عادت أسعار مواد البناء في السوق الجزائرية للارتفاع مجدداً رغم ركود بالعقارات دام عدة أشهر، وقدّر تجّار الزيادات في بعض المناطق بنحو 40% للحديد والإسمنت، وما يزيد الأزمة أن الحكومة واصلت تحجيم استيراد بعض مواد البناء والمراهنة على الإنتاج المحلي، وفقاً للتجار وخبراء عقارات.
وحسب تقارير رسمية، تستورد الجزائر نسبة كبيرة من احتياجات مواد البناء من إسبانيا وإيطاليا وتركيا، بسبب ضعف الإنتاج المحلي لها.
وأفاد تجار مواد بناء لـ "العربي الجديد" أن قرارات الحكومة القاضية بتحجيم الاستيراد، بغية التحكم في فاتورة الواردات أدت إلى ارتفاع أسعارها بفعل زيادة الطلب ونقص العرض، ما فتح باب المضاربة والاحتكار، فيما تبقى علامات الاستفهام تطرح حول الأسباب وراء ارتفاع أسعار الإسمنت الذي زاد إنتاجه محلياً بالجزائر، في ظل ووعود حكومية بالاكتفاء الذاتي منه هذا العام.
ويقول أحد تجار الجملة لمواد البناء في بلدية "عين النعجة" المعروفة ببيع مواد البناء، محمد طعم الله، إن "الارتفاع في أسعار المواد يبقى جزء منه مبرراً ويرجع إلى تفاعل السوق مع قرار إخضاع مواد البناء لنظام الحصص ورخص الاستيراد، مطلع السنة الماضية، الذي أربك السوق وأخل بميزان العرض والطلب، أما الجزء غير المبرر فيبقى في الارتفاع الذي مس مادة الإسمنت التي تنتج البلاد نحو 60% منه محلياً".
وأشار طعم الله إلى أن المصانع هي الحلقة الأولى في سلسلة الاحتكار والمضاربة لأنها وقعت بين أيدي المحتكرين الذين يشترون كميات كبيرة بتواطؤ من بعض المسؤولين حسب قوله .
وحسب التجار، قفزت أسعار الإسمنت، خلال الشهر الجاري، إلى قرابة 2100 دينار (نحو 19 دولاراً) للقنطار الواحد، مقابل نحو 1600 دينار (14 دولارات) قبل شهرين. وتجاوز سعر قنطار الحديد "12 مليمتر" المخصص للبناء 9 آلاف دينار (81.81 دولاراً)، بينما كان لا يتجاوز 6500 ألف دينار (59 دولاراً) قبل شهرين. كما شهدت أسعار الرمل والسيراميك وباقي مواد البناء ارتفاعات ملحوظة خلال الشهر الجاري.
ومن جانبه يكشف مستورد مواد البناء عبد الحكيم جعفر الشريف لـ "العربي الجديد" أن "السوق بدأت تتفاعل مع تواصل تجميد استيراد مواد البناء، منذ مطلع السنة الحالية، حيث لا يزال المستوردون يطالبون بتحرير وزارة التجارة لرخص الاستيراد للحد من الارتفاع الكبير لمواد البناء".
وتراجعت قيمة في فاتورة استيراد مواد البناء في الجزائر إلى 1.74 مليار دولار خلال 2016، مقابل 2.14 مليار دولار سنة 2015، كما انخفضت الكميات المستوردة إلى 8.45 ملايين طن العام الماضي، مقابل 8.84 ملايين طن عام 2015، حسب أرقام كشفت عنها الجمارك الجزائرية مطلع السنة الحالية.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت أن البلاد ستعرف اكتفاء ذاتياً في ما يتعلق بمادة الإسمنت عند نهاية 2017، من خلال إنتاج 30 مليون طن بعد فتح مصنع "بسكرة" للإسمنت بشراكة مع شركة "لافارج" الفرنسية، وحسب عاملين في قطاع البناء، يبقى هذا الرهان مستبعداً في الوقت الحالي بالنظر لارتفاع الطلب وتغول المضاربين والوسطاء على السوق.
وفي هذا السياق، يقول الأمين العام للمنظمة الجزائرية لأرباب العمل والمقاولين محمد إسرحان لـ "العربي الجديد" إن "الحديث عن الاكتفاء الذاتي في مادة الإسمنت عند نهاية السنة الحالية يبقى مجرد كلام سرعان ما تكذبه القفزات المتكررة التي تعرفها الأسعار، فلو كان هناك إنتاج وافر وتحكم في السوق لما استطاع المضاربون أن يفرضوا منطقهم، إذ إنه في كل مرة نسمع فيها إشاعات تتردّد عن ارتفاع أسعار الإسمنت والحديد ثم تتحقق، ما يعني أن السوق باتت بيد المضاربين والوسطاء".
وأضاف إسرحان أن "سوق مواد البناء في الجزائر تقدّر قيمتها بالمليارات سنوياً، وهي سوق كبيرة تبقى خارج سيطرة الحكومة التي عجزت على مدار أعوام من بسط النظام فيها، فحتى شركات الإسمنت الحكومية رهينة المضاربين الذين نجحوا في الاستحواذ عليها من خلال تقديم رشى للمسؤولين".
ولفت الأمين العام للمنظمة الجزائرية لأرباب العمل والمقاولين إلى أن "المشاريع السكنية التي أطلقتها الحكومة قبل سنوات أدت إلى ارتفاع الطلب على مواد البناء وهو عامل لا يجب إغفاله لأننا نتحدث عن مليون شقة سكنية بالإضافة إلى مشاريع أخرى تتطلب كميات كبيرة من الإسمنت والحديد".
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت قبل سنوات 3 مشاريع سكنية ضخمة، تسعى من خلالها لبناء مليوني وحدة سكنية للقضاء على أزمة السكن.
وحسب الخطط الحكومية، تسمى الصيغة الأولى "الإسكان الاجتماعي" موجهة لأصحاب الدخل الضعيف بأسعارٍ رمزية، فيما جاء المشروع الثاني للإسكان المتوسط موجهاً للطبقة الوسطى حيث تدفع الحكومة قرابة 60% منه ويدفع المواطن الباقي عبر أقساط شهرية، وجاء المشروع السكني الثالث تحت اسم "سكنات الترقوي العمومي" موجهة للعمال أصحاب الأجور المرتفعة تقوم المصارف العمومية بدفع سعرها، فيما يعوض المواطن المصرف بأقساطٍ شهرية.
وتعاني الجزائر من أزمة مالية خانقة بسبب تراجع أسعار النفط، ما أدى إلى تأخر إنجاز عدة مشاريع إسكان حكومية، بعد رفض شركات عقارية مكلّفة التنفيذ مواصلة العمل جراء عدم تلقيها مستحقات لعدة أشهر، ما عطّل خططاً كانت تستهدف تسليم مساكن بتكلفة منخفضة للمواطنين للحد من أزمة الإسكان.
اقــرأ أيضاً
وحسب تقارير رسمية، تستورد الجزائر نسبة كبيرة من احتياجات مواد البناء من إسبانيا وإيطاليا وتركيا، بسبب ضعف الإنتاج المحلي لها.
وأفاد تجار مواد بناء لـ "العربي الجديد" أن قرارات الحكومة القاضية بتحجيم الاستيراد، بغية التحكم في فاتورة الواردات أدت إلى ارتفاع أسعارها بفعل زيادة الطلب ونقص العرض، ما فتح باب المضاربة والاحتكار، فيما تبقى علامات الاستفهام تطرح حول الأسباب وراء ارتفاع أسعار الإسمنت الذي زاد إنتاجه محلياً بالجزائر، في ظل ووعود حكومية بالاكتفاء الذاتي منه هذا العام.
ويقول أحد تجار الجملة لمواد البناء في بلدية "عين النعجة" المعروفة ببيع مواد البناء، محمد طعم الله، إن "الارتفاع في أسعار المواد يبقى جزء منه مبرراً ويرجع إلى تفاعل السوق مع قرار إخضاع مواد البناء لنظام الحصص ورخص الاستيراد، مطلع السنة الماضية، الذي أربك السوق وأخل بميزان العرض والطلب، أما الجزء غير المبرر فيبقى في الارتفاع الذي مس مادة الإسمنت التي تنتج البلاد نحو 60% منه محلياً".
وأشار طعم الله إلى أن المصانع هي الحلقة الأولى في سلسلة الاحتكار والمضاربة لأنها وقعت بين أيدي المحتكرين الذين يشترون كميات كبيرة بتواطؤ من بعض المسؤولين حسب قوله .
وحسب التجار، قفزت أسعار الإسمنت، خلال الشهر الجاري، إلى قرابة 2100 دينار (نحو 19 دولاراً) للقنطار الواحد، مقابل نحو 1600 دينار (14 دولارات) قبل شهرين. وتجاوز سعر قنطار الحديد "12 مليمتر" المخصص للبناء 9 آلاف دينار (81.81 دولاراً)، بينما كان لا يتجاوز 6500 ألف دينار (59 دولاراً) قبل شهرين. كما شهدت أسعار الرمل والسيراميك وباقي مواد البناء ارتفاعات ملحوظة خلال الشهر الجاري.
ومن جانبه يكشف مستورد مواد البناء عبد الحكيم جعفر الشريف لـ "العربي الجديد" أن "السوق بدأت تتفاعل مع تواصل تجميد استيراد مواد البناء، منذ مطلع السنة الحالية، حيث لا يزال المستوردون يطالبون بتحرير وزارة التجارة لرخص الاستيراد للحد من الارتفاع الكبير لمواد البناء".
وتراجعت قيمة في فاتورة استيراد مواد البناء في الجزائر إلى 1.74 مليار دولار خلال 2016، مقابل 2.14 مليار دولار سنة 2015، كما انخفضت الكميات المستوردة إلى 8.45 ملايين طن العام الماضي، مقابل 8.84 ملايين طن عام 2015، حسب أرقام كشفت عنها الجمارك الجزائرية مطلع السنة الحالية.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت أن البلاد ستعرف اكتفاء ذاتياً في ما يتعلق بمادة الإسمنت عند نهاية 2017، من خلال إنتاج 30 مليون طن بعد فتح مصنع "بسكرة" للإسمنت بشراكة مع شركة "لافارج" الفرنسية، وحسب عاملين في قطاع البناء، يبقى هذا الرهان مستبعداً في الوقت الحالي بالنظر لارتفاع الطلب وتغول المضاربين والوسطاء على السوق.
وفي هذا السياق، يقول الأمين العام للمنظمة الجزائرية لأرباب العمل والمقاولين محمد إسرحان لـ "العربي الجديد" إن "الحديث عن الاكتفاء الذاتي في مادة الإسمنت عند نهاية السنة الحالية يبقى مجرد كلام سرعان ما تكذبه القفزات المتكررة التي تعرفها الأسعار، فلو كان هناك إنتاج وافر وتحكم في السوق لما استطاع المضاربون أن يفرضوا منطقهم، إذ إنه في كل مرة نسمع فيها إشاعات تتردّد عن ارتفاع أسعار الإسمنت والحديد ثم تتحقق، ما يعني أن السوق باتت بيد المضاربين والوسطاء".
وأضاف إسرحان أن "سوق مواد البناء في الجزائر تقدّر قيمتها بالمليارات سنوياً، وهي سوق كبيرة تبقى خارج سيطرة الحكومة التي عجزت على مدار أعوام من بسط النظام فيها، فحتى شركات الإسمنت الحكومية رهينة المضاربين الذين نجحوا في الاستحواذ عليها من خلال تقديم رشى للمسؤولين".
ولفت الأمين العام للمنظمة الجزائرية لأرباب العمل والمقاولين إلى أن "المشاريع السكنية التي أطلقتها الحكومة قبل سنوات أدت إلى ارتفاع الطلب على مواد البناء وهو عامل لا يجب إغفاله لأننا نتحدث عن مليون شقة سكنية بالإضافة إلى مشاريع أخرى تتطلب كميات كبيرة من الإسمنت والحديد".
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت قبل سنوات 3 مشاريع سكنية ضخمة، تسعى من خلالها لبناء مليوني وحدة سكنية للقضاء على أزمة السكن.
وحسب الخطط الحكومية، تسمى الصيغة الأولى "الإسكان الاجتماعي" موجهة لأصحاب الدخل الضعيف بأسعارٍ رمزية، فيما جاء المشروع الثاني للإسكان المتوسط موجهاً للطبقة الوسطى حيث تدفع الحكومة قرابة 60% منه ويدفع المواطن الباقي عبر أقساط شهرية، وجاء المشروع السكني الثالث تحت اسم "سكنات الترقوي العمومي" موجهة للعمال أصحاب الأجور المرتفعة تقوم المصارف العمومية بدفع سعرها، فيما يعوض المواطن المصرف بأقساطٍ شهرية.
وتعاني الجزائر من أزمة مالية خانقة بسبب تراجع أسعار النفط، ما أدى إلى تأخر إنجاز عدة مشاريع إسكان حكومية، بعد رفض شركات عقارية مكلّفة التنفيذ مواصلة العمل جراء عدم تلقيها مستحقات لعدة أشهر، ما عطّل خططاً كانت تستهدف تسليم مساكن بتكلفة منخفضة للمواطنين للحد من أزمة الإسكان.