اختتام مؤتمر المركز العربي في تونس: الشعوب قادرة على صناعة الديمقراطية

24 سبتمبر 2017
ضم المؤتمر باحثين من دول عربية مختلفة (فيسبوك)
+ الخط -


اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، اليوم الأحد في تونس، مؤتمره السنوي السادس لقضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي، الذي استمر على مدار الأيام الثلاثة الماضية، بمشاركة مجموعة من الباحثين من مختلف البلدان العربية.

وقدم الباحث التونسي، فتحي الجراي، جملة من الملاحظات بناء على المحاضرات التي قدمت من قبل باحثين من تونس ومصر وفلسطين والمغرب والسودان والجزائر واليمن، مؤكدا أن العرب والمسلمين ليسوا أعداء للديمقراطية والحرية، فقيمهم تجعلهم شعوبا مؤهلة لصناعة ديمقراطيتها التي تؤمن بها، وهي ديمقراطية تشاركية تبنى من الأسفل إلى الأعلى.

وقال الجراي "إن المسارات المتعثرة في عديد الدول العربية، أدت إلى إحباط وانسحاب الشباب من المشاركة في العمل السياسي والحزبي، وإن عزوف الشباب عن المشاركة هو موقف سابق نتيجة مقاطعة الأنظمة الاستبدادية"، مبينا أن "الشباب شارك في الحراك الثوري، ولكنه سرعان ما تراجع عن دوره بسبب ما آلت إليه الثورات العربية من فشل وتعطل". 

واعتبر الجراي أن الشباب، لم يجد الحافز الكافي الذي يحرك لديه الرغبة في المشاركة، فنزع إلى الانسحاب والانغلاق على الذات، ولكن هذا لا يعني ألا يكون فاعلاً مستقبلاً، معتبراً أن "الطبيعة تأبى الفراغ، وأنه طالما لم يصنع الشباب منزلته الاجتماعية لإحداث التغيير المجتمعي المرجو، فإن فئات أخرى عمرية ستحتل موقعه وستتحدث باسمه. ولذلك لا بد من العمل على نشر ثقافة المواطنة وإحداث تغيير جذري، فالثورات العربية كانت السبب لإخراج المارد من القنينة، ولكن قوات الثورة المضادة نجحت في إقناع هذا المارد بالرجوع". وأضاف أن  "الثورات لم تنطفئ لأن طاقات الشباب لا تنطفئ، وقد تكون الطريق لتوحد قواها ضد الانتكاس، وخاصة في الدول التي تعاني صعوبات في إنجاح ثوراتها".

وفي اختتام المؤتمر، أكد الباحث الجزائري، ومستشار الدراسات والبحوث بمركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية، العياشي عنصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك اليوم مفارقة وازدواجية غريبة بين حضور الشباب بشكل صوري في النظام وتنظيمات السلطة، واستمرار الأزمة لخلق بدائل لها استدامة، مبينا أن الحركات الاحتجاجية والمطلبية لدى الشباب، المستمرة من عدة عقود من الزمن، يقابلها غياب الشباب بشكل حر وطوعي، وهي ظاهرة باتت ملفتة للانتباه.

وأضاف أن الشباب ليس له ثقة في الأنظمة، لكن السؤال المطروح: ألا يمكن أن يغتنم الشباب فرصة الانفتاح لبناء أحزاب وتنظيمات يديرها بشكل يرضى عنه؟ معتبرا أنّ التجربة والخبرة في مجال الاحتجاج والتمرد مختلفة تماما عن إدارة الشأن العام، وستكون صعبة حتى من قبل الأنظمة السياسية، التي ستتدخل وتخلق أمامه عدة صعوبات للاستحواذ على السلطة مجددا.

كما أشار إلى أنه لا توجد حلول سوى اعتماد الشباب على نفسه، وبناء أنظمة سياسية بديلة يديرها بالطريقة التي يراها، بعيدا عن الأشكال التقليدية، وإلا فلن يكون هناك مخرج من هذه الدائرة "الخبيثة".

بدوره، قال الباحث السوداني والأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أشرف عثمان الحسن، إنه يرى أن الشباب منخرط ولكن وفق كيفيات مختلفة، وإن إحدى الرهانات التي حاول المؤتمر البحث فيها، هي محاولة المسك بإحدى هذه الكيفيات، مضيفاً "حتى لو سلمنا بأن الشباب عازف عن المشاركة في الشأن السياسي، فلأنه غير راض على وضع ما".

وبيّن في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأنظمة السياسية مستفيدة وحريصة على أن ما يعرض على الشباب يبقى دائما هو ذاته، لإعادة حركة التاريخ إلى ما قبل 2011، كمثال النظامين المصري والتونسي، موضحاً أن الحالتين الليبية واليمنية مختلفتان لأنهما أخذتا مسارات أخرى.

ورأى الحسن أنّ الشأن السياسي كان من المفترض أن يتغير بعد الثورات، ولكن جهاز الدولة بقي نفسه، مبينا أن رأس الدولة تغير في تونس ومصر وتغيرت سلطة الدولة، ولكن ما بقي ثابتا هو جهازها.

وأوضح أن التجربة السودانية مختلفة عن بقية التجارب العربية، لأن السودان لم يشهد الانتقال الديمقراطي، ولكن ثمة محاولات لانخراط الشباب في حركات احتجاجية مثل حركة "التغيير" و"قرفنا"، غير أنها تشتت بعد 2013 بسبب تدخلات السلطة.

أما الباحث الفلسطيني، إيهاب محارمة، فلفت في ختام المؤتمر، إلى أن "الحركات الشبابية اليوم، والحديث عن دور الجيل في الانتقال الديمقراطي، دليل على أن الشباب أخذ موقفا حتى من خلال العزوف السياسي، وأن هذا الموقف جاء نتيجة الإقصاء والتهميش الذي اتبعته الدول العربية تجاه الشريحة الجيلية". وأضاف أنها كلما تعمقت أزمتها، ستعمل على أن تقود المرحلة القادمة لتغيير الوضع في المستقبل.

واعتبر أن الورقة التي قدمها والتي تتحدث عن "الحركة الطلابية الفلسطينية: تحديات الواقع والقابلية للتغيير"، بينت أن التحديات التي تواجه الحركة الطلابية الفلسطينية وحالة الانكفاء  التي تعاني منها  تعود إلى الممارسات التي اتبعتها السلطة الفلسطينية.

وأوضح  محارمة أن المرحلة الذهبية التي وجدت فيها الحركة الطلابية في فلسطين كانت في السبعينيات، وهي تشبه مرحلة 2011 في الدول العربية، مشيراً إلى أن النظام السياسي المتهالك يحاول دائما الضغط على الحركات الطلابية لكي تتراجع، ولكن الحركات الطلابية في الوطن العربي تتفق عندما تكون هناك قضايا وطنية كالقضية الفلسطينية، لكنها عندما تدخل القضايا السياسية تعيش انقسامات.

 

 

 

   

المساهمون