إسلام لطفي: مشاريع وبرامج جديدة قريباً على "التلفزيون العربي"

25 نوفمبر 2016
التلفزيون العربي منصة إعلامية وليس حزباً سياسياً(العربي الجديد)
+ الخط -

سلك "التلفزيون العربي" درباً مختلفاً عن القنوات العربية المعهودة، وشكّل حالة فريدة من جميع النواحي، وتغلّب على تحدّيات انطلاقه. وللتعرّف إلى برامجه ومشاريعه الجديدة، التقت "العربي الجديد" إسلام لطفي، الرئيس التنفيذي للشبكة

مرّ عامان على انطلاق شبكة التلفزيون العربي. أين تصنّف التلفزيون العربي اليوم؟ وهل ترى أنّه وصل إلى مستوى القنوات الكبرى؟

في الواقع أستطيع أن أقول إنّ شبكة التلفزيون العربي تحفر طريقاً جديداً. هناك من يحاول تصنيفها ضمن الشبكات الإخبارية، وهناك من يقارنها بالمحطات الترفيهية فقط. لكنّنا نؤسّس درباً حديثاً للتعامل مع المشاهد العربي، ونسعى لنثبت أنّه لا تعارض في تقديم جرعة من البرامج السياسية والإخبارية المعمقة والمشاكسة إلى جانب البرامج الترفيهية الملتزمة والواعية التي تمثّل إضافة لروح الإنسان، وتخرجه من حالة التوتّر نتيجة الأخبار المتلاحقة التي تحدث في المنطقة وفي العالم.

لذلك تصعب مقارنة التلفزيون العربي بأي كيان آخر، لأنّني أرى أنّنا حالة فريدة من ناحية المضمون والروح الموجودة والإصرار والجيل الذي نتوجّه إليه. بيد أنّني أقول وبثقة تامّة، إنّنا نمتلك قدراً عالياً من المهنية والاحترافية، يظهر على الشاشة ونضاهي به كبرى القنوات التي تعمل منذ عشرات السنين، وإن كنّا لم نصل إلى نسبة المشاهدات ذاتها، لأنّ عملية تغيير ولاءات المشاهد تحتاج إلى الوقت.


قلت إنّكم تتوجّهون إلى الفئة الشابة، وإنّ القناة كانت مشروعاً لتحقيق أحلام الشباب وإيمانهم بالديمقراطية والتغيير. ما هي البرامج التي اتّبعتها القناة أو تتبعها لتحويل هذه الأحلام إلى واقع؟


نحن نستهدف الأسرة العربية، بشكل عام. أمّا لو تحدّثنا عن النواة الصلبة التي نخاطبها، فهي بالطبع جيل الشباب. ونجد في جميع برامجنا الرّوح واللمسة الشبابية، مع اتسامها في الوقت ذاته بالعمق وبالجدّية وبالتحليل السياسي.

ومن البرامج التي تخاطب الشباب بشكل رئيسي، نجد في مجال الترفيه والموسيقى، برامج "نغم طازة" و"ريميكس" و"فيلمي" و"بورصة الرأي"، الذي يقوم على التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي ومع الشباب للإدلاء بآرائهم بشأن الأحداث الثقافية والرّياضية والسياسية والفنيّة.

وقدّمنا برنامج "الألف ميل" الذي يعرض نماذج للشباب الذين بدأوا مشاريعهم الخاصّة، فيروي عن بداية هؤلاء من روّاد الأعمال وما وصلوا إليه والخطوات التي ساعدتهم وتساعدهم على النجاح. حتى تلك البرامج الساخرة ذات المحتوى السياسي، مثل "جو شو"، يعتبر جمهورها الأساسي من الشباب.


هل هذا يعني أنّكم استقطبتم النسبة الأعلى من المشاهدين الشباب؟


لا يمكنني القول إنّنا جذبنا الشريحة الأكبر من الشباب، لأنّني كما ذكرت سابقاً، إن مسألة تغيير ولاءات المشاهدين تتطلّب وقتاً وتحدث بشكل تدريجي، يبدأ بتعريف القناة إلى المشاهد، حتى يلفت انتباهه برنامج أو خطاب معيّن، لتصبح بعد فترة زمنية ضمن قائمة قنواته المفضّلة. بيد أنّني أرى أنّ فئة الشباب الذين جذبتهم برامج التلفزيون العربي، حتى اعتبروها منصّتهم الأولى، هم أولئك المقتنعون والحالمون بالتغيير في الوطن العربي.

ولا أقصد هنا التغيير السياسي، بل التغيير بمفهومه الواسع ونظرتنا إلى العالم وكيفية تعاملنا معه والرّغبة في الترتيب لغد أفضل. فشاغلنا الأساسي هو كيفية تغيير المستقبل. والمستقبل يعني الشباب. وتخطّط القناة لاستقطاب كافّة شرائح الشباب.


ما هي الصعوبات التي واجهتها وتواجهها القناة؟ وهل هناك أهدافاً عجزتم عن تحقيقها؟


التحدّيات كبيرة، منها ما يرتبط بوجودنا في لندن، حيث لا تتوفّر الأيدي العاملة الفنيّة والإدارية النوعية، مثل منتجي التلفزيون والصحافيين، بسهولة. ونضطر إلى الاستعانة واستقدام زملاء من الوطن العربي. في المقابل، هناك ميزة أيضاً للتواجد في لندن، من ناحية الحرّيات، ما يسمح بالتالي بطرح الأمور على مستوى أعلى.

والأمر الثاني يكمن في أنّنا بدأنا في سوق مشبع وتخمة في القنوات والشبكات الإعلامية، وبالتالي عملية إقناع المشاهد بجودة المحتوى الذي تقدّمه القناة، يشكّل بحد ذاته تحدياً.
والتحدّي الثالث، هو أنّنا نشأنا في ظلّ واقع مأزوم وبيئة مستقطبة سياسياً وإعلامياً، وذلك يقلّل مساحات التسامح والتفاهم والتواصل.

وأحد أهدافنا الرئيسية هو العمل على تجسير الهوّة بين العرب عن طريق تقديم العرب إلى العرب مرّة أخرى. وما يعرقل إتمام هذه المهمّة في الكثير من الأحيان، هو حالة الاستقطاب والأحكام المسبقة.


قلت إنّنا نحمل صوراً نمطية كعرب عن بعضنا البعض، وإنكّم ستحاولون تبديل تلك النظرة. ما هي السبل أو البرامج التي تعرضها القناة لتحقيق هذا الهدف؟


نحن نقوم بذلك بالفعل، لكن طبعاً الخطاب الوعظي لا يصلح مع الناس، بيد أنّ التجربة والممارسة والتقديم الإيجابي، هي التي قد تحدث فرقاً. ومن التجارب الإيجابية في هذا السياق، برنامج "ريميكس" الموسيقي، للمطرب حمزة نمرة. اعتمدت فكرة نمرة على الذهاب إلى بلدان عربية مختلفة واختيار أغنية تراثية، ليغنّيها مع الفرقة الموسيقية التي تغنيها أو مع المطرب الأصلي أو أحد أشهر الأشخاص الذي غنّى تلك الأغنية، ليتحدّث بعدها عن الفنّ الأوّل، ويبسّط معاني الكلمات للجمهور، ومن ثمّ يغنّي الأغنية ذاتها مع فرقة أجنبية.

تراوحت تلك الفرق بين فرقة الـ"جيبسي كينغز" (ملوك الغجر)، وغيرها من الفرق المتنوّعة، من إنكلترا وبولندا وإسبانيا وإيرلندا وغيرها الكثير. فالرسالة التي تصل، هي إن كان الفن يستطيع التواصل والربط بين أشخاص لا يتحدّثون اللغة ذاتها ولا ينتمون إلى حضارة واحدة ولكن يجمعهم مشترك إنساني، وهو تذوق الفن والموسيقى، فمن الأولى أنّ ينجح هذا بين العرب.


لطالما نفيتم انحيازكم إلى الإخوان المسلمين، بيد أنّ تلك المقولة لا تزال تتردّد بين أوساط الجمهور العربي. كيف تردّون على هذا؟

موضوع الإخوان بات تهمة معلّبة وجاهزة لأي صوت مختلف، والتلفزيون العربي منصة إعلامية وليس حزباً سياسياً. نحن لا ننحاز للإخوان أو للاشتراكيين أو الليبراليين. نحن ننحاز لمجموعة من القيم التي ندعمها ونعلن عن ذلك بكلّ وضوح. وهي قيم المشترك الإنساني، تلك القيم التي خرج الناس من أجلها في عام 2011 وما تلاه.

نحن ننحاز إلى الديمقراطية والحريّة والمواطنة والقضايا الاجتماعية والكرامة الإنسانية وحرية الاعتقاد. وأظن أنّ ممارستنا المهنية تؤكّد أنّنا أكثر ليبرالية وأكثر اعتدالاً وأكثر مهنية ووسطية وانتماءً من كثيرين يدّعونها ويتاجرون بها. الشاشة والمحتوى هما الفيصل والحكم وليس الادعاءات والمزايدات.


ما هي أكثر برامج التلفزيون العربي شعبية؟ وهل هناك برامج ألغيت أو فشلت؟


حازت مجموعة من البرامج على شعبية كبيرة، مثل برنامج "جو شو" و"ريميكس" وبرنامج "عصير الكتب"، وبرنامجين مميزين مثل "تقدير موقف" و"فسحة فكر"، في رأيي، من البرامج التي لها شعبية أيضاً. لكن يبقى موضوع الشعبية مسألة نسبية، أي حين نتحدّث عن برنامج "فسحة فكر"، ففي تقديري أنه من أفضل البرامج الفكرية الثقافية على السّاحة العربية حالياً وله شعبية كبيرة لكنها شعبية في أوساط المفكّرين والأدباء وأصحاب الرأي.

وتوك شو سياسي مثل "تقدير موقف"، فله شعبية كبيرة جدّاً في أوساط السياسيين والمحلّلين السياسيين وأساتذة العلوم الاجتماعية. أي كل برنامج يجذب شريحة معيّنة من المجتمع، لذلك قلت إنّنا نحفر طريقاً خاصّاً بنا. نحن شبكة منوّعة.


هل هناك مشاريع لبرامج جديدة؟

طبعاً، نحن بصدد إطلاق برنامج صباحي في وقت قريب يتحدّث عن مواضيع خفيفة، وهناك برنامج خاص بفترة الظهيرة شبيه به لكن يتناول شؤوناً مختلفة، وبرنامج منوّعات جديد وبرنامج اقتصادي، وبرنامج فكري ديني، لسدّ الفجوة أو الفراغ الموجود حالياً في هذه المساحة.



هل هناك توسّعات في شبكة التلفزيون العربي؟


أكيد، فنحن في النهاية شبكة، وكنّا قد أطلقنا في يوليو/ تموز الماضي، قناة العربي الثانية التي تعيد إذاعة المحتوى في الوقت الرّاهن، وفي عام 2017، ستبدأ هذه القناة الموجّهة للعرب في أوروبا وشمال أفريقيا بتقديم برامج تساعدهم على الاندماج في المجتمعات الجديدة ليكونوا جزءاً من هذا النسيج مع الحفاظ على الرابط بالوطن الأم. أي الاستفادة من الانفتاح على مجتمعات جديدة من دون فقدانهم لهويّتهم. ونأمل ألّا يشعر العرب في أوروبا بحالات العزلة وأن يكونوا مفيدين ومنتجين في تلك المجتمعات، وستكون ذات طابع مغاربي عربي مميز.


ماذا عن انتقال التلفزيون العربي إلى استديوهات "بارك رويال"؟


إنّه مشروع ضخم جداً، والحمد لله أنّنا تمكنّا من إنجازه، وتمّ تنفيذ الاستديوهات على أعلى قدر من الاحترافية والمهنية والفنّ، من حيث الإمتاع البصري واللمسة الفنية الحقيقية. وأتوقّع أن يبدأ البث من هناك للمشاهدين في الربع الأوّل من 2017.



المساهمون