وحذّر خامنئي من هذه السياسة، التي وصفها بـ"الغدارة"، فأكد ضرورة الوحدة بين مسلمي المنطقة، وضرورة التفريق بين ما وصفه بـ"الإسلام المحمدي" و"الإسلام الأميركي"، الذي يتم التسويق له.
وتأتي تصريحات خامنئي في وقت تزايدت فيه الانتقادات الإيرانية للضربات الأميركية الموجهة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إذ يعتبر المسؤولون الإيرانيون أن هناك تناقضاً بين التصريحات الأميركية المعلنة التي تريد القضاء على "الإرهاب" في المنطقة، وبين النية الأميركية الحقيقية.
ونقلت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية، عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية، مرضية أفخم، اليوم الجمعة، قولها إنه "على الدول التي تدّعي محاربة الإرهاب أن تقطع دعمها وتمويلها للمجموعات المسلحة الأخرى، فهذا يؤسس لخطر جديد".
كما نفت تصريحات صحافية للأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، فأشارت إلى أن "طهران تشدد على حل قضايا المنطقة بالحوار، وترفض التدخل الخارجي في شؤون المنطقة". واعتبر أن "الحلّ يأتي بتعاون إقليمي، ومستنكرة الاتهامات الدائمة التي توجه لبلادها بعدم مساعدتها في حل المشكلات بل واعتبارها جزءاً منها".
وكان العربي قد قال إن "إيران جزء من المشكلة، وليست جزءاً من الحلّ"، واتهمها بالتدخل في شؤون بعض الدول العربية، ونقل أنه أبلغ وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، بضرورة إيقاف ذلك، خلال لقائه به على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.
وكان ظريف قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي مولود أوغلو، مساء أمس الخميس، بعد إقرار البرلمان التركي لمشروع طرحته الحكومة يسمح بتدخل الجيش التركي وتوجيه ضربات ضد "داعش".
ونقل ظريف رفض بلاده لخطوة من هذا النوع، معتبراً أنه على جميع دول المنطقة التعاون لأجل الأمن والاستقرار، وليس جر المنطقة نحو مزيد من المشاكل.
وبحسب محللين، فإن التحذيرات الإيرانية تعود لتخوّف الجمهورية الإسلامية من توجيه ضربة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الاستراتيجي لطهران.
في المقابل، يرى البعض في إيران أن الأمور تتحرك لصالح البلاد، إذ أعلن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، لوكالة أنباء "فارس"، إن الولايات المتحدة بحاجة لإيران للقضاء على "داعش"، متهماً واشنطن بصناعة وتغذية هذا التنظيم، ومعتبراً أن "ما يحدث يتحرك لصالح إيران التي وصلت قدرتها ونفوذها إلى شرق المتوسط"، حسب تعبيره.
بموازاة ذلك، تستمر إيران في تركيزها على محادثاتها النووية مع الغرب، إذ تنتظر استئناف الحوار مع السداسية الدولية خلال عشرة أيام، بحسب نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي.
وأعلن ممثل إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رضا نجفي، اليوم، أن وفداً من الوكالة على رأسه نائب الأمين العام للوكالة، ترو فاريورانتا، سيزور طهران الأسبوع المقبل، لبحث الاتفاق بين الطرفين، بعدما أوفت طهران، حسب تقارير سابقة للوكالة، بتعهدين من خمسة تعهدات وقعت عليها في السابق.
واتهم نجفي الوكالة بالكشف عن ملفات سرية، مشككاً بوجود جواسيس على إيران، يقومون بالكشف عن بعض الملفات الإيرانية لآخرين.
من جهة ثانية، أثنى خطيب صلاة الجمعة في طهران، أحمد خاتمي، اليوم، على جهود الوفد النووي المفاوض، الذي أنهى جولته الأخيرة على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.
وأضاف أن "الرئيس، حسن روحاني، الذي كان في نيويورك أيضاً، كان له دور في إيصال ما تريده طهران للعالم، إذ أنه أكد على الحقوق النووية الإيرانية، وبات العالم يعرف ما هي الخطوط الحمراء التي حددها المرشد الأعلى والتي لا يجب تجاوزها في المفاوضات النووية".
وتابع أن "بلاده لا يُمكن أن تستغني عن حقها في تخصيب اليورانيوم، ولا يمكن أن توقف عجلة أجهزة الطرد المركزي التي توفر الوقود اللازم للمفاعلات النووية". واعتبر أن "روحاني ساهم في إيصال هذه الرسالة". وأشار أيضاً إلى أن "مفاعلي نطنز وفردو يجب أن يستمرا في العمل"، فضلاً عن إصراره على ضرورة استمرار عمل مفاعل "آراك" بالماء الثقيل، تزامناً وضرورة إلغاء الحظر المفروض على البلاد.
كما انتقد خاتمي تصريحات رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في نيويورك التي حمّلت إيران مسؤولية تنامي الإرهاب في المنطقة، ووجه خطابه لمنتقدي روحاني في الداخل قائلاً إن "لقاء روحاني بكاميرون لا يجب أن يسمح بالخلاف الشديد مع الحكومة".
إلى ذلك، قال نائب لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني، منصور حقيقت بور، لوكالة أنباء "فارس"، إن "وزارة الخارجية على خلاف مع هذه اللجنة حول موضوع تطوير العلاقات مع بريطانيا وحتى السعودية، وهو ما يصب لصالح أن الحكومة تحاول التحرك باتجاه ترميم العلاقات مع هذين الطرفين، وهو ما يتعرض لانتقادات في الداخل ولا سيما من قبل الطيف المحافظ المتشدد".