اتفاق تجاري بين أميركا والمكسيك يخفض الدولار ويرفع الأسهم

28 اغسطس 2018
ارتفاع "داو جونز" 200 نقطة بعد الاتفاق، الإثنين (Getty)
+ الخط -
بقي الدولار قرب أدنى مستوياته في شهر، اليوم الثلاثاء، بينما ارتفعت مؤشرات الأسهم الأوروبية واليابانية، على ضوء اتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة والمكسيك، أمس الإثنين، لتعديل اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية المعروف باسم "نافتا".

ووفقاً لوكالة "رويترز"، استقر الدولار قرب أدنى مستوياته في شهر مقابل سلة عملات منافسة، اليوم الثلاثاء، مع تعزز الشهية للأصول عالية المخاطر بفعل اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك على تعديل "نافتا".

لكن تحركات السوق جاءت محدودة بدرجة كبيرة، حيث كان التوصل إلى اتفاق ما متوقعا بين متداولي سوق الصرف الأجنبي في الأيام الأخيرة، ليستقر الدولار الكندي والبيزو المكسيكي بوجه عام مقابل الدولار.

وقالت إثير رايخلت، محللة سوق الصرف في "كومرتس بنك"، إن الصفقة "تعطي الانطباع بأن الرئيس الأميركي أصبح أقل اهتماما بإثارة النزاع في الوقت الحالي، بل ويبذل جهدا لتحقيق نتائج بناءة على جبهات الحرب التجارية".
وسجل مؤشر الدولار أدنى مستوياته منذ الثاني من أغسطس/آب عند 94.68 في أوائل المعاملات الآسيوية، لكنه قلص خسائره لاحقا. وعلى رغم قوة الدولار مقابل منافسيه الرئيسيين، استقر اليورو بشكل كبير عند حوالي 1.1685 دولار، بعدما أبلغ لويجي دي مايو، نائب رئيس الوزراء الإيطالي، صحيفة إيطالية بأن عجز ميزانية البلاد قد يتجاوز سقف 3% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يشترطه الاتحاد الأوروبي.

وكان الجنيه الإسترليني من أكبر الخاسرين في أسواق العملات مع عودة متعاملي سوق لندن بعد عطلة نهاية أسبوع طويلة ليجدوا في انتظارهم مزيدا من عناوين الأخبار السلبية على صعيد الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

وهبط الإسترليني إلى أدنى مستوى فيما يقرب من عام مقابل اليورو اليوم، بعد أن هونت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من تداعيات مغادرة بلادها لعضوية الاتحاد الأوروبي العام المقبل دون التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد.

وأبلغت ماي الصحافيين خلال توجهها إلى إفريقيا لمحاولة تعزيز العلاقات التجارية البريطانية قبيل الانفصال البريطاني في مارس/ آذار 2019 قائلة إن الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي "لن يكون نهاية العالم".

وضغطت تصريحات ماي على الاسترليني الذي هبط إلى 90.73 بنسا لليورو، وهو أدنى مستوى له منذ 12 سبتمبر/ أيلول 2017. ومقابل العملة الأميركية، لم يسجل الإسترليني تغيّرا يُذكر عند 1.2898 دولار.

بورصات الأسهم

وفي أسواق الأوراق المالية، صعدت الأسهم الأوروبية، اليوم الثلاثاء، بعد اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك، لترتفع أسهم شركات السيارات مجددا في يوم هادئ بوجه عام على صعيد أخبار الشركات.

ووفقا لرويترز، ارتفع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.3% بحلول الساعة 07:20 بتوقيت غرينتش، مسجلا أعلى مستوياته في أسبوعين، وزاد المؤشر داكس الألماني، الذي تغلب عليه شركات التصدير، 0.3% أيضا.

وتقدم المؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني 0.6%، إثر عطلة أمس الإثنين، مستفيدا من أداء ضعيف للجنيه الإسترليني.
وحقق قطاع السيارات الأوروبي بعض أكبر المكاسب، حيث صعد مؤشره 1% بعد اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك، الذي يضغط على كندا كي توافق على شروط جديدة في تجارة السيارات وتسوية النزاعات، فيما ارتفع مؤشر قطاع التعدين 1.3%.

وفي طوكيو، كسر المؤشر نيكاي الياباني حاجز 23 ألف نقطة، اليوم الثلاثاء، بفضل الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والمكسيك، قبل أن يبدد معظم مكاسبه بفعل بيع لجني الأرباح، لكن ذلك لم يمنعه من تسجيل أعلى مستوى إغلاق منذ منتصف يونيو/ حزيران.

وبحسب رويترز، ختم نيكاي تعاملات اليوم مرتفعا 0.1% إلى 22813.47 نقطة، بينما ارتفع المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.2%، مسجلا 1731.63 نقطة.

وفاقت الأسهم المرتفعة تلك المتراجعة بواقع 1018 إلى 982. وارتفعت أسهم أكبر 3 شركات سيارات يابانية، والتي لها مصانع في المكسيك، حيث زاد سهم تويوتا 0.9%، بينما قفز سهما "نيسان" و"هوندا" 1.3%.

استقرار الذهب

واستقر الذهب، اليوم، مع استقرار الدولار قرب أدنى مستوياته في شهر. وبحلول الساعة 07:11 بتوقيت غرينتش كان السعر الفوري لأونصة الذهب مرتفعا 0.1% إلى 1212.33 دولارا، بعدما كان قد نزل 0.3% في وقت سابق من اليوم. وكانت الأسعار قد سجلت أعلى مستوياتها في أسبوعين، أمس الإثنين، بعد الاتفاق الأميركي - المكسيكي.

وارتفعت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.2% إلى 1218.40 دولارا، علماً أن الذهب فقد جاذبيته كملاذ آمن لينزل أكثر من 7% هذا العام، وسط نزاعات تجارية عالمية وأزمة في العملة التركية ليتحول المستثمرون صوب الدولار على نحو متزايد.

الاتفاق الأميركي - المكسيكي

 وكانت الولايات المتحدة والمكسيك قد اتفقتا، أمس الإثنين، على تعديل اتفاقية "نافتا"، ما يضغط على كندا للقبول بشروط جديدة في تجارة السيارات وقواعد تسوية النزاعات كي تظل جزءا من الاتفاق الثلاثي.

وتصل وزيرة الخارجية الكندية اليوم الثلاثاء، إلى واشنطن في محاولة لانتزاع اتفاق تجاري من الولايات المتحدة التي تفاهمت للتو مع المكسيك، من أجل إنقاذ صيغة محدثة من اتفاقية "نافتا" التي جمعت الاقتصادات الثلاثة منذ عام 1994.

وقطع كريستيا فريلاند المكلفة هذا الملف الاستراتيجي جدا، بلا تردد جولة كانت تقوم بها في أوروبا لبدء المفاوضات بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة والمكسيك توصلتا إلى "اتفاق جيد جدا".


وصعدت أسهم شركات صناعة السيارات وتعززت الأسواق المالية، أمس، توقعا لأن تنضم كندا إلى الاتفاق بنهاية الأسبوع، ما سيخفف عدم التيقن الاقتصادي الناتج عن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكررة بإلغاء اتفاقية عام 1994.

لكن تفاصيل المكاسب والتنازلات لم تظهر بالكامل أمس، في حين هدد ترامب بأنه قد يفرض رسوما جمركية على السيارات المصنعة في كندا إذا لم تنضم إلى جارتيها في الاتفاقية.

وقال ترامب "أعتقد في ما يتعلق بكندا، صراحة، أن أبسط ما يمكننا القيام به هو فرض رسوم على وارداتنا من سياراتهم. هذه أموال هائلة ومفاوضات بسيطة جدا. يمكن الانتهاء منها في يوم واحد ثم نجني المال الوفير في اليوم التالي".
وامتدت المفاوضات بين الشركاء التجاريين الثلاثة لأكثر من عام، ما ضغط على البيزو المكسيكي والدولار الكندي اللذين ارتفعا أمام الدولار الأميركي بعد إعلان الاتفاق يوم الإثنين.

والرهان السياسي كبير للدول الثلاث. فترامب والجمهوريون في الكونغرس الأميركي بصدد انتخابات في نوفمبر/ تشرين الثاني ويريدون تطمين المزارعين وسائر الناخبين الذين تعتمد وظائفهم على التجارة مع كندا والمكسيك بأن الاتفاق مبرم.

وبالفعل، قالت وزارة الزراعة الأميركية، يوم الإثنين، إن حزمة مساعداتها الزراعية ستشمل 4.7 مليارات دولار مدفوعات مباشرة للمزارعين للمساعدة في تعويض الخسائر الناجمة عن فرض رسوم جمركية انتقامية على الصادرات الأميركية خلال الموسم الحالي. وسيذهب الجانب الأكبر من المدفوعات البالغ 3.6 مليارات دولار، لمزارعي فول الصويا. 

ويريد الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو توقيع الاتفاق قبل مغادرة منصبه في نوفمبر/ تشرين الثاني، ويواجه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو انتخابات عامة متوقعة بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

وقال متحدث باسم وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إن كندا تعتزم مواصلة التفاوض لكنها لن توقع اتفاقا جديدا ما لم يكن جيدا لها. وتوقع المتحدث آدام أوستن أن تتوجه فريلاند إلى واشنطن لإجراء محادثات، اليوم الثلاثاء.

وأبلغ وزير الخارجية المكسيكي لويس فيديجاراي مؤتمرا صحافيا في واشنطن، بأنه إذا لم تتوصل كندا والولايات المتحدة إلى اتفاق "فنحن نعلم بالفعل أنه سيظل هناك اتفاق بين المكسيك والولايات المتحدة".

وقال مسؤولون إنهم يأملون بأن توافق كندا على الشروط بحلول يوم الجمعة، حيث يعتزم البيت الأبيض إخطار الكونغرس رسميا بأن ترامب سيوقع الاتفاق في غضون 90 يوما. وينبغي موافقة الكونغرس عليه.

وصرح مسؤول تجاري كبير في مقابلة مع رويترز، بأنه "ما زالت هناك مسائل مع كندا، لكن أعتقد في إمكانية حلها سريعا جدا"، فيما قال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر للصحافيين إنه في حالة عدم إتمام المحادثات مع كندا بنهاية الأسبوع الحالي، فإن ترامب ينوي إخطار الكونغرس بأنه توصل إلى اتفاق مع المكسيك، لكنه سيظل مرحّبا بإجراء مفاوضات مع كندا.

ووصف بعض الجمهوريين في الكونغرس الاتفاق بالخطوة الإيجابية، لكنهم قالوا إن كندا يجب أن تكون جزءا من الاتفاق الجديد لتفادي الإضرار بالوظائف الأميركية.

قواعد سيارات جديدة

ويزيد حجم التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا على التريليون دولار سنويا. وقال مكتب رئيس الوزراء الكندي إن ترودو تحدث إلى بينا نييتو يوم الأحد، حيث عبرا عن التزامهما بختام ناجح لمحادثات نافتا "من أجل الأطراف الثلاثة".

وتركزت المباحثات المكسيكية - الأميركية على صياغة قواعد جديدة لصناعة السيارات، وهو ما وضعه ترامب في بؤرة خطته لتعديل الاتفاقية التي أطلق عليها مرارا وصف "الكارثة" للعمال الأميركيين.
وقال مات بلنت، رئيس مجلس سياسات صناعة السيارات الأميركية، الذي يمثل "جنرال موتورز" و"فورد موتور" و"فيات كرايسلر أوتوموبيلز"، إن المجلس متفائل بالاتفاق الجديد وإن كان ما زال ينظر في التفاصيل.

ويشترط الاتفاق أن تبلغ نسبة مكون السيارات المصنع في منطقة نافتا 75% ارتفاعا من 62.5%، حسبما ذكر مسؤول تجاري أميركي. وحدد بيان حقائق لوصف الاتفاق الثنائي منشأ المكون بأنه ينبغي أن يكون الولايات المتحدة والمكسيك.

وذكرت إدارة ترامب أن الاتفاق يحسن البنود المتعلقة بالعمل، حيث يشترط أن تكون نسبة 40% إلى 45% من مكونات السيارات مصنعة بيد عمال يتقاضون ما لا يقل عن 16 دولارا في الساعة، وهو أجر قد يزيل حافز صناع السيارات لنقل الوظائف إلى المكسيك.

لكن الولايات المتحدة تخلت عن مطالبتها ببند يسمح بانقضاء تلقائي للاتفاقية. وبدلا من ذلك اتفقت مع المكسيك على أن تبلغ مدة الاتفاقية 16 عاما مع مراجعتها كل 6 أعوام، بما يمكن أن يمددها 16 عاما أخرى، حسبما قال الممثل التجاري الأميركي لايتهايزر.

ووافقت المكسيك على إلغاء لجان تسوية المنازعات في قضايا مكافحة إغراق معينة في خطوة قد تتسبب في تعقيد المحادثات مع كندا التي سبق أن أصرت على وجود تلك اللجان.

ورفع إعلان اليوم أسواق الأسهم في الدول الثلاث وسط أداء استثنائي لشركات السيارات نظرا لمشاعر الارتياح بعدما بدا أن الاتفاق يبدد الضبابية التي لازمت القطاع لأشهر.

وارتفعت أسهم "جنرال موتورز" و"فورد" و"فيات كرايسلر" ما بين 3.3% و4.8%، يوم الإثنين، في حين زادت أسهم مصنعي مكونات السيارات الكنديين، مثل "ماجنا إنترناشونال" 4.6%.
المساهمون