أبدت كل من إيران وفرنسا رغبتهما بتحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية فيما بينهما منذ الإعلان عن التوصل لاتفاق نووي مع دول 5+1 منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، رغم الموقف السياسي الفرنسي المتشدد من طهران، حيث أن هذا الاتفاق بحال صكه ودخوله حيز التنفيذ سيسمح بإلغاء العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني، وهو ما يبدو جيدا للغاية بالنسبة لعدد من المستثمرين الفرنسيين الذين أبدوا استعدادهم للدخول إلى السوق الإيرانية من أوسع الأبواب.
وبعد زيارة لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، إلى العاصمة طهران، يتحضر الرئيس الإيراني حسن روحاني لتلبية الدعوة لزيارة فرنسا شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وكان وفد فرنسي زار طهران منتصف الأسبوع الماضي في زيارة استمرت عدة أيام، وعلى رأسه وزير التجارة الفرنسي ماتياس فيكل، ووزير الزراعة ستيفان لوفول، كما أجرى أعضاء هذا الوفد خلال الزيارة اجتماعات خاصة ومكثفة مع المعنيين الإيرانيين في القطاعات التجارية والاقتصادية.
وضم الوفد أكثر من 150 شخصية تعمل في شركات فرنسية كبرى، ومنها شركة توتال النفطية العملاقة، وشركة بيجو لتصنيع السيارات، فضلا عن ممثلين عن شركات متوسطة وصغيرة تعمل في قطاعات الزراعة، النقل، الماء واستيراد وتصدير البضائع.
وكانت مجموعة الضغط الاقتصادية الفرنسية "ميديف"، قد أعربت في وقت سابق أنها لن توقع أي صفقات في الوقت الراهن مع إيران، ولكنها ستحاول المضي قدما لتطوير العلاقات الاقتصادية مع طهران، وتجهيز الأرضية الملائمة لهذا التعاون المرتقب، وفي هذا الإطار اتجهت فرنسا إلى افتتاح مكتب جديد للتجارة في طهران.
اقرأ أيضاً: مصارف إيران تعالج أزماتها تأهباً للاستثمارات الأجنبية
كل هذا يصب لصالح التوقعات بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية الإيرانية الفرنسية، ولا سيما في قطاع الطاقة، فشركة توتال الفرنسية كانت شريكا عملاقا لإيران في هذا المجال قبل العام 2010، أي قبل تشديد الحظر على البلاد، وهذه الشركة تحاول الحصول اليوم على ضمانات لدخول السوق الإيرانية من جديد بحال إلغاء العقوبات.
ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة توتال، ستيفان ميشيل، قوله إن توتال تريد أن تطور تعاونها مع إيران في المستقبل، حيث ستعمل على توقيع عقود ترتبط بقطاع البتروكيماويات وقطاع الغاز الطبيعي المسال، فضلا عن سعيها للحصول على استثمارات التنقيب واستخراج النفط.
وأضاف ميشيل أن توتال كانت فاعلة في الحقلين الثاني والثالث التابعين لحقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي، مؤكدا أن توتال تستطيع بعد تطوير التبادل المالي والمصرفي بين إيران وفرنسا، وبعد إيجاد أرضيات لتبادل الخبرات والتقنيات أن تعود كشريك هام لإيران في مجال الطاقة، ولكن هذا يبقى مشروطا بإلغاء الحظر الاقتصادي أولا، وبأن تكون المشاريع في إيران ذات فوائد ومميزات ثانيا حسب قوله.
وبذات السياق، أكد الوزير الفرنسي السابق وعضو لجنة الاتحاد الأوربي حالياً، اينوتيباوت دي سيلغاي، في تصريحات سابقة أن التعاون مع إيران في مجال الطاقة ضروري، معتبرا هو الآخر أن إلغاء العقوبات سيسمح بمزيد من التعاون المالي والمصرفي.
وبدأت مباحثات تتعلق بالتعاون المرتبط بقطاع السيارات بين طهران وباريس، حيث أطلقت شركة صناعة السيارات الفرنسية "بي اس ايه" مباحثات مع "إيران خودرو" الإيرانية لإنشاء شراكة جديدة بينهما مستقبلا.
وحسب اللجنة الأوروبية، فإن قيمة الصادرات الفرنسية إلى إيران بلغت عام 2014 ما يعادل 453 يورو، أي 510.5 ملايين دولار، كما بلغت قيمة الواردات الفرنسية من إيران في ذات الفترة 29 مليون يورو، كما أن التقارير الرسمية تدل على تراجع معدلات التبادل التجاري بشدة خلال فترة تشديد الحظر على إيران بسبب تطوير برنامجها النووي، حيث انخفض معدل التبادل التجاري بين البلدين إلى 400 مليون يورو، وهذا بعد أن وصل إلى أربعة مليارات يورو قبيل فرض العقوبات.
اقرأ أيضاً: إيران..قطار الاستثمارات الغربية يبدأ من ألمانيا