وسط توتر شديد في أوساط المستثمرين في أسواق النفط العالمية حول نجاح أو فشل منظمة الدول المصدر للبترول "أوبك"، في التوصل إلى اتفاق لسحب جزء من الفائض الضخم المتراكم خلال سنوات، بدأ وزراء الدول الأعضاء في المنظمة اجتماعهم صباح اليوم الأربعاء في فيينا.
وحتى الآن صدرت تصريحات إيجابية من كل من وزراء النفط في السعودية وإيران والعراق. وهو ما بعث التفاؤل في السوق النفطية باحتمال حدوث اتفاق في اجتماع فيينا يدفع أسعار النفط نحو الارتفاع.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن وزير النفط السعودي، خالد الفالح، قوله إن المنظمة تقترب من الاتفاق، فيما قال أحد المبعوثين العراقيين لدى دخوله الفندق "سيكون هناك اتفاق اليوم".
من جهته، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه "أنا متفائل"، مضيفاً أن بلاده لم تتلق طلبا لتخفيض إنتاجها. ولاحظ خبراء في أسواق الطاقة أن أسعار النفط ومنذ بداية الأسبوع تتأرجح صعوداً وهبوطاً على أنغام تصريحات وزراء "أوبك".
ويعقد هذا الاجتماع الحاسم لمستقبل أسعار النفط ومستقبل الصناعة النفطية، وسط خلافات حادة بين معسكرين، معسكر يطالب الجميع بالالتزام بخفض الإنتاج دون استثناء، إلا لنيجيريا وليبيا، وهو المعسكر الذي تقوده السعودية.
ويطالب هذا المعسكر بخفض إنتاج المنظمة بحوالى 1.2 مليون برميل يومياً، حتى تتمكن من سحب فائض التخمة النفطية والسماح للأسعار بالارتفاع في العام المقبل 2017. فيما يطالب المعسكر الثاني بعدم مشاركة بعض الدول في خفض إنتاج المنظمة لأسباب سياسية.
ويقود التكتل الأخير إيران والعراق. وترى إيران ضرورة إعفائها من خفض الإنتاج أو على الأقل ترك إنتاجها لدى مستوى فوق 3.9 ملايين برميل يومياً، كما ترى ضرورة إعفاء العراق بسبب الحرب التي تقودها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ولكن رغم هذه الخلافات، فإن التصريحات التي صدرت صباح اليوم على هامش الاجتماع تشير إلى أن فرص نجاح الاجتماع في خفض الإنتاج لا تقل عن 50%.
أما على صعيد الدول المنتجة خارج المنظمة، فقد امتنعت روسيا عن الحضور إلى فيينا، وربما لن تشارك في خفض الإنتاج.
وفي التعاملات الصباحية في لندن، صعدت أسعار النفط في تداولات مضطربة اليوم الأربعاء، قبيل اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وارتفع سعر مزيج برنت في المعاملات الآجلة دولاراً أو ما يوازي 2.0% إلى 47.40 دولاراً للبرميل إثر تصريح مندوب العراق لدى "أوبك" بأن المنظمة ستتوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج في الاجتماع.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط 29 سنتاً أو 0.6% إلى 45.52 دولاراً للبرميل. ويقدر خبراء نفط في لندن، أن أسعار النفط ربما ترتفع إلى 50 دولاراً لخام برنت في حال نجاح الاجتماع في خفض الإنتاج، كما أنها ستنخفض إلى 40 دولاراً في حال فشل خفض الإنتاج.
وقال تجار في لندن إن الأسواق يسودها التوتر وإن الأسعار قد تتأرجح بشكل حاد في أي من الاتجاهين بناء على التطورات في اجتماع أوبك الذي يعقد في فيينا.
وانخفض النفط 4.0% قريباً في الجلسة السابقة بسبب خلافات بين السعودية وإيران والعراق بشأن تفاصيل الخفض المرتقب في الإنتاج. وعلى الرغم من هذه الخلافات يتوقع غالبية المحللين التوصل لاتفاق ما.
وتنحصر نتائج الاجتماع الجاري حالياً في فيينا في ثلاثة سيناريوهات، حسب ما يقول خبراء نفط في لندن، وهي:
السيناريو الأول: التوصل إلى اتفاق عام على خفض الإنتاج ولكن دون تحديد حصة الخفض لكل دولة من الدول المنتجة، مثلما حدث في اجتماع الجزائر، وذلك مع إعفاء كل من إيران والعراق وليبيا ونيجيريا من خفض الإنتاج. وفي مثل هذا السيناريو، فإن الاتفاق سيكون هشاً وضعيفاً، وبالتالي، سيكون تأثيره على أسعار النفط ضئيلاً.
السيناريو الثاني: توصل "أوبك" إلى اتفاق شامل ومحدد بالنسبة لسقف إنتاج "أوبك" وحجم الخفض وتحديد حصة كل دولة من هذا الخفض، وعدم استثناء العراق وإيران من الخفض.
وهذا السيناريو، رغم أنه بعيد المنال وسط الخلافات بين السعودية وإيران والتنسيق الإيراني مع روسيا، غير أن المرجح بالنسبة لخبراء أسواق النفط، أنه سيكون فعالاً في رفع أسعار النفط فوق 50 دولاراً، خاصة إذا انضمت إليه لاحقاً روسيا.
أما السيناريو الثالث، فهو فشل "أوبك" في التوصل إلى اتفاق وترك السوق النفطية على حالة التخمة الحالية، ومثل هذا السيناريو الخطر سيقود تلقائياً إلى تدهور أسعار النفط ربما إلى 40 دولاراً.
ويذكر أن منظمة "أوبك" التي تنتج ثلث النفط العالمي قد توصلت إلى اتفاق مبدئي في الجزائر في سبتمبر/أيلول الماضي لخفض الإنتاج إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يومياً من مستواه الحالي عند 33.64 مليون برميل بهدف دعم الأسعار.