دعا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إلى استئناف لقاءات جنيف من أجل تنشيط العملية السياسية في سورية. كلام دي ميستورا أتى خلال لقاء وزاري عقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا إليه الاتحاد الأوروبي، لمناقشة التقدم فيما يخص الالتزامات المادية لدعم سورية، ومناقشة الجهود الحالية للحد من انتشار العنف والتوصل إلى حل سياسي.
وقال دي ميستورا "لم نكن نتخيل قبل فترة قصيرة أنه يمكننا أن نقف هنا، ونقول إنه تم إخراج "داعش" من سورية بشكل شبه كامل. كما أن عدداً من الاتفاقات المتعلقة بخفض التصعيد قد تم عقدها في أستانة وعمان، ورأينا أنها جنت ثمارًا. وهذا يعني أنه تم إنقاذ حياة الكثير من السوريين بسبب ذلك".
وتساءل المبعوث الأممي إذا ما كان المجتمع الدولي قد تعلّم درسه مما حدث في الموصل، مضيفاً "لقد أظهرت الموصل أنه من أجل هزيمة "داعش" بشكل كامل، لا تكفي هزيمته على الأرض؛ ولكن نحتاج لخطة شاملة سياسية. ولذلك بالنسبة لنا في ما يخص سورية، حيث قمنا بالإيفاء باتفاقات أستانة، فإن علينا النظر الآن إلى الحل السياسي، وقد حان الوقت للعودة إلى الحوار السياسي الذي يؤدي إلى تطورات أخرى".
بدوره، أوضح وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده أوفت بالجزء الأكبر من الالتزامات الإنسانية التي تعهّدت بتقديمها لسورية خلال مؤتمر بروكسل، والبالغة قرابة مئة مليون دولار من المساعدات، مضيفًا أن ذلك "هو جزء من إجمالي قيمة مساعدات الإغاثة التي قدمتها قطر، ووصلت إلى مليار وستمئة مليون دولار، من خلال الدعم الحكومي والجمعيات الخيرية القطرية".
ووصف وزير الخارجية القطري الأزمة السورية بأنها واحدة من أخطر الأزمات في العالم، وقال إنها تستحق المتابعة التي تتناسب مع حجمها.
كما لفت إلى التعهدات التي قطعتها العديد من الدول لتقديم المساعدات المادية لدعم سورية، التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمرات المختلفة، من بينها مؤتمرا لندن وبروكسل، وقال إنها لن تتحقق إذا لم تقم الدول بالوفاء بها، مشدداً على وجوب وصول تلك المساعدات إلى الجهات التي تستحقها.
أما وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، فوجّه انتقادات حادة للدول الأوروبية والغربية، وقال إنها تتحدث كثيرًا عن تقديم المساعدات والمشاركة في تحمل الأعباء دون أن يترجم ذلك بمساعدات للدول المضيفة للاجئين. وأضاف: "نحتاج للتأكد من استمرار وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي؛ فمن دون التوصل إلى حل سياسي لا يمكن ضمان الأمن، ومن دون ذلك الأمن لا يمكن أن نضمن عودة الخمسة ملايين لاجئ إلى بلدهم".
كما اعتبرت أنّ "الاتفاقات التي يتم عقدها بين الأطراف المحلية قد تنجح لفترة، لكنها لا تعوض عن ضرورة عقد اتفاق شامل وحل سياسي، وفي الحالة السورية فإن هذا الحل يجب أن يأتي مع ضمان وجود سورية موحدة، فيها مكان لجميع السوريين على جميع اختلافاتهم وانتماءاتهم. وأضافت "إن تقسيم سورية سيؤدي إلى خلافات إضافية. آن الأوان للعودة إلى محادثات جنيف".
وحول الوضع الإنساني على الأرض، قال المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية، كريستوس ستيليانيدس، خلال مداخلته حول الأوضاع في سورية، إن الوضع الإنساني هناك يبقى متوتراً، وفرق المساعدات الإنسانية ما زالت تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى العديد من المناطق.
وأكد أنه ما زال هناك 4 ملايين سوري في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وأن منظمات المساعدة الإنسانية لا يمكنها الوصول إلا إلى حوالي 12 بالمئة منهم، مناشدًا بالسماح بالوصول إليهم، مبينًا أن المسؤولية الأكبر إزاء ذلك تقع على عاتق النظام السوري.
كما ناشد المسؤول ذاته جميع الأطراف بحماية المدنيين، والامتناع عن استهدافهم. وقال إن "هناك الكثير من المساعدات يجب تقديمها لدول الجوار التي تستضيف أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري، بما فيها الأردن ولبنان وتركيا والعراق". وأكد في الوقت نفسه أن الأوضاع في سورية ما زالت لا تسمح بعودة اللاجئين للكثير من المناطق.
أما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية، مارك لوكوك، فقد تحدث عن تلقي الأمم المتحدة وعودًا بتقديم مساعدات إنسانية إلى سورية يصل حجمها إلى ستة مليارات دولار للعام الجاري، لكن لم تتم ترجمة تلك الوعود على أرض الواقع، إذ قدمت الدول المانحة 39 بالمئة فقط من المبالغ للبرامج المختلفة. ثم أشار إلى أن العمليات الجارية لمحاربة "داعش" أدت إلى مزيد من التهجير والنزوح، مما اضطر حوالى مليون سوري إلى النزوح مجددًا داخل سورية خلال العام الجاري وحده.
بدوره، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيلبو غراندي، أن التركيز على حل سياسي ومناطق التوتر ووقف الاقتتال ضروري وأساسي، ولكن يجب ألا يتم نسيان الخمسة ملايين لاجئ سوري في دول الجوار. وقال إن دول الجوار، لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، هي التي تتحمل الجزء الأكبر من تكاليف استضافة اللاجئين السوريين.