07 نوفمبر 2024
اتركوه يتكلم على سجيّته
هذه أقرب الطرق وأبسطها لكشف فقره الروحي وحيرته في ما حازه، من دون أن يدرك خطورة مراميه واتساعه، فحينما يتكلم الإنسان، تعرفه، وتكشف مكنونه. "تكلم حتى أعرفك". رد حكيم يوناني على حاكم يسأله مطلوبه: "فقط ابتعد قليلا كي لا تحجب عني الشمس"، فتقزّم الحاكم عند حدود شيئية المطلوب وتفاهته في عين الحكيم، وارتفع الحكيم إلى حدود مؤانسة الشمس، فكان الحكيم في ملكوت غاياته، والحاكم عند حدود الحاجات البسيطة الدنيوية، ومدى تعلق الناس بها، اعتبره الحكيم تعلقا تافها وصغيرا. كان الدرس قاسيا، وما زالت اللعبة قائمةً. تأملوه وهو في حالة انهيار، وقد تشبث بالكرسي الجالس عليه، وصاح كطفل تعلق بلعبة: "اللي هيقرّب له.."، وكأنه يتيم ملك، أو يتيم أشياء، أو يتيم طفولة، دعوا اليتيم ليتمه، واتركوه يتكلم ويفضفض، فسوف يبوح بانكساره كله، ويتمه كله، وبؤسه كله، وتصنعه كله. دعوه يكذب، ويطلق الشائعات على نفسه، من وراء نفسه، ويصدقها ويعاتب الناس عليها عامدا من خلف نظارة سوداء، وكأنه هو نفسه يخاف من فضح مكنونه في عينيه.
دعوه يمثل مع الصغار، في كل مناسبة، دراما الشفقة المعتادة، كي يكسب ملايين الدموع والتصفيقات أمام الكاميرا في القاعات، وتحت الأرض، وفي المؤتمرات، تلك القاعات التي امتلأت بمن اختارتهم الأجهزة خلال شهور، بشرط الصمت البليغ أمام عبقريته، أو التصفيق والجلوس، وكأنك في حضرة ساحر مهيب وعليم "شغل تأليه لساعتين بس كده لزوم اللقطة المتفق عليها لتثبيت أركان الهيبة مقابل هواء وماء شرم الشيخ".
اتركوه يتكلم عن الشائعات التي يخطط لها في الأجل القريب، والتي قد تطاول السد العالي، كما طاولت من قبل، في أيام محمد مرسي، أبا الهول والهرم وقناة السويس وحلايب وشلاتين، وطارت حتى وصلت إلى ضريح الحسين بن علي نفسه رضي الله عنهما.
اتركوه يحكي مظلمته من الناس الذين ظلموه بألم، لأنه يحمي للأجيال الكرسي، ومسؤوليته التي صارت في عنقه وحده. صدّقوه حينما يقول لكم شجيّا منكسرا حزينا: "إحنا فقرا أوي"، وصدّقوه أيضا حينما يقول لكم "مصر قد الدنيا وهتبقى قد الدنيا"، فالبلاغة تساعد الحزانى، وتساعد أيضا الكاذبين. صدّقوه في كل ما يقوله، واعتبروا عجزه شائعةً وقوته بداهةً، ونزاهته آية، ودعوه يتكلم ويزيد في تحلية مياه الصرف الصحي التي ستسد حاجة البلاد والعباد، وتعوّض كل مياه النيل، ودعوه يتكلم عن بحار المياه الجوفية التي دقّوا لها المواسير والسواقي والنواعير، وخرجت المياه من قلب الصحراء تضحك، وشربت منها الخراف والورد معا، فأينع الورد في الصحراء وكفّت الخراف المجازر والأضاحي في ربوع الوطن. دعوه يتكلم عن الرمل في الصحراء، وقد تحول إلى قصور جميلة.
صدّقوه حينما يتكلم عن قناة السويس الجديدة، وقد غطت البلاد بالجمبري (أبو راس أو أبو راسين أو أبو سبعة)، وتناطح الجمبري في القناة، بعدما كبر حجمه إلى درجة أنه عطل السير في القناة الجديدة، وتسبب (في ساعات هزاره) في تناطح السفن. صدّقوه حينما يقول: "آكل وجبة واحدة بس"، فالرجل يستطيع، ويستطيع أيضا أن يتخلى عن "الساعة الأوميغا"، ويُلقي بها في البحر، ويستطيع أيضا ألا يقترب من أي طبقٍ من الجمبري، ويكتفي بطبق من "البليلة" من جوار ضريح الحسين.
دعوه يمثل مع الصغار، في كل مناسبة، دراما الشفقة المعتادة، كي يكسب ملايين الدموع والتصفيقات أمام الكاميرا في القاعات، وتحت الأرض، وفي المؤتمرات، تلك القاعات التي امتلأت بمن اختارتهم الأجهزة خلال شهور، بشرط الصمت البليغ أمام عبقريته، أو التصفيق والجلوس، وكأنك في حضرة ساحر مهيب وعليم "شغل تأليه لساعتين بس كده لزوم اللقطة المتفق عليها لتثبيت أركان الهيبة مقابل هواء وماء شرم الشيخ".
اتركوه يتكلم عن الشائعات التي يخطط لها في الأجل القريب، والتي قد تطاول السد العالي، كما طاولت من قبل، في أيام محمد مرسي، أبا الهول والهرم وقناة السويس وحلايب وشلاتين، وطارت حتى وصلت إلى ضريح الحسين بن علي نفسه رضي الله عنهما.
اتركوه يحكي مظلمته من الناس الذين ظلموه بألم، لأنه يحمي للأجيال الكرسي، ومسؤوليته التي صارت في عنقه وحده. صدّقوه حينما يقول لكم شجيّا منكسرا حزينا: "إحنا فقرا أوي"، وصدّقوه أيضا حينما يقول لكم "مصر قد الدنيا وهتبقى قد الدنيا"، فالبلاغة تساعد الحزانى، وتساعد أيضا الكاذبين. صدّقوه في كل ما يقوله، واعتبروا عجزه شائعةً وقوته بداهةً، ونزاهته آية، ودعوه يتكلم ويزيد في تحلية مياه الصرف الصحي التي ستسد حاجة البلاد والعباد، وتعوّض كل مياه النيل، ودعوه يتكلم عن بحار المياه الجوفية التي دقّوا لها المواسير والسواقي والنواعير، وخرجت المياه من قلب الصحراء تضحك، وشربت منها الخراف والورد معا، فأينع الورد في الصحراء وكفّت الخراف المجازر والأضاحي في ربوع الوطن. دعوه يتكلم عن الرمل في الصحراء، وقد تحول إلى قصور جميلة.
صدّقوه حينما يتكلم عن قناة السويس الجديدة، وقد غطت البلاد بالجمبري (أبو راس أو أبو راسين أو أبو سبعة)، وتناطح الجمبري في القناة، بعدما كبر حجمه إلى درجة أنه عطل السير في القناة الجديدة، وتسبب (في ساعات هزاره) في تناطح السفن. صدّقوه حينما يقول: "آكل وجبة واحدة بس"، فالرجل يستطيع، ويستطيع أيضا أن يتخلى عن "الساعة الأوميغا"، ويُلقي بها في البحر، ويستطيع أيضا ألا يقترب من أي طبقٍ من الجمبري، ويكتفي بطبق من "البليلة" من جوار ضريح الحسين.