تراقب إيران باهتمام بالغ التطورات الأخيرة في أسواق النفط، ولا سيما في ظل توقعات بمزيد من الارتفاع في أسعار النفط ليصل إلى 100 دولار للبرميل في الفترة المقبلة، لعلها تعوّض ما ستخسره جراء تراجع صادراتها النفطية مع اقتراب تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية المقررة بداية الشهر المقبل، والتي من المفترض أن تستهدف القطاعين المالي والنفطي.
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أمس، إن سوق النفط تعاني من نقص الإمدادات وإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يقدر على خفض أسعار النفط بممارسة "التنمر" على دول أخرى، حسب وكالة أنباء العمال الإيرانية شبه الرسمية.
وتتجه أسعار النفط نحو مزيد من الصعود في ظل تراجع صادرات إيران ونقص المعروض الذي تسعى السعودية وروسيا ودول منتجة أخرى لتعويضه. وفي أول أسبوعين من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، صدرت إيران 1.33 مليون برميل يوميا من الخام إلى دول من بينها الهند والصين وتركيا وفقا لبيانات "رفينيتيف أيكون" التي نشرت أمس، ويمثل ذلك انخفاضا من 1.6 مليون برميل يوميا خلال نفس الفترة من سبتمبر/ أيلول الماضي.
ويعد التراجع أحد تداعيات انسحاب الرئيس الأميركي في مايو/ أيار من الاتفاق النووي العالمي وإصدار أوامره بإعادة فرض عقوبات على إيران، وضغوطه المتواصلة على الدول لوقف إستيراد النفط الإيراني.
وتضرّرت طهران كثيراً من الحزمة الأولى للعقوبات الأميركية، في شهر أغسطس/آب الماضي والتي ساهمت بشكل أو بآخر بتدهور العملة المحلية أمام الدولار، لكن الضرر الأكبر المرتقب سيكون مع بدء تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل والذي سيؤدي لتقليص الصادرات النفطية.
إلا أن هناك بعض الحسابات التي قد تغير الموازين ومنها أن حكومة طهران كانت قد صكّت موازنتها للعام الإيراني الحالي الذي بدأ في 21 مارس/آذار 2018، وبلغت 341 مليار دولار بزيادة 30 مليارا عن العام الذي سبقه. واستندت الحكومة فيها لسعر صرف يبلغ 35 ألف ريال للدولار الواحد وهو الذي تغير كثيرا، وتأرجح في بعض الفترات ليتراوح بين 120 ألفا و160 ألف ريال، لكن مقابل ذلك كانت الحكومة مدركة للمشكلة التي قد تحلّ بالنفط، فاستندت في موازنتها لسعر 55 دولارا للبرميل الواحد، وبصادرات توقعت أن تصل إلى 1.087 مليون برميل في اليوم، وهي أقل من العام السابق.
في ذاك الوقت، بررت الحكومة برئاسة حسن روحاني أنها تريد التقليل من الاعتماد على صادراتها النفطية مستفيدة من صفقاتها مع الأطراف الأجنبية والناجمة عن الاتفاق النووي.
ويرى الخبير في شؤون الطاقة في إيران حسين أنصاري فرد في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأمور لن تكون سيئة كثيرا في المستقبل القريب. وذكر أن الحكومة توقعت زيادة عائدات البلاد النفطية بنسبة 61٪ في الأشهر الستة الأولى من العام الإيراني الحالي، والتي انقضت الشهر الماضي حيث تبدأ السنة المالية في إيران من 21 مارس/ آذار.
وحسب أنصاري فرد، تتوقع الحكومة في الوقت الراهن ارتفاع الأسعار أيضا، معتبرا أن النقص الذي سيحصل في صادرات نفط إيران إثر العقوبات لا يمكن تعويضه بالكامل من قبل أطراف ثانية مثل السعودية.
وتابع أن ما سيحصل من توقعات بزيادة سعر النفط يعني تأثيرا إيجابيا على موازنة الحكومة وقد يغطي عجزها نسبيا، لأنها أولا صكت الموازنة على أساس سعر برميل 55 دولارا لا 100 دولار حسب التوقعات الدولية، لكن التحدي الذي يواجه إيران هو انخفاض معدلات صادراتها النفطية، ما سيجعلها تراوح في ذات النقطة بالنتيجة.
يأتي كل ذلك، عقب أن أعلنت الإدارة الأميركية عن إعفاءات واستثناءات للعقوبات على النفط الإيراني، فمنحت الولايات المتحدة شركتي بي.بي وسيريكا إنرجي تراخيص تسمح لهما باستمرار العمل بتشغيل حقل غاز في بحر الشمال.
ورغم توعد واشنطن الرافضين تخفيض وارداتهم من النفط الإيراني بعقوبات من طرفها، أبدت الهند موقفا حاسما في هذا الصدد، وأكدت أنها ستستمر بشراء نفط طهران رغم أن التقارير نقلت أنها خفضت حجم وارداتها منه في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو المبرر برغبة منها في الحصول على استثناء أميركي، وبالنتيجة ترى طهران ذلك لصالحها أيضا.
اقــرأ أيضاً
وتعتقد طهران عدم وجود قدرة لدى الدول الأخرى المنتجة وعلى رأسها السعودية بأن تعوض غياب النفط الإيراني بالكامل، واعتبر وزير النفط الإيراني في تصريحات سابقة أن التصريحات السعودية التي تتحدث عن هذا الأمر مجرد هراء، مؤكدا أنه لا أثر حقيقي لتصريحات من هذا النوع على السوق.
أما الصحافي المتخصص بالشأن الاقتصادي مهدي الياسي فرأى أن الضغوط الأميركية المستمرة وانتظار طهران لتسلم حزمة المقترحات والآليات الأوروبية التي ستسمح لها باستمرار بيع نفطها وتسلم عائداتها بالعملة الصعبة بعيدا عن العصا الأميركية، يؤثر كثيرا على البلاد، فارتفاع أسعار النفط المرتقب سيكون له تأثير نسبي وربما لن يكون إيجابيا بالمعنى الحقيقي حسب رأيه.
وأضاف الياسي لـ"العربي الجديد" أن صادرات نفط إيران انخفضت عن فترات سابقة، وسيؤدي ارتفاع الأسعار لتعويض العجز لدى الحكومة بشكل نسبي، لأن معدلات كمية الصادرات في انخفاض.
وعن خيارات طهران القادمة، قال إن المعنيين يترقبون حصول شركائهم على إعفاءات، فارتفاع سعر النفط قد يؤدي لأزمة ربما تصب لصالح طهران في أحد زواياها، مؤكدا أنه لا يمكن تصفير صادرات نفط إيران بأي شكل، فلهذا الأمر انعكاسات كبيرة على السوق، متوقعا أن تحافظ إيران على الأقل على معدل صادرات يبلغ مليون برميل.
وفي ذات الوقت، رأى أن ارتفاع الأسعار قد يشكل سلاحا ربما يستخدم ضد طهران التي ستخضع للمزيد من الضغوط، فمن يريدون أن يحتلوا مكانها في السوق، لتحقيق الغاية الأميركية قد يجدون خططا لتحقيق تعادل الأسعار من خلال الاتفاق على تغيير معدلات الإنتاج في أوبك مثلا.
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أمس، إن سوق النفط تعاني من نقص الإمدادات وإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يقدر على خفض أسعار النفط بممارسة "التنمر" على دول أخرى، حسب وكالة أنباء العمال الإيرانية شبه الرسمية.
وتتجه أسعار النفط نحو مزيد من الصعود في ظل تراجع صادرات إيران ونقص المعروض الذي تسعى السعودية وروسيا ودول منتجة أخرى لتعويضه. وفي أول أسبوعين من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، صدرت إيران 1.33 مليون برميل يوميا من الخام إلى دول من بينها الهند والصين وتركيا وفقا لبيانات "رفينيتيف أيكون" التي نشرت أمس، ويمثل ذلك انخفاضا من 1.6 مليون برميل يوميا خلال نفس الفترة من سبتمبر/ أيلول الماضي.
ويعد التراجع أحد تداعيات انسحاب الرئيس الأميركي في مايو/ أيار من الاتفاق النووي العالمي وإصدار أوامره بإعادة فرض عقوبات على إيران، وضغوطه المتواصلة على الدول لوقف إستيراد النفط الإيراني.
وتضرّرت طهران كثيراً من الحزمة الأولى للعقوبات الأميركية، في شهر أغسطس/آب الماضي والتي ساهمت بشكل أو بآخر بتدهور العملة المحلية أمام الدولار، لكن الضرر الأكبر المرتقب سيكون مع بدء تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل والذي سيؤدي لتقليص الصادرات النفطية.
إلا أن هناك بعض الحسابات التي قد تغير الموازين ومنها أن حكومة طهران كانت قد صكّت موازنتها للعام الإيراني الحالي الذي بدأ في 21 مارس/آذار 2018، وبلغت 341 مليار دولار بزيادة 30 مليارا عن العام الذي سبقه. واستندت الحكومة فيها لسعر صرف يبلغ 35 ألف ريال للدولار الواحد وهو الذي تغير كثيرا، وتأرجح في بعض الفترات ليتراوح بين 120 ألفا و160 ألف ريال، لكن مقابل ذلك كانت الحكومة مدركة للمشكلة التي قد تحلّ بالنفط، فاستندت في موازنتها لسعر 55 دولارا للبرميل الواحد، وبصادرات توقعت أن تصل إلى 1.087 مليون برميل في اليوم، وهي أقل من العام السابق.
في ذاك الوقت، بررت الحكومة برئاسة حسن روحاني أنها تريد التقليل من الاعتماد على صادراتها النفطية مستفيدة من صفقاتها مع الأطراف الأجنبية والناجمة عن الاتفاق النووي.
ويرى الخبير في شؤون الطاقة في إيران حسين أنصاري فرد في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأمور لن تكون سيئة كثيرا في المستقبل القريب. وذكر أن الحكومة توقعت زيادة عائدات البلاد النفطية بنسبة 61٪ في الأشهر الستة الأولى من العام الإيراني الحالي، والتي انقضت الشهر الماضي حيث تبدأ السنة المالية في إيران من 21 مارس/ آذار.
وحسب أنصاري فرد، تتوقع الحكومة في الوقت الراهن ارتفاع الأسعار أيضا، معتبرا أن النقص الذي سيحصل في صادرات نفط إيران إثر العقوبات لا يمكن تعويضه بالكامل من قبل أطراف ثانية مثل السعودية.
وتابع أن ما سيحصل من توقعات بزيادة سعر النفط يعني تأثيرا إيجابيا على موازنة الحكومة وقد يغطي عجزها نسبيا، لأنها أولا صكت الموازنة على أساس سعر برميل 55 دولارا لا 100 دولار حسب التوقعات الدولية، لكن التحدي الذي يواجه إيران هو انخفاض معدلات صادراتها النفطية، ما سيجعلها تراوح في ذات النقطة بالنتيجة.
يأتي كل ذلك، عقب أن أعلنت الإدارة الأميركية عن إعفاءات واستثناءات للعقوبات على النفط الإيراني، فمنحت الولايات المتحدة شركتي بي.بي وسيريكا إنرجي تراخيص تسمح لهما باستمرار العمل بتشغيل حقل غاز في بحر الشمال.
ورغم توعد واشنطن الرافضين تخفيض وارداتهم من النفط الإيراني بعقوبات من طرفها، أبدت الهند موقفا حاسما في هذا الصدد، وأكدت أنها ستستمر بشراء نفط طهران رغم أن التقارير نقلت أنها خفضت حجم وارداتها منه في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو المبرر برغبة منها في الحصول على استثناء أميركي، وبالنتيجة ترى طهران ذلك لصالحها أيضا.
أما الصحافي المتخصص بالشأن الاقتصادي مهدي الياسي فرأى أن الضغوط الأميركية المستمرة وانتظار طهران لتسلم حزمة المقترحات والآليات الأوروبية التي ستسمح لها باستمرار بيع نفطها وتسلم عائداتها بالعملة الصعبة بعيدا عن العصا الأميركية، يؤثر كثيرا على البلاد، فارتفاع أسعار النفط المرتقب سيكون له تأثير نسبي وربما لن يكون إيجابيا بالمعنى الحقيقي حسب رأيه.
وأضاف الياسي لـ"العربي الجديد" أن صادرات نفط إيران انخفضت عن فترات سابقة، وسيؤدي ارتفاع الأسعار لتعويض العجز لدى الحكومة بشكل نسبي، لأن معدلات كمية الصادرات في انخفاض.
وعن خيارات طهران القادمة، قال إن المعنيين يترقبون حصول شركائهم على إعفاءات، فارتفاع سعر النفط قد يؤدي لأزمة ربما تصب لصالح طهران في أحد زواياها، مؤكدا أنه لا يمكن تصفير صادرات نفط إيران بأي شكل، فلهذا الأمر انعكاسات كبيرة على السوق، متوقعا أن تحافظ إيران على الأقل على معدل صادرات يبلغ مليون برميل.
وفي ذات الوقت، رأى أن ارتفاع الأسعار قد يشكل سلاحا ربما يستخدم ضد طهران التي ستخضع للمزيد من الضغوط، فمن يريدون أن يحتلوا مكانها في السوق، لتحقيق الغاية الأميركية قد يجدون خططا لتحقيق تعادل الأسعار من خلال الاتفاق على تغيير معدلات الإنتاج في أوبك مثلا.