دخل يوم الخميس عشرات الآلاف من مدرسي الجامعات في إضراب عن العمل لمدة 14 يوماً، تمتد على أربعة أسابيع، بسبب خلاف مع أرباب العمل على تغييرات في رواتبهم التقاعدية، وهو ما يهدد بوقف الحياة الجامعية في نحو 65 جامعة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
ويقدّر اتحاد الجامعة والكلية النقابي، الذي يمثل المدرسين المضربين، أن الإضراب سيؤثر على نحو مليون طالب جامعي، خلال الشهر المقرر أن يتم فيه الإضراب، ويؤدي إلى خسارة نحو نصف مليون ساعة تعليمية.
ويبدو أن اليوم الأول من الإضراب قد سار بشكل جيد وفقاً لبول أوكونيل، أستاذ القانون في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، والمعروفة اختصاراً باسم "سواس"، وهي جزء من جامعة لندن، الذي يعتقد أن أعداد المشاركين هذه أفضل ما شهده منذ بداية عمله عام 2009.
وقال أوكونيل لـ"العربي الجديد": "إذا مرّت التعديلات التي يريدونها فذلك يعني أن المدرس الجامعي سيفقد وسطياً 10 آلاف جنيه من راتبه التقاعدي كل عام، وهو ما يعني دفعه نحو الفقر. ولذلك أخذنا هذه الخطوة غير المسبوقة بالإضراب لأربعة عشر يوماً، وهو ما لم نقم به سابقاً، فالموضوع شديد الأهمية بالنسبة إلينا".
وأضاف "لا نريد أن نضرب وأن نعطل تعليم طلابنا ولا نريد أن نخسر راتب 14 يوماً، وهو ما سنفقده إن بقينا مضربين، ولكنه أمر يجب القيام به"، مشيداً بتعاون أعضاء الاتحادات النقابية الأخرى والطلاب ودعمهم إضرابهم "هنا في سواس الاتحاد منخرط جداً، إضافة إلى الطلاب والطواقم المنتمية لاتحادات نقابية أخرى. نأمل في أن يعود اتحاد الجامعات إلى طاولة المفاوضات برغبة جدية في تغيير موقفهم وتقييمهم".
وأكد جوناثان دارلنغتون، مدير فرع اتحاد الجامعة والكلية النقابي في سواس لـ"العربي الجديد"، هذا الدعم: "تلقينا دعماً عظيماً من الطلاب وأعضاء الاتحادات النقابية الأخرى. فلا محاولات لخرق الإضراب، والتزمت به الأغلبية. الطلاب كانوا متعاونين جداً، إذ يوجد كثير من الطعام والموسيقى والجلسات التعريفية"، مضيفاً أن "الوضع جيد جداً، وحتى الجامعات القريبة التي لا تشهد هذا التعاون عادة، متجاوبة جداً".
وطالب دارلنغتون إدارة الجامعة بعرض موقفها الداعم لطاقمها التعليمي علناً، ليضغطوا بذلك على اتحاد الجامعات. ولكنه أشار إلى أن سواس رفضت رفع مساهمتها كرب عمل في الراتب التقاعدي لموظفيها كأحد الحلول المطروحة.
أما برنارد كينان، وهو مدرس في جامعة بيركبيك، فقد وصف الدافع وراء مشاركته في الإضراب: "هذه سنتي الأولى كمدرس، إذ أنهيت رسالة الدكتوراه الصيف الماضي. إنه أمر محبط أن تعلم أن الأمان الذي يجب أن تحصل عليه من حصولك على وظيفة معينة ليس موجوداً".
وتابع قائلاً "إنه أمر مثير للغضب. الإضراب ضروري جداً ومتناسب، ولكنني أجده في الوقت ذاته صعباً جداً نفسياً. فهذا أول عام أكون مسؤولاً فيه عن الطلاب والتعليم، خاصة في هذا الوقت من العام".
وأضاف "بما أنني كنت طالباً، أرى هذا الأمر متمادياً مع طريقة تمويل الجامعات والديون التي يحملها الطلاب وطريقة إعادة هيكلة النظام الضريبي في السنوات الماضية. ويبدو أن الأمر قد وصل الآن إلى المدرسين الجامعيين الذين كانوا بعيدين عنه سابقاً".
وأكد كينان على الدعم الذي يحصل عليه من طلابه "الطلاب الذين تحدثوا إلي بخصوص الإضراب، وهم من شريحة معينة من الطلاب، متفهمون أن الإضراب جزء من معضلة أكبر تتعلق بطبيعة النظام التعليمي في بريطانيا. وهذا الأمر يساعدني حتماً، فلو كان كل طلابي كارهين للإضراب لن أكون قادراً على المشاركة فيه".
وكان موقع "يوغوف" قد أجرى استطلاعاً للرأي كشف عن دعم أغلبية الطلاب لإضراب مدرسيهم، على الرغم من تأثيره على دراستهم، إذ يوجّهون اللوم إلى جامعاتهم.
ويدعم نحو 61 في المائة من الطلاب الإضراب، بينما وجه 50 في المائة منهم اللوم إلى الإدارات الجامعية لوصول الأزمة إلى حد الإضراب، بينما رأى 20 في المائة أن الطرفين يتحملان المسؤولية بالتساوي ورأى 2 في المائة فقط أن اللوم يقع على المدرسين.
وقال هارلي رونان، الطالب في جامعة بيركبيك أن دعمه الإضراب ينبع من أنه "يتعلق بصورة أكبر من قضية الرواتب التقاعدية، بل بطبيعة التعليم في هذا البلد".
وتابع "الطلاب بشكل عام متفهمون ويدعمون الإضراب. هذا الإضراب يختلف عن الذي سبقه، الذي طالب بزيادة الأجور. لم يكونوا متعاطفين معه حينها. ولكن هذا الإضراب يحظى بدعم كبير، إذ إن عدداً من الطلاب، خاصة هنا في بيركبيك، يعملون بدوام كامل ويعلمون أهمية هذا الأمر".
وكان وزير الجامعات في الحكومة البريطانية سام غياما قد دعا الطرفين إلى العودة إلى المفاوضات وإيجاد حل من أجل الطلاب بأسرع وقت ممكن. وقال في تغريدة على "تويتر": "من أجل الطلاب وسمعة جامعاتنا، يجب على اتحاد الجامعة والكلية واتحاد جامعات المملكة المتحدة الوصول إلى حل لتجاوز هذا الطريق المسدود المضر، الذي يمكن تجنبه وبأسرع وقت ممكن".
وينتظر أن يقوم اتحاد الجامعات بالاجتماع غداً لمناقشة تطورات الإضراب، بينما تقوم لجنة التعليم العالي التابعة لاتحاد الجامعة والكلية النقابي بالاجتماع الجمعة المقبل.