يحظى الضباط الذين يؤدون الخدمة النظامية في إسرائيل بمزايا مادية كبيرة، حيث تهدف مؤسسات صنع القرار في تل أبيب إلى توظيف هذه المزايا لإغراء أكبر عدد من الضباط والجنود لمواصلة الخدمة العسكرية، بعد انقضاء الخدمة الإجبارية التي تستمر ثلاثة أعوام للشبان وعامين للشابات. وذكرت صحيفة "هآرتس" أن الضباط العاملين في الخدمة النظامية يعدون المجموعة التي تحظى بالمزايا المادية الأكثر إغراء، مقارنة بكل العاملين في مؤسسات "الدولة" والقطاع العام. وفي تقرير نشرته، أول من أمس، نوهت الصحيفة إلى أنه إلى جانب الراتب الشهري الكبير، يتم منح الضباط في الخدمة النظامية سيارة، ويتم تغطية نفقات استكماله التعليم الجامعي، مشيرة إلى أن كثرا من الضباط يحظون بشقة سكنية من الحكومة. وأوضحت أن أكثر المزايا المادية سخاء تتمثل في مخصصات التقاعد، حيث إن ضباط الجيش عادة ما يتقاعدون في سن مبكرة مقارنة ببقية العاملين في قطاع الدولة، حيث يبلغ متوسط سن التقاعد للعسكريين 47 عاماً، في حين يحال بقية العاملين للتقاعد في سن 63 عاماً.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقاعد الضباط في سن مبكرة يمنحهم الفرصة للحصول على أعمال ووظائف في القطاع المدني، والحصول على مرتبات كبيرة، في الوقت الذي تتدفق فيه إلى حساباتهم في البنك مستحقات التقاعد. وحسب "هآرتس" فإن متوسط قيمة مخصصات التقاعد الشهرية لكل ضابط متقاعد تبلغ 15 ألف شيكل (نحو أربعة آلاف دولار)، منوهة إلى أن الراتب الشهري لأقدم مدرس في السلك التعليمي لا يقترب من مخصصات التقاعد لأي ضابط. وأوضحت أن سلة المغريات التي يحظى بها العسكريون لا تقف عند هذا الحد، مشيرة إلى أن لدى رئيس الأركان الصلاحية المطلقة لزيادة نسبة مخصصات التقاعد له ولضباطه وجنوده، على الرغم من أن هذه الصلاحية من اختصاص البرلمان فقط. وذكرت الصحيفة أنه بعد مضي ثلاث سنوات في الخدمة يتم رفع مخصصات التقاعد بنسبة 6 في المائة للضباط، حيث تزداد هذه المخصصات بهذه الوتيرة حتى يسرح الضباط من الخدمة. وأعادت للأذهان حقيقة أن تقرير مراقب الدولة، الذي صدر العام الماضي، كشف النقاب عن أن الجيش يمنح ضباطه عند تسريحهم من الخدمة زيادة على مستحقات التقاعد تصل نسبتها إلى 8.8 في المائة.
ويرفض الصحافي جور فلنر، الذي أعد تقرير "هآرتس"، إغداق الجمهور والإعلام الإسرائيلي الثناء على ضباط الجيش وامتداح "تضحياتهم"، مشيراً إلى أن كل ضابط يختار مواصلة الخدمة النظامية يقدم على ذلك بعد دراسة الإيجابيات والسلبيات من ناحية مادية. ويعتبر فلنر أنه إذا كان ضباط الخدمة الالزامية يحصلون على هذه المزايا بسبب طابع الأوضاع الأمنية التي تعيشها إسرائيل، فإن الممرضات اللواتي يشاركن في عمليات الإسعاف يتوجب أن يحصلن على نفس المزايا. وحسب فلنر، فإن العمل في مجال البناء أكثر تهديداً من امتهان الخدمة الإلزامية، مشيراً إلى أن 46 عامل بناء قتلوا في حوادث عمل خلال العام الحالي، في حين قتل جنديان جراء العمليات الميدانية.
ولا تقتصر المزايا المادية للضباط خلال فترة الخدمة، أو عبر مخصصات التقاعد، إذ إنه عادة ما يتم استيعاب الضباط، خصوصاً من الرتب العليا، بعد تقاعدهم، في إدارة الشركات الحكومية ومؤسسات الدولة المختلفة. وذكر تقرير بثته قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة أخيراً أن الضباط المتقاعدين يعملون بشكل عام في إدارة المطارات والموانئ والمؤسسات المختلفة التي تتبع الوزارات. وحسب التقرير، فإنه يتم استيعاب الضباط المتقاعدين في إدارة المؤسسات التعليمية. يشار إلى أن الجنرال رون خولدائي، الذي تولى قيادة أركان سلاح الجو ويترأس حالياً بلدية تل أبيب، عمل بعد تسريحه من الجيش مديرا لأرقى المدارس الثانوية في مدينة "هرتسليا". ويتم استيعاب الجنرالات المتقاعدين حتى في إدارة المرافق الرياضية، فقد تم تعيين رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق، دان حالوتس، بعد تسريحه من الجيش مديراً لاتحاد كرة القدم في إسرائيل. وتتنافس شركات القطاع الخاص على استقطاب الجنرالات المتقاعدين، حيث إن الكثير من شركات الطاقة والاتصالات وشركات التقنيات المتقدمة يديرها ضباط كبار أنهوا الخدمة العسكرية.