وقال محمود، وهو واقف في شارع يعج بعروض مماثلة لسلعه، تزينه فوانيس رمضان، الذي بدأ في السادس من يونيو/حزيران: "أسعار السلع ترتفع كل عام، لكن هذه المرة الوضع أسوأ نتيجة ارتفاع سعر الدولار".
وبلغ معدل التضخم السنوي نسبة 12.23% في مايو/أيار المنصرم، وهو الأعلى، منذ سبع سنوات، بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
ارتفاع الأسعار له آثاره المؤلمة على العائلة المصرية، خاصة في شهر رمضان، الذي تتناول فيه العائلة عند الإفطار وجبة غذائية غنية.
في محاولة لتخفيف هذا الأثر على الأسر ذات الدخل المنخفض، قامت الحكومة المصرية بفتح أسواق متنقلة جديدة تقدم المنتجات الأساسية بأسعار مخفضة، ويقوم الجيش بتقديم الطعام وتوزيع السلع الأساسية للفقراء مجاناً في ظل تغطية إعلامية واسعة. وحاول الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ومسؤولون آخرون تفادي اللوم في ارتفاع الأسعار وتحميل مسؤولية الغلاء لتجار غير نزيهين يقدمون على التلاعب بالأسعار.
يقول عمر الشنتي، الخبير الاقتصادي في المصرف الاستثماري، مالتيبل غروب: "على الرغم من أن تقديم أكياس السلع الأساسية جيد ويساعد، لكنه ليس الحل"، مضيفاً أن التضخم له أسبابه "المزمنة". واردات مصر أكثر من ضعف صادراتها، ويشمل ذلك السلع الأساسية الضرورية مثل القمح، والتي يتوجب شراؤها بالعملة الصعبة.
في مارس/آذار الماضي، خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بأكثر من 14%، وحدد سعر الدولار عند 8.85 من 7.73 جنيهات. وفي السوق السوداء، يدفع التجار ما يصل إلى 11 جنيهاً للدولار الواحد.
في محاولة لتحويل الطلب إلى الداخل، رفعت الحكومة الرسوم الجمركية على استيراد العديد من المنتجات، خاصة تلك التي تصنفها على أنها سلع فاخرة، بما في ذلك المكسرات والفواكه التي تباع عادة في شهر رمضان. كما قيدت بعض الواردات، الأمر الذي يقول الشنتي إنه يؤدي إلى تفاقم المشكلة، لأن "ما ينتج عن ذلك من نقص في البضائع يؤدي إلى زيادة الأسعار".
كما ارتفعت فواتير الكهرباء والماء ونفدت أدوية من بعض الصيدليات، مما أثار غضباً على وسائل الإعلام الاجتماعية. وشنت الحكومة حملة صارمة ضد الاحتجاجات على مدى العامين الماضيين، مما يجعل من المستحيل تقريباً الجأر بالشكوى.
ودعا السيسي المصريين إلى "التحلي بالصبر" وحثهم على التبرع لصندوق أنشئ في عام 2014 بعنوان "تحيا مصر". ودافع عن قراره خفض دعم الطاقة في تلك السنة، وهي خطوة دعا إليها المقرضون الدوليون طويلاً، لكن لم يجرؤ سابقوه على اتخاذها خوفاً من رد الفعل العنيف. ورحب بهذه الخطوة الاقتصاديون، الذين قالوا إن الأموال سيتم إنفاقها على نحو أفضل في أماكن أخرى، غير أن ارتفاع التكاليف ساهم في التضخم.
وقال الخبير الاقتصادي، محمد أبو باشا، من المجموعة المالية "هيرميس" إن تضخم شهر مايو/ أيار ناجم، أيضاً، عن قرار وزارة الصحة، الشهر الماضي، زيادة أسعار بعض الأدوية المصنعة محلياً بنسبة 20%.
وقالت الوزارة إن المصنعين المحليين يعانون من ارتفاع تكاليف المواد الخام، حيث يتم استيراد الجزء الأكبر بالدولار، مما اضطر بعضهم إلى الإغلاق وترك المصريين مع البدائل المستوردة فقط التي يبلغ سعرها ما بين 4 و5 أضعاف. ويقول صيادلة، إن نقص الدواء على مدى العامين الماضيين تفاقم مع انخفاض قيمة الجنيه.
ويتوقع أن تواصل الأسعار الارتفاع، حيث يستعد البرلمان لتمرير ضريبة القيمة المضافة في وقت لاحق من هذا العام.
ويرى الشنتي أن "الطبقات الدنيا في مصر تواجه مشكلة حقيقية، لكن القوة الشرائية للطبقة الوسطى في البلاد تتآكل أيضاً".