إسقاط الطائرة الإسرائيلية: هل تغيرت قواعد لعبة القوى الفاعلة في سورية؟

11 فبراير 2018
B364F0FD-A2A0-4AF3-AE1D-D32EA212705A
+ الخط -

شكّل إسقاط الطائرة الإسرائيلية من سورية، أمس السبت، وهي الحادثة الأولى من نوعها منذ عام 1986، محاولة إيرانية متقدّمة، غضّت روسيا الطرف عنها، لتغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل، بحيث لا يكون هناك من الآن وصاعداً، ضربات إسرائيلية في سورية من دون ردّ.

وعبّرت إسرائيل بوضوح، في المقابل، عن رفضها لأي محاولة لتغيير "قواعد اللعبة"، مؤكدة أنّها ستواصل ضرباتها إلى أن يتم صوغ معادلة جديدة، تأخذ مخاوفها من الوجود الإيراني في سورية بعين الاعتبار.

والواقع أنّ الأطراف الإقليمية، وتحديداً إيران وتركيا وإسرائيل، هي فاعل رئيسي في المشهد السوري، وتتصارع على تشكيل صورة "سورية المقبلة" بحيث تكون منطقة نفوذ لها، أو على الأقل خالية مما يهدّدها، خاصة بعد الاقتراب من الطي النهائي لصفحة تنظيم "داعش" في سورية والعراق، والذي كان وجوده السبب "الظاهري" الرئيسي المعلن، لاحتشاد القوى المختلفة في المنطقة.

ومن هنا باشرت تركيا عملية "غصن الزيتون" في عفرين، في مسعى لاستئصال "الخطر الكردي" على الحدود، بينما تزرع إيران منذ سنوات قواعدها، وتعزّز نفوذها في كل بقعة ومفصل في سورية، وهو ما أثار قلق إسرائيل التي ظلّت تقول، خلال السنوات الماضية، إنّها تراقب عن كثب التحرّكات الإيرانية، وتوعدّت بأنّها لن تسمح لإيران بتكريس نفوذها في سورية المستقبلية، سواء بالأصالة، أو عبر وكلائها المحليين؛ مثل النظام السوري، و"حزب الله" اللبناني، وبقية المليشيات الطائفية التي تدعمها طهران.

وقد سعت إسرائيل، خلال الفترة الماضية، إلى إقناع كل من موسكو وواشنطن، بضرورة أخذ قلقها إزاء الوجود الإيراني في سورية، بعين الاعتبار، في أي ترتيبات سياسية وأمنية في المستقبل.

وتم إبلاغ إسرائيل، في أوقات سابقة، بأنّه تم بالفعل مراعاة مطالبها في اتفاق التهدئة في الجنوب السوري، بما يتضمن إبعاد إيران ومليشياتها مسافات معينة عن حدود فلسطين المحتلة، إلا أنّها اعتبرت أنّ هذه التطمينات غير كافية، وطالبت بإبعاد إيران ومليشياتها، ما لا يقل عن مسافة 40 أو 50 كيلومتراً عن حدودها، الأمر الذي تجاهلته موسكو، رغم طرح الموضوع مراراً من قبل المسؤولين الإسرائيليين، وآخر ذلك تم خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى موسكو، قبل أيام.


ولعل السؤال المطروح حالياً، هو من أعطى الضوء الأخضر للنظام السوري لإسقاط الطائرة الإسرائيلية: روسيا التي تسيطر على منظومة الدفاع الجوي للنظام السوري بالكامل؟، أم إيران التي تسعى لإقناع النظام بالتحلّل قليلاً عن النفوذ الروسي، والالتصاق أكثر مع طهران التي تختلف أولوياتها في سورية عن أولويات موسكو.

والواقع أنّ مثل هذه الخطوة، أي القرار بإسقاط الطائرة الإسرائيلية، تمّ على الأرجح بموافقة روسية – ايرانية مشتركة، وإن كان لكل منهما دوافع مختلفة، حيث تعتبر روسيا المواجهة الحالية امتداداً لمواجهة أكبر مع الولايات المتحدة، واختباراً لإرادتها، وهو ما حذّر منه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام، عندما قال "لا ينبغي لأحد أن يختبر إرادتنا".

من جهتها، تسعى إيران إلى اختبار رد الفعل الإسرائيلي، وصولاً إلى محاولة إرساء قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل، بحيث يتم طي صفحة الضربات الإسرائيلية على سورية، والتي لا يصدر في مقابلها أي رد، خاصة أنّ الضربات الإسرائيلية باتت تركّز بشكل واضح على الأهداف الإيرانية في سورية، أكثر من أي شيء آخر.


وفي كل الأحوال، يبدو أنّ التصعيد ليس من مصلحة جميع الأطراف، والأرجح أن يتمّ احتواء الموقف، عبر اتصالات روسية أميركية، مع محاولة وضع "قواعد اشتباك" جديدة، تراعي قدر الإمكان مخاوف جميع الأطراف، لكن ذلك لا يعني التوصّل إلى حلول نهائية، ما يعني أنّ فرص المواجهة تبقى قائمة ومحتملة، خاصة إذا كانت التطورات الراهنة هي مجرّد عمليات جس نبض، واختبار كل طرف لقدرات ونيات الطرف الآخر، تمهيداً لجولة مواجهة جديدة.

كما أنّ المواجهة الحالية، وإن كان ظاهرها بين إسرائيل من جهة، والنظام السوري وإيران من جهة أخرى، هي في حقيقتها مواجهة روسية – أميركية، ليس بعيداً عنها الهجمات بطائرات دون طيار على قاعدة حميميم الروسية، ولا القصف الأميركي لقوات النظام في دير الزور؟

وبالتالي فإنّ مفاتيح التصعيد والتهدئة، موجودة في موسكو وواشنطن، أما بقية الأطراف، فهي إن لم تكن مجرّد أدوات كحال النظام السوري، لا تستطيع، وتحديداً إسرائيل وإيران، التفرّد في تحديد الخيارات التالية، باتجاه التصعيد أو التهدئة، من دون غطاء سياسي وعسكري من موسكو وواشنطن، اللتين لن تقبلا على الأرجح توريطهما في صراع أكبر، من قبل الأطراف الإقليمية.


ذات صلة

الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.
الصورة

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحافيين لبنانيين، وأصابت آخرين، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، فجر الجمعة
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
	 استهدفت طائرات الاحتلال منزلها شمالي غزة (محاسن الخطيب/ فيسبوك)

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليل الجمعة-السبت، الفنانة التشكيلية الشابة محاسن الخطيب، شمالي قطاع غزة، حيث تتواصل المجازر الإسرائيلية
المساهمون