صادقت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس المحتلة، أمس الأربعاء، على مخطط يرمي إلى مصادرة أكثر من 520 دونماً من أراضي بلدات عناتا، والعيسوية، والزعيم إلى الشرق من القدس، لإقامة مكب لنفايات المستوطنات الإسرائيلية.
وبالمصادقة على هذا المخطط، بات من المؤكد مسارعة سلطات الاحتلال، إلى وضع يدها أيضاً، على آلاف الدونمات في منطقة واسعة من تلك المنطقة من القدس، وطرد عشرات العائلات البدوية الفلسطينية من هذه الأراضي.
والأراضي المصادرة مملوكة ملكية خاصة لمواطنين فلسطينيين، وهي تعيد إلى الأذهان مصادرة مساحات كبيرة من أراضي المواطنين في بلدات حزما، وشعفاط وبيت حنينا في العام 1991، لتقام عليها لاحقا مستوطنة "بسغات زئيف" شمال المدينة المقدسة، والتي تعد اليوم واحدة من أكبر المستوطنات اليهودية في القدس، وينحدر معظم مستوطنيها من دول الاتحاد السوفياتي المنحل.
وقال هاني العيساوي، من لجنة الدفاع عن أراضي العيسوية، المهددة بمصادرة مساحات كبيرة من أراضيها لصالح المكب، ولمشروع ما يُسمّى بالحدائق الوطنية، لـ"العربي الجديد" إن أهالي البلدة والبلدات الأخرى المهددة أراضيها بالمصادرة، كانوا قد قدموا اعتراضات على هذا المخطط بيد أن سلطات الاحتلال لم تستجب لذلك الاعتراض.
ورفضت لجنة التخطيط والبناء جميع الاعتراضات على المخطط، بادعاء أن مكب النفايات حاجة ضرورية لغرض مواصلة البناء في مستوطنات القدس، وزعمت بأنه "لا يمكن الأخذ بعين الاعتبار ادعاءات عشرات العائلات البدوية التي تقيم في هذه الأراضي، كونهم شيدوا مساكنهم بدون ترخيص".
ويتضمن المخطط المذكور إلقاء آلاف الأطنان من النفايات في المنطقة الواقعة ما بين عناتا والعيسوية والزعيم على مدى عشرين عاماً، ليقام بعد ذلك على أنقاضها متنزه وحديقة خضراء لصالح المستوطنات اليهودية القائمة على أراضي الفلسطينيين شرق القدس، خصوصاً تجمع مستوطنات "غوش أدوميم"، والذي يضم عدداً من المستوطنات أكبرها "معاليه أدوميم".
ويتزامن تنفيذ هذا المخطط مع مخططين آخرين، كانا قد أثارا جدلاً كبيراً على المستوى الدولي، الأول وهو مخطط E.1 الاستيطاني القاضي ببناء أكثر من 4000 وحدة استيطانية على ما مساحته 12،400 دونم من أراضي خمس بلدات وقرى فلسطينية في المنطقة، من بينها فنادق ومنتجعات، ومناطق للصناعات المتطورة "الهايتك"، ما يعني عزل القدس المحتلة كلياً عن الضفة الغربية، وعزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.
أما المخطط الثاني، فهو مخطط الحدائق الوطنية الذي صودق على إقامته أيضاً على سفوح بلدتي العيسوية والطور، وصودر لهذه الغاية أكثر من 740 دونماً.
ويرى القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر، في حديثه لـ"العربي الجديد" بأن من شأن هذه المخططات شرق القدس وفي جنوبها الشرقي، أن تفقد القدس عمقها الجغرافي، ويحكم الخناق الاستيطاني عليها.
ويرى عبد القادر أيضاً بأن هذا المخطط سيطيح بكل الآمال بإمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، عدا تأثيراتها المدمرة على الوضع الديمغرافي داخل مدينة القدس، وما ستحدثه من خلل في الميزان الديمغرافي لصالح المستوطنين، وحصر الوجود الفلسطيني في أضيق بقعة.
وبالإضافة إلى هذه التأثيرات الجغرافية والسياسية والديمغرافية على الوجود الفلسطيني في القدس، فإن إقامة هذا المكب وسط تجمعات سكانية فلسطينية وفي محيطها، سيحول هذه التجمعات إلى مكب كبير لنفايات المستوطنين، كما يقول الناشط الفلسطيني سليمان مزارعة من عرب الجهالين لـ"العربي الجديد".
وأشار إلى أن إقامة هذا المكب ستفضي إلى تلويث خطير للبيئة في المنطقة تتضرر منه التجمعات الفلسطينية، إضافة لترحيل قسري لعشرات العائلات البدوية في المنطقة.
وكانت منظمة "بيمكوم" الحقوقية الإسرائيلية قدمت اعتراضاً على المخطط باسم سكان من حي رأس شحادة، حيث سيقام مكب النفايات على بعد عشرات الأمتار فقط عن بيوتهم، فيما أعلنت هذه المنظمة بعد المصادقة على المخطط عزمها الاستئناف على قرار اللجنة إلى محكمة أو المجلس القطري للتخطيط والبناء.