في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الفكر السياسي والرواية والدراسات النقدية والتاريخ وأدب الرحلة.
■ ■ ■
بترجمة أنجزتها مشاعل عبد العزيز الهاجري، صدر مؤخراً عن "دار سؤال" كتاب "نظام التفاهة" للمفكر الكندي آلان دونو. مثّل العمل منذ صدوره في 2015 أحد مراجع تفسير الظواهر السياسية الحديثة، وأبرزها الشعبوية باعتبارها تقدّم خطاباً سياسياً ناجعاً من دون مقوّمات فكرية. ينطلق المؤلف من تساؤل حول كيفية صعود غير الأكفّاء إلى مواقع القرار، في السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني، ويستشرف فرضية المواصلة في نفس التوجّه، فيتوقّع أنه في حال لم يتمّ ترفيع الشروط الفكرية والأخلاقية لدخول المعترك السياسي فإن البشرية في خطر.
صدر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، ضمن سلسلة "دراسات التحول الديمقراطي"، كتاب جماعي بعنوان "الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، والذي يجمع 22 بحثاً قُدّمت ضمن الدورة الخامسة من "المؤتمر السنوي لقضايا التحول الديمقراطي في الوطن العربي" الذي عقده المركز في تشرين الأول/أكتوبر 2016 في الدوحة. يبدأ الكتاب بمحاضرة افتتاحية بعنوان "الجيش والحكم عربياً: إشكاليات نظرية"، للمفكر العربي عزمي بشارة، وقدّم فيها إطاراً نظرياً - تاريخياً لأبرز قضايا العلاقة بين الجيش والسياسة.
عن "منشورات الجمل"، صدرت مؤخراً رواية "الحجلة" للكاتب الأرجنتيني خوليو كولتثار، بترجمة علي إبراهيم علي المنوفي. تعدّ هذه الرواية التي صدرت في 1963 من أغرب الأعمال السردية من حيث البناء، حيث يقترح المؤلف قراءتين للنص المقسّم إلى 155 فصلاً، الأولى باعتماد الترتيب العادي، والثانية عبر ترتيب مختلف يقترحه المؤلف في بداية الكتاب، فيبدأ بالفصل 73 ثم الأول فالثاني فالفصل 116 إلى آخره. اعتبر النقاد أن هذه اللعبة جزء من الروح السريالية للعمل، كما تعبّر عن تمرّد المؤلف على المتفق عليه في الكتابة الروائية.
"الميديولوجيا لدى ريجيس دوبريه.. فلسفة الإنسان المبلّغ"، عنوان كتاب صدر مؤخراً للباحث التونسي عبد السلام الزبيدي عن "الدار المتوسّطية للنشر". بحسب تقديم الناشر، فإن هذا العمل هو "أوّل كتاب في اللغة العربية يعتني بفكر الفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه"، وذلك من خلال تقديمه إضاءة موسّعة على حقل الميديولوجيا الذي أسّسه دوبريه وتتداخل ضمنه مجالات معرفية متعدّدة، في محاولة فهم تحوّلات المعرفة من خلال وسائطها، من العصور القديمة إلى الزمن الرقمي، وهي نظرية تجد تطبيقاتها في العلوم السياسية ودراسات الإعلام والأدب.
عن منشورات "أوديل جاكوب"، صدر مؤخراً كتاب "الهيمنة المشكّك بها.. الأشكال الجديدة للسيطرة الدولية" لعالم السياسة الفرنسي برتراند بادي. يحاجج المؤلف بأن مفهوم الهيمنة فقد معناه في مجال العلاقات الدولية، وإن كان لا يزال مستعملاً في الأبحاث، مستشهداً بالفارق بين ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأميركية منذ وصول دونالد ترامب للحكم بشعار "أميركا أولاً"، وعدم قدرتها على فرض مواقفها كما كانت تفعل في نهاية القرن العشرين. يرى بادي ضرورة الاعتراف بأن مفهوم الهيمنة قد بلي، وأنه ينبغي استخراج مفاهيم جديدة تفسّر العلاقات الدولية.
صدر حديثاً عن "دار الساقي" في بيروت كتاب "البحث عن الشرق المفقود" للكاتب الفرنسي أوليفييه روا، وفيه يعرض مقاربته لمواضيع مختلفة، من بينها: الإسلام السياسي واختراع الأمم ما بعد الحقبة السوفييتية، والثقافات والأديان والعلمانية في سياق العولمة المتعثرة. يستند صاحب "الإسلام العالمي" و"الجهل المقدس" و"الجهاد والموت" إلى الأحداث التاريخية في سرد حيّ يسجل من خلاله ملاحظات للتفكير في الوضع الراهن. ويتحدث من خلاله التزامه الطلابي في فرنسا منذ بداياته وصولاً إلى رحلاته بين تركيا وأفغانستان وإيران واليمن.
صدر حديثاً عن دار "إيبديم" المتخصصة في الدراسات الأكاديمية العالمية، كتاب "الأدب العالمي متحركاً: المؤسسة، الاعتراف، الموقع" للكاتبين السنغافوريين فلير دونغلاي شي، وغاريث غانمينغ تان. يتناول الباحثان ما يسميه باسكال كازانوفا "الفضاء الأدبي العالمي" والمراكز الأدبية فيه وتحولاتها في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويبرز الكتاب حقيقة أن الأدب العالمي دائماً ما يكون نتاجاً لأنماط معينة من الحراك المفاهيمي والمادي والوساطة، ووسائل الهيمنة السياسية أيضاً. تعتمد الدراسة على فرضيات تيّار ما بعد الكولونيالية.
يصدر قريباً عن "دار التنوير" كتاب "رحّالة" للروائية البولندية أولغا توكارتشوك، الحائزة مؤخراً على جائزة نوبل للآداب عن سنة 2018. نقل العمل إلى العربية إيهاب عبد الحميد، وهو عمل يقدّم تصوّراً مبتكراً لأدب الرحلة، خصوصاً أن المؤلفة تمزج فيه بين أفكارها حول السفر والحديث عن علم التشريح، سواء بتناول تاريخه مثل قصة عالم التشريح الهولندي فيليب فيرهيين الذي قام بتشريح ورسم ساقه المبتورة، أو من خلال حديثها عن جسم الإنسان كمادة للتأمل الأدبي. من أبرز عبارات الكتاب قولها: "عندما نتوقّف عن الترحال نصبح أصناماً".