تُواصل المؤسسة الإسرائيلية هدم البيوت في البلدات العربية الواقعة في الأراضي المحتلة عام 1948، ويبدو أنها تنوي التصعيد. بالإضافة إلى هدم البيوت العربية في النقب الذي بات مشهداً يومياً، هدمت جرافات ما يسمى بـ "سلطة أراضي إسرائيل" أخيراً منزلاً في مدينة طمرة في الجليل، إحدى أكبر البلدات العربية، يملكه المواطن عمر ياسين، بحجة البناء غير المرخص على أراض تابعة للدولة، ما أدى إلى غضب شعبي.
وسبق أن أقدمت هذه الجرافات على هدم بيت طارق خطيب من كفركنا مرتين، بعدما أعاد السكان بناءه مجدداً في أعقاب عملية الهدم الأولى. وفي ظل ضعف ردود الفعل في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، من المتوقع أن تزداد عمليات الهدم، لا سيما وأن "سلطة أراضي إسرائيل" تصعد لهجتها. ويظهر ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، في بيان أصدرته أخيراً، وتضمن تهديداً بدخول مدينة طمرة بالقوة برفقة عناصر شرطة الاحتلال، لإخلاء 51 قسيمة بناء تزعم أن سكاناً من المدينة استولوا عليها بشكل غير قانوني، وأنها تابعة "للدولة". تهديدٌ لا ينحصر بمدينة طمرة، فهذه السياسة قد تطاول مختلف البلدات العربية.
وجاءَ في البيان أن "سلطة أراضي إسرائيل تطالب رئيس بلدية طمرة ومهندس البلدية بزيارة تلك الأراضي ومطالبة من استولوا عليها بإخلائها، قبل أن تنفذ سلطة الأراضي إجراءاتها القضائية والقانونية بحقهم، ما قد يعرّضهم للسجن. كذلك، ستدخل السلطة إلى تلك الأراضي بواسطة قوات من الشرطة، وتجبر المستولين عليها بدفع غرامات مالية للسلطة وغيرها".
وتشير معطيات صادرة عن "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني"، إلى وجود أكثر من 50 ألف بيت عربي مهدد بالهدم. تجدر الإشارة إلى أن فلسطينيي 48 يلجأون إلى البناء غير المرخص في كثير من الأحيان، في ضوء احتياجاتهم الطبيعية في ظل محاصرة المؤسسة الإسرائيلية للبلدات العربية ومناطق نفوذها ومنعها من التوسع.
في هذا السياق، يقول الباحث في مركز التخطيط البديل والنائب السابق في الكنيست حنا سويد لـ "العربي الجديد"، إنه يخشى "التصعيد الإسرائيلي"، مضيفاً: "في اعتقادي، فإن الشرطة الإسرائيلية وقوات الأمن تهز العصا في وجه الجماهير العربية في البلاد وتحذرها. أما السلطات الإسرائيلية، فلا تريد أن تتوصل إلى حلول في ملف الأراضي والبناء غير المرخص، لتستغل هذه القضية وتعاقب الجماهير العربية متى تشاء، كجزء من التعامل السياسي".
يضيف سويد: "يحاول المركز التعامل مع القضايا العالقة بشكل مهني، من خلال اقتراح الخطط. لكن السلطات للأسف، تحاول دائماً حصر البلدات العربية في مساحات ضيقة ومكتظة جداً، محاولة الاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي، حتى تحد من تطور البلدات العربية من جهة، وتتيح إقامة المزيد من المستوطنات اليهودية من جهة أخرى". ويلفت إلى أن "المؤسسة دائماً ما تتهم الضحية، مشيرة إلى أن العرب لا يرغبون ولا يريدون التنظيم ولا التنازل عن الأرض من أجل المصلحة العامة. لكننا ندرك زيف هذه الادعاءات، خصوصاً أن معظم الأراضي العربية قد صودرت. وحتى الجزء اليسير من الأراضي العربية المتبقية، تفرض عليه مخططات وتقييدات. وثمّة محاولة لخنق البلدات العربية بسلاسل خضراء هي الأحراج، ليس حباً بالطبيعة بل بغية تضييق الخناق على البلدات العربية، ومنعها من التطور بما يتناسب واحتياجاتها الحقيقية".
من جهته، يقول رئيس بلدية طمرة سهيل ذياب: "ليس سراً ما يُعانيه مجتمعنا العربي من سياسات الإجحاف والتضييق والعنصرية". ويلفت إلى أن هدم بيت المواطن عمر ياسين هو قضية كل عربي. فعلنا كل ما في وسعنا للتوصل إلى حل مع دائرة أراضي إسرائيل، لكن النتيجة كانت هدم البيت". يضيف: "نعي أننا نواجه واقعاً مغايراً نسبياً، باتت فيه قرارات الحكومة تُتخذ بحق المجتمع بتطرّف لم نعهده في الماضي. لكننا مستمرون بالوسائل القانونية".
أما النائب باسل غطاس، من التجمع الوطني الديموقراطي والقائمة المشتركة، فيؤكد أن النضال ضد هدم البيوت العربية وحل أزمة السكن يقع في صلب اهتمام النواب العرب في الكنيست.
يضيف أنه من خلال ترأسه لطاقم الاقتصاد في القائمة، يعمل من دون كلل في لجنة المالية من أجل هذا الهدف. ويشير غطاس: "قبل نحو أسبوع حصلت على مسح مفصّل للمعطيات عن البيوت العربية المهددة بالهدم، وباشرنا فوراً بوضع برنامج لمتابعة القضايا العينية قبل تفاقمها، فهذه قضيتنا".
اقرأ أيضاً: واقع سوداوي لعرب 48