إعلام سوري حرّ في ظل تعتيم النظام

22 سبتمبر 2014
"أم عبده الحلبية".. صغيرات يتقمصن هموم جيل أكبر
+ الخط -
خلال أكثر من ثلاث سنوات ونصف على اندلاع الثورة السورية، ظهرت عدة قنوات تلفزيونية معارضة، بدأت في بث أخبار محلية، لا تُذكر عادة في وسائل إعلام النظام. واستطاعت تلك القنوات الكشف عن الكثير من الأخبار المغلوطة التي يبثها مؤيدو نظام بشار الأسد.

وقناة "حلب اليوم"التي تأسست في العام 2012، واحدة من القنوات التي يتابعها السوريون، خاصة سكان حلب. وقد دأبت هذه القناة على نقل أخبار المعارك، كما ركزت في شريطها الإخباري على كل ما يتعلق بالحياة اليومية لسكان المدينة، ويتابع مراسلوها ما يتعلق عادة بأزمات انقطاع المياه والكهرباء. ولا تنسى المحطة التطرق إلى مشكلة غلاء الأسعار، أو غياب السلع الضرورية من خبز وغاز منزلي وخضار، خاصة عندما فرض النظام، في الصيف الماضي، حصاراً شديداً على القسم الشرقي من مدينة حلب، حيث تسيطر قوات معارضة.

ومن البرامج الفكاهية التي تبثها قناة "حلب اليوم" برنامج "أم عبدو الحلبية" ذات الدم الخفيف كما يصفها أهل حلب، والتي تروي بلهجة حلبية صرفة وبأسلوب ساخر، معاناة الناس، وكيفية تدبير معيشتهم، كما أنها تقدم لهم نصائح تفيدهم في التأقلم مع الأوضاع الجديدة، وتوفر عليهم شيئاً من متاعبهم.

وقد أفردت مجلة "نيوزويك" الأميركية، في عددها الأخير، تقريراً خاصاً بهذه القناة الحلبية المعارضة تطرقت إلى برامجها الساخرة، ومنها برنامج "بكرة أحلى" الذي يعده فريق عمل من داخل مدينة حلب. وحول هذا البرنامج، يقول خليل الآغا، مدير القناة: "الكوميديا إحدى وسائل مقاومة النظام".

أما برنامج" أم عبدو الحلبية" فهو عبارة عن حكايات وطرف تبث يومياً لمدة عشر دقائق، كجزء من برامج المحطة التي تبث على مدار الساعة. وكما هو حال جميع برامج قناة "حلب اليوم"، فإن المواصفات الإنتاجية لبرنامج أم عبدو بسيطة للغاية، وتصور معظم حلقاته داخل أماكن مغلقة، لكنه يمثل معجزة في مقاومة نظام الرئيس بشار الأسد، وقوات داعش التي اتخذت لنفسها لقب "الدولة الإسلامية"، واستولت خلال الأشهر الثلاث الأخيرة على مساحات واسعة من أراضي العراق وسورية.
 وقد عمد تنظيم داعش، خلال الفترة الأخيرة إلى قطع رأسيّ صحافيَّين أميركيَّين، كما استهدف عدداً من الصحافيين السوريين. واختطف التنظيم مؤخراً أحد صحافيي قناة "حلب اليوم" وقتلوه، وجرحوا صحافياً آخر. كما نجا صحافي ثالث، عندما تمكن من الهرب إثر تفجير مقرّ كان محتجزاً داخله، وهو يقيم الآن في تركيا.

حركة إعلامية عفوية
يقول خليل الآغا مدير القناة، يمثل الرعب أكبر تحدٍ يواجه محطة تلفزيونية، وإن العدو الأولي لقناة "حلب اليوم" هو نظام الأسد، والذي ما زالت طائراته تقصف حلب يومياً ببراميل مليئة بالمتفجرات والشظايا. وقد دمِّر جهاز بثنا الخارجي بواسطة برميل متفجر أثناء تصويرنا أحد البرامج. ويسقط عادة على مدينة حلب قرابة 35 برميلاً متفجراً في كل يوم، ويقتل ما لا يقل عن 50 ضحية من السكان المدنيين العزل.

وتعد قناة" حلب اليوم" جزءاً من حركة إعلامية عفوية نشأت في مناطق تخضع لسيطرة المعارضة في سورية. وللمحطة ما لا يقل عن قناتين منافستين، وهما "أورينت"، و"سورية الغد"، اللتين تبثان من دبي والقاهرة على التوالي.

ولم يكن يوجد في سورية، إلى ما قبل ثلاث سنوات ونصف عندما بدأت الثورة، سوى ثلاث صحف رسمية، وتلفزيون رسمي وحيد. ولا يقتصر عمل المحطات التلفزيونية المعارضة على توثيق الثورة، وحسب، بل إنها مولودة من رحم الثورة السورية.

ويقيم الآغا في تركيا، وهو يتواصل مع المعارضين في الداخل السوري عبر برامج محادثة كسكايب وسواه، ويعمل في قناة "حلب اليوم" 50 شخصاً يوجدون في مكان مجهول. ولا يزال 12 عاملاً في القناة، يتابعون عملهم من داخل مدينة حلب، أكبر المدن السورية، التي شهدت أحياؤها القديمة والشرقية قتالاً ضارياً بين قوات الأسد وفصائل المعارضة، خلال العامين الأخيرين. وتشير التقديرات إلى سقوط ما بين 13.500 إلى 23000 ضحية داخل المدينة. وتنقسم المدينة بين النظام، الذي يهيمن على جزئها الغربي، وبين قوات المعارضة في قسمها الشرقي، في حين يسيطر تنظيم داعش على منطقة تقع شرقي حلب.

وتركز قناة "حلب اليوم" على الأخبار الواردة من سورية، وتبث برامج وثائقية، وأفلاماً قصيرة تلتقطها عدسات مواطنين وصحافيين، كما تبث القناة برامج دينية. يقول الآغا: "نعرض برامج تثبت أن الدين الإسلامي لا يدعو إلى القتل".

المساهمون