إسرائيل تسلب الفلسطينيين رسوم المقاصة

11 ابريل 2014
طفلة فلسطينية تشارك في حصاد ما سيُصدَّر (getty)
+ الخط -

نفذت إسرائيل أقوالها وفرضت حصاراً اقتصادياً على الفلسطينيين، نتيجة انضمام فلسطين إلى غير معاهدة دولية. وتحاول سلطات الاحتلال وضع الفلسطينيين أمام خيارين، إما الجوع والانهيار الاقتصادي عبر منعهم من الحصول على إيرادات مقاصة الرسوم الجمركية، أو التنازل عن حقهم في الانضمام إلى المعاهدات الدولية.

وفي أعقاب إعلان الحكومة الإسرائيلية بشكل رسمي حجب أموال المقاصة عن الفلسطينيين، مساء أمس الخميس، والبالغة قيمتها الشهرية قرابة 500 مليون شكيل (140 مليون دولار أميركي)، بدأ الفلسطينيون يفكرون في النتائج المترتبة على هذا الحجب.

حجب رواتب 159 ألف موظف

وكانت إسرائيل قد أعلنت حجب أموال المقاصة، بعد انضمام فلسطين رسمياً، إلى اتفاقيات جنيف الأربعة المتعلقة بحماية أفراد القوات المسلحة الجرحى والمرضى في الميدان، وحماية أفراد القوات المسلحة الجرحى والمرضى والغرقى في البحار، وحماية أسرى الحرب، وحماية الأشخاص المدنيين.

ويقصد بأموال المقاصة، تلك الأموال التي تجبيها إسرائيل، نيابة عن الفلسطينين، عن السلع والخدمات الصادرة والواردة من وإلى فلسطين، عبر الحدود الدولية، والبالغ متوسط قيمتها الشهرية نحو 140 مليون دولار.

وأول نتيجة لحجب أموال المقاصة، هي قطع رواتب نحو 159 ألف موظف حكومي، أو على الأقل سيتم صرف أنصاف رواتب، بين الفترة والأخرى، اعتماداً على توافر أموال في الخزينة الفلسطينية شبه الخاوية.

وتبلغ فاتورة رواتب موظفي القطاع الحكومي الشهرية، نحو 135 مليون دولار أميركي، عدا مخصصات الأسرى المعتقلين والمحررين الشهرية، والمخصصات الاجتماعية للأسر الفقيرة.

تأثيرات اقتصادية

ولأن السوق الفلسطينية صغيرة، فإن حركة الأسواق تنتعش مع صرف الرواتب الشهرية الحكومية. ويقول أحد وكلاء المنتجات الغذائية بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية لـ "العربي الجديد": "نحن نعيش على رواتب الموظفين، إن صرفت لهم تتحرك الأسواق، وإن لم تصرف سيبقى الركود سيد الموقف".

وبحسب التجارب السابقة، فإن الحكومة الفلسطينية، ستكثف من زياراتها إلى الدول العربية والأجنبية المانحة، لتقديم الدعم للموازنة الفلسطينية، حتى تكون قادرة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين العموميين، وتجاه المواطنين، وتجاه الموردين من القطاع الخاص.

وتبلغ نفقات الحكومة الشهرية، وفق تصريح سابق لرئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله، قرابة 240 مليون دولار أميركي، يأتي 55 أو60 في المئة منها عبر إيرادات المقاصة.

وقد صرح الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إيهاب بسيسو لـ  "العربي الجديد" مطلع الأسبوع الجاري، إنه في حال حجبت إسرائيل أموال المقاصة، فإن وقعها على الفلسطينيين سيكون أخف من المرات السابقة، "لأن الإيرادات المحلية التي تجبيها وزارة المالية بعيداً عن إسرائيل قد ارتفعت".

وبلغت الإيرادات المحلية التي تجبيها السلطة الفلسطينية بعيداً عن إسرائيل، خلال أول شهرين من العام الجاري، نحو 746 مليون شيكل (213 مليون دولار)، مقارنة مع 185 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق أرقام صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.

إلا أن أصحاب المحال التجارية يشككون في موافقة المواطنين وأصحاب المصالح، على دفع ضرائب في حالة كانت الأسواق المحلية تعاني ركوداً، وحركة الناس والبيع تعاني حالة موت سريري. ويتساءل هؤلاء:من أين سنأتي بالأموال لدفع الضرائب؟

بين السياسة والاقتصاد

يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح نافز أبو بكر لـ "العربي الجديد"، إن وجود الاقتصاد الفلسطيني هو مصلحة إسرائيلية وأجنبية في المقام الأول، إذ "لن يسمح العالم لإسرائيل بأن تهوي بالاقتصاد الفلسطيني، لأن وجوده، يحجب عنهم وعن الاسرائيليين مليارات الدولارات سنوياً (...)، وفي حال انهار الاقتصاد فإن السلطة ستنهار أيضاً، وهو أمر مرفوض دولياً".

وكانت آخر مرة حجبت فيها إسرائيل أموال المقاصة عن الفلسطينين، نهاية العام 2012 ومطلع العام 2013، حينما توجه الرئيس عباس إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية فلسطين، وقتها تعرضت السلطة الفلسطينية إلى أزمة خانقة استمرت تبعاتها حتى نهاية الربع الثالث من العام 2013.

لكن ما يهم الموظفين أيضاً، قدرتهم على سداد قروضهم الشهرية المستحقة لصالح البنوك، لأن نسبة القروض الموجهة للأفراد في العام 2012 ، أو في 2006 ، حينما حجبت إسرائيل أموال المقاصة لأكثر من 13 شهراً، كانت أقل بكثير مما هي عليه الآن.

يقول أبو بكر، إن تجربة عام 2012، ستتكرر خلال العام الجاري "وهي تأجيل البنوك فترة السداد إلى حين صرف راتب أو نصف راتب، وقتها يتم خصم نسبة 50٪ من قيمة الراتب التي صرفت، بهدف تغطية جزء من قيمة القرض المستحق".

يذكر أن إجمالي القروض على الحكومة والأفراد، بلغت حتى نهاية فبراير/شباط الماضي، نحو 4.5 مليار دولار أميركي، منها نحو 1.27 مليار دولار على الحكومة، والباقي للأفراد والقطاع الخاص.

شبكة الأمان العربية

وكان الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، قد أكد لمراسل "العربي الجديد" أن هدف الحكومة الفلسطينية من إصدار سندات تقدمها للبنوك لإعادة جدولة ديونها، الثلاثاء الماضي، يتمثل في الحصول على قروض أكثر في حال الحاجة إلى ذلك، "ولن تجد الحكومة وقتاً أفضل للاستدانة من الوقت الذي تحجب إسرائيل أموال المقاصة عنها".

 أما شبكة الأمان العربية، التي ذهب الرئيس عباس إلى القاهرة شخصياً، لحضور الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب، والمطالبة بها، فإن التجارب السابقة، وفقاً للناطق باسم الحكومة، تقول "إن بعض الأشقاء العرب لا يلتزمون بوعودهم بشأن دعم الخزينة الفلسطينية".

وكان الرئيس عباس قد طالب وزراء الخارجية العرب، الأربعاء الماضي، بضرورة توفير غطاء مالي "حالاً"، أو تفعيل شبكة الأمان العربية، لمواجهة التهديدات الإسرائيلية بحجب أموال المقاصة.

وتبلغ القيمة الشهرية لشبكة الأمان العربية، نحو 100 مليون دولار أميركي، وقد أُقرّت نهاية العام 2010، وذلك في حال حجبت إسرائيل أموال المقاصة عن الفلسطينيين.

 

 

المساهمون