن ومناطق محافظة شمال سيناء، والتي تخلف خسائر بشرية ومادية كبيرة، ظهرت مجموعة تعمل في إطار القاهرة الكبرى. وعمدت هذه المجموعة إلى تنفيذ عمليات كبيرة، لكن تأثيرها محدود. ويبقى التخوّف من تشكيل مجموعات تابعة للتنظيم الأم مباشرة والعمل في إطار العاصمة.

ويرى مراقبون أنّ "داعش" يسعى إلى إرباك الأوضاع في مصر، وهذا لن يحدث إلّا عن طريق إحداث خلل كبير في العاصمة، لأن أي أحداث عنف في أي محافظة لن تؤثر مثل القاهرة. وأعلن التنظيم عن نجاح عناصره في زرع عبوة ناسفة أمام مبنى تابع لوزارة الخارجية المصرية في محافظة الجيزة، ومن ثم تفجيرها في تشكيل الأمن المكلف بالحراسة.

وقال في بيان مقتضب، لم يشر فيه إلى "ولاية سيناء"، إن "الانفجار أسفر عن مقتل وإصابة عدد من أفراد الأمن في التشكيل المكلف بالحراسة". وسبق ونفّذت عناصر "داعش" في القاهرة الكبرى، عمليتين انتحاريتين بسيارتين مفخختين، الأولى كانت استهداف مبنى القنصلية الإيطالية، والثانية استهداف مبنى الأمن الوطني في شبرا.

من جانبه، يقول باحث في الحركات الإسلامية (طلب عدم ذكر اسمه) في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "العملية الأخيرة لداعش في الجيزة، تفرض تغيراً في استراتيجية عمله"، مضيفاً أنّ أول التغيرات يكمن في بدء الاعتماد على العبوات الناسفة في مواجهة قوات الشرطة، وتحديداً في العاصمة. لكن الباحث يستبعد أن يتراجع اعتماد التنظيم على السيارات المخففة، "كما أنّ العمليات الكبيرة يتم تنفيذها بين فترة وأخرى متباعدتين، وبالتالي، فإنّ التأثير المطلوب من حيث إرباك وإحداث خلل في المشهد، غير موجود"، معتبراً أنّ الخطوة الثانية في التغيرات، تكمن في تنفيذ عمليات على فترات متقاربة، من أجل إحداث الذعر".  

من جهته، يقول خبير مكافحة الإرهاب، العميد حسين حمودة، إن "أبرز ما يعيق مواجهة الإرهاب، هو نقص المعلومات الكافية عن الخصم والعدو". ويضيف العميد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العمليات التي بدأت تنتشر في القاهرة أكثر خطورة عما يحدث في سيناء، لأنهم يدركون أن أي حدث في العاصمة يهز الدولة بأكملها، وله انعكاسات إقليمية ودولية".

ويشير حمودة إلى أن "التفجير الأخير، يؤكد ضرورة الشروع في وضع كاميرات مراقبة في الشوارع كافة والميادين الرئيسية"، مشدّداً على "وجود تراخٍ أمني في التعامل مع المجموعات المسلحة في القاهرة والمحافظات"، متسائلاً عن التحريات والتحقيقات والمشتبه بهم في كل التفجيرات الحاصلة، مطالباً بـ"ضرورة الاعتماد على أساليب علمية في مواجهة الإرهاب، والقضاء عليه قبل أن يتمدّد".

اقرأ أيضاً: النظام المصري يمنح "قبلة الحياة" للتنظيمات "الجهادية"

المساهمون