18 أكتوبر 2024
إطلاق الفاخوري في لبنان.. فضيحة أم صفقة؟
عندما قرّرت المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان، قبل أيام، إسقاط التهم بحق العميل لإسرائيل، المعروف بجزّار معتقل الخيام، عامر الفاخوري، بعد قبول دفوع شكلية تقدم بها وكلاؤه، بذريعة مرور الزمن على التهم الموجهة إليه. هل هذا الذي جرى فضيحة أم صفقة؟
المعروف لدى الجميع في لبنان أن الفاخوري كان، إبّان فترة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، يعمل ضمن صفوف عملاء ما كان يُعرف بـ "جيش لبنان الجنوبي" أو "مليشيا أنطوان لحد" المتعاملة مع "إسرائيل". وكان مسؤولاً في معتقل الخيام الذي زجّت فيه قوات الاحتلال مئات من أبناء القرى الجنوبية وغيرهم، بسبب أو من غير سبب، وقد مارس الفاخوري، في حينه، أبشع صنوف التعذيب والتنكيل بحق المعتقلين، حتى أنّ بعضهم استشهد تحت التعذيب أو خلال فترة اعتقاله في المعتقل، وجميع المعتقلين يعرفون هذه الحقيقة، ويعرفون حجم مسؤولية الفاخوري عمّا لاقوه، ومقدار ما قدّموه من خدمات لـ "إسرائيل".
والمعروف أيضاَ أنّ الفاخوري فرّ في وقت سابق إلى "إسرائيل"، ومن هناك إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل على جنسيتها، من دون معرفة إذا ما كان قد أنهى ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية أم لا، ولا حتى إذا ما كان قد دخل طوْراً جديداً من التعامل من خلال العمل مع مخابرات الدولة التي منحته جنسيتها.
قبل بضعة أشهر، ومن دون معرفة الأسباب أو الخلفيات، عاد عامر الفاخوري إلى بيروت عبر مطارها، على اعتبار أنّ التهم الموجّهة إليه بالعمالة لصالح "إسرائيل" قد سقطت بتقادم الزمن، حيث مرّ على ذلك أكثر من عشرين عاماً، والقانون اللبناني يُسقط التهم عن أي شخص بمرور
هذه الفترة، إلاّ أنّ السلطات اللبنانية عادت وأوقفت الفاخوري بموجب دعاوى شخصية، وتحت ضغط الرأي العام اللبناني وحملة الإعلام في حينه. وهذه المحكمة العسكرية تاليا تسقط التهم الموجّهة للفاخوري، وأطلقت سراحه مع منعه من مغادرة البلاد. والمفاجأة كانت عندما اكتشف الرأي العام أن الفاخوري انتقل إلى السفارة الأميركية في بيروت، ومن هناك عبر طوّافة أميركية إلى قبرص، ومن هناك إلى الولايات المتحدة. وقد شكر الرئيس الأميركي، ترامب، الحكومة اللبنانية على تعاونها في هذا الصدد. وهنا كانت الصدمة لقطاع كبير من اللبنانيين، فقد وجدوا أنفسهم أمام سؤال كبير، هل هي فضيحة التدخّل بالقضاء اللبناني، أم صفقة على مستوى عال سمحت بما جرى؟
التدخّل في القضاء في لبنان مسألة معروفة، ولطالما رُفعت الشكاوى والأصوات مندّدة به، وقد شكّل التدخّل الحالي فضيحة مدوّية وكبيرة تضع القضاء اللبناني في قفص الاتهام، وأمام مسؤوليته، وتضع الحكومة أمام تحدّي استعادة ثقة اللبنانيين بقضائهم ودولتهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ الاتهام في هذه الحادثة يُوجّه إلى رئيس التيار الوطني الحر، وصهر رئيس الجمهورية، الوزير السابق جبران باسيل. والحقيقة الأخرى التي لا تقلّ فساداً أو "دناءة" تكمن في الحديث عن صفقةٍ جرت، وأكّدها ضمناً الرئيس الأميركي، بين جهة في الدولة اللبنانية أو متنفذّة فيها أو مهيمنة عليها، والولايات المتحدة لحسابات تعني كل طرف.
تطالب الحكومة اللبنانية، والقوى السياسية التي تقف خلفها، اللبنانيين بالثقة بالدولة والمؤسسات
والقضاء، إلاّ أنّها لا تفعل شيئاً حقيقياً من أجل استعادة هذه الثقة، خصوصا عندما يكتشف اللبنانيون حجم التدخّل بأهم مؤسسةٍ يمكن أن تجسّد الثقة والعادلة والقانون، وعندما يرون أن عملاء "إسرائيل"، وهي العدو الرسمي للبنان، يتم إطلاق سراحهم من دون محاكمة على جرائم ارتكبوها، بينما آلاف الشباب اللبناني في السجون بتهم واهية، بانتظار أن تقام لهم المحاكمات!
وبعض القوى السياسة التي طالما حاضرت بالعفّة والنزاهة والأخلاق والتزام المبادئ اكتشف اللبنانيون أيضاً كيف ضربت ذلك كله بعرض الحائط، مُقدّمة ومفضّلة مصالحها الخاصة والضيّفة على مبادئها وأخلاقها وقيمها التي سقطت مرّة جديدة أمام تحدّي الخصوصيات.
خلاصة القول: اللبنانيون اليوم أمام فضيحة جديدة من مسلسل الفضائح التي تعصف بالبلد. وأمام صفقة موصوفة بين أطرافٍ قدّمت مصالحها الخاصة والمرحلية على المبادئ والقيم. فكيف يمكن بعد ذلك يُطلب منهم الثقة بالدولة أو المساهمة في أي مشروع ينادي بالإصلاح والتغيير.
والمعروف أيضاَ أنّ الفاخوري فرّ في وقت سابق إلى "إسرائيل"، ومن هناك إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل على جنسيتها، من دون معرفة إذا ما كان قد أنهى ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية أم لا، ولا حتى إذا ما كان قد دخل طوْراً جديداً من التعامل من خلال العمل مع مخابرات الدولة التي منحته جنسيتها.
قبل بضعة أشهر، ومن دون معرفة الأسباب أو الخلفيات، عاد عامر الفاخوري إلى بيروت عبر مطارها، على اعتبار أنّ التهم الموجّهة إليه بالعمالة لصالح "إسرائيل" قد سقطت بتقادم الزمن، حيث مرّ على ذلك أكثر من عشرين عاماً، والقانون اللبناني يُسقط التهم عن أي شخص بمرور
التدخّل في القضاء في لبنان مسألة معروفة، ولطالما رُفعت الشكاوى والأصوات مندّدة به، وقد شكّل التدخّل الحالي فضيحة مدوّية وكبيرة تضع القضاء اللبناني في قفص الاتهام، وأمام مسؤوليته، وتضع الحكومة أمام تحدّي استعادة ثقة اللبنانيين بقضائهم ودولتهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ الاتهام في هذه الحادثة يُوجّه إلى رئيس التيار الوطني الحر، وصهر رئيس الجمهورية، الوزير السابق جبران باسيل. والحقيقة الأخرى التي لا تقلّ فساداً أو "دناءة" تكمن في الحديث عن صفقةٍ جرت، وأكّدها ضمناً الرئيس الأميركي، بين جهة في الدولة اللبنانية أو متنفذّة فيها أو مهيمنة عليها، والولايات المتحدة لحسابات تعني كل طرف.
تطالب الحكومة اللبنانية، والقوى السياسية التي تقف خلفها، اللبنانيين بالثقة بالدولة والمؤسسات
وبعض القوى السياسة التي طالما حاضرت بالعفّة والنزاهة والأخلاق والتزام المبادئ اكتشف اللبنانيون أيضاً كيف ضربت ذلك كله بعرض الحائط، مُقدّمة ومفضّلة مصالحها الخاصة والضيّفة على مبادئها وأخلاقها وقيمها التي سقطت مرّة جديدة أمام تحدّي الخصوصيات.
خلاصة القول: اللبنانيون اليوم أمام فضيحة جديدة من مسلسل الفضائح التي تعصف بالبلد. وأمام صفقة موصوفة بين أطرافٍ قدّمت مصالحها الخاصة والمرحلية على المبادئ والقيم. فكيف يمكن بعد ذلك يُطلب منهم الثقة بالدولة أو المساهمة في أي مشروع ينادي بالإصلاح والتغيير.