حلقة جديدة من حلقات الفوضى الإعلامية غير الخلّاقة، يعيشها الإعلام المصري منذ فترة. فيقول أحد الإعلاميين، ملخصاً المشهد: "قنوات تظهر وأخرى تختفي وتمويل مشبوه، وأطراف داخلية وخارجية وتحريض ودعوات للقتل على الهواء، وطائفية وفاشية... وكذب حدث عنه ولا حرج".
وعندما تنبه القائمون على شؤون الإعلام لهذه الفوضى، التي بدأت بعشوائيتها، تتقاعس عن دورها في خدمة النظام، جاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لتوجيه رسالته الشهيرة للإعلام "مايصحش كدة". وكان المحامي خالد أبو بكر أول مَن يقال له "مايصحش كدة"، وتبعته ريهام سعيد عقب خطأ مهني وأخلاقي فاضح ارتكتبه، في حق ما اشتهر بواقعة "فتاة المول"، التي عرضت لها صوراً شخصية مسيئة، ولولا ثورة مواقع التواصل، لمر الأمر مرور الكرام، بالإضافة إلى نهاية إسلام بحيري، المثير للجدل، الأكثر مأساوية، والتي كانت السجن بتهمة ازدراء الأديان.
ويبدو أن القائمة ستطول، لكن الملاحظ أن علاج الفوضى، تم بفوضى أكثر، فهناك إعلاميون ارتكبوا فضائح أخلاقية مثل أحمد موسى، الذي عرض صوراً إباحية، للمخرج خالد يوسف، ومرتضى منصور الذي نال كثيرون أذى كبيراً منه ومن ألفاظه، ولكن "يابخت من كان الأمن خاله"، فهي القاعدة التي تدير محاسبة إعلاميين، كما علق ناشطون.
ويأتي الدور على خيري رمضان، حيث تم إيقاف برنامجه "ممكن"، على فضائية "سي بي سي"، عقب الضجة التي أثارتها تصريحات تيمور السبكي، أدمن صفحة " يوميات زوج مطحون"، التي اتهم فيها 30 بالمئة من نساء الصعيد بخيانة أزواجهن، ووصل الأمر لتهديد تيمور السبكي بالقتل، وكذلك تدشين حملات لمقاطعة قناة "سي بي سي" وليس برنامج رمضان فقط.
ورغم أن الحوار قديم، ومضى عليه ما يقرب من ثلاثة أشهر، إلا أن الأذرع أخرجته، وأججت نيرانه على منصات التواصل، للتغطية على إضراب الأطباء، ما أطلق على إثره موجات غضب من أهل الصعيد، واستدعى اجتماعاً لغرفة صناعة الإعلام، وهو تجمع يضم قنوات مصرية خاصة، منها "سي بي سي"، التي يرأس مالكها محمد الأمين مجلس إدارتها.
واستجابت "سي بي سي" سريعا لقرار الغرفة بإيقاف خيري رمضان، لمدة 15 يوما وإحالته للتحقيق، في ظل غياب الدولة أو قوانينها عن الإعلام، باستثناء قاعدة رئيس النظام: "مايصحش كدة".
المنصات استقبلت إيقاف برنامج "ممكن" لخيري رمضان بموجات من الجدل، وتباين الآراء، ونسب البعض لرمضان تغريدة نقلتها المواقع، قال فيها: "الحياة ستدور وستصيب الظالم بما ظلم والشامت بما شمت والمُسيء بما أساء. لا تَحزن وربُك أعدل العادلين.. حسبي الله و نعم الوكيل. #خيري_رمضان"، وهي التغريدة التي عاد ونفاها في وقت لاحق، وعلق على حسابه الرسمي وقال: "للأسف نشرت أغلب المواقع تصريحات منسوبة لي على موقع مزيف ولم يفكر أحد في سؤالي، والجميع يتحدث عن المهنية، هذا هو حسابي الوحيد ولم أصرح بشيء للآن".
وتعجبت الصحافية ياسمين محفوظ من قرار الإيقاف: "يعني خيري رمضان يستضيف شخص من 3 شهور والشخص ده غلط في نساء الصعيد فجأة دلوقتي افتكروا ووقفوا البرنامج! اعتبروه الإبراشي ولا أحمد موسى طيب"، ووافقها رئيس تحرير جريدة "المال" حازم شريف، قائلاً: "غرفة صناعة الإعلام لم توقف برامج أحمد موسى ولا توفيق عكاشة ولا محمد الغيطي ولا سيد علي ولا ريهام سعيد.. وإنما خيري رمضان".
ولخص الكاتب الصحافي محمد فتحي، معد برنامج "ممكن" الأزمة برمتها، فكتب: "مقطع تم مونتاجه من حلقة عمرها شهرين وتم تشييره بكثافة مفاجئة وتم (شحن) نواب البرلمان من مصطفى بكري لتقديم بلاغات مع حملة إعلامية ممنهجة"، وتساءل في تغريدة أخرى: "وإذا كان الأمر التزاماً بالمهنية.. حوش المهنية اللي بتخر من موسى وعكاشة وحساسين وغيرهم.. وإذا كان صراع أجهزة، ما تلعبوا مع بعض بالعقل"، وأضاف: "إذا كان الأمر انتصاراً للمبدأ وللفضائح فمنظمات دولية طالبت بعقاب وزير العدل على تصريح عنصري ألقاه في برنامج، ولم يحاسب ولم يوقف البرنامج".