إسرائيل تخشى "ابتلاعاً" صينياً لشركاتها

09 يونيو 2014
المقاطعة الأوروبية تشجع الشركات الإسرائيلية على التوجه للصين(أرشيف/getty)
+ الخط -

أثارت صفقات استحواذ عدة من جانب شركات صينية لكيانات إسرائيلية، لاسيما في قطاع الأغذية، مخاوف سياسيين واقتصاديين إسرائيليين من تضرر ما وصفوه بالأمن القومي لإسرائيل من صفقات كهذه، ومن "ابتلاع" الصين للشركات الإسرائيلية الكبرى.

ففي منتصف مايو/أيار الماضي، وقعت شركة "بريت فود" المملوكة للحكومة الصينية، والعاملة في مجال إنتاج المواد الغذائية صفقة مع شركة "تنوفا" للألبان، أكبر شركة في مجال الغذاء، وثاني أكبر تجمع صناعي في إسرائيل، اشترت بموجبها 56% من أسهم "تنوفا".

وتبلغ قيمة الصفقة 8.6 مليار شيكل (2.5 مليار دولار)، حيث سيتولى بنك "أوف تشاينا" المملوك للحكومة الصينية تأمين 85% من قيمة الصفقة.

كما اشترت شركة Chem China الصينية 60% من أسهم شركة "مختيشيم أجان" الإسرائيلية للصناعات الكيماوية في عام 2011، مقابل 1.44 مليار دولار.

واستحوذ مستثمرون صينيون على أغلب أسهم شركة IT لصناعات التجهيزات الطبية، في صفقة بلغت قيمتها نصف مليار دولار، فيما كشفت تقارير إعلامية أن مستثمرين صينيين يجرون اتصالات لشراء شركة "كلال بتوح"، أكبر شركات التأمين في إسرائيل.

وأثار سماح الحكومة الإسرائيلية للصين بشراء هذه الشركات انتقادات واسعة في تل أبيب، من قبل ساسة وجنرالات وخبراء اقتصاد.

واعتبرت زعيمة حزب العمل السابقة شيلي يحموفيتش، أن بيع شركة "تنوفا" للصين يعد "تصفية للدولة".

ونقلت صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية في 29 مايو/أيار عن يحموفيتش قولها: "هل هناك دولة طبيعية يمكن أن تمكن دولة أخرى من التحكم في أمنها الغذائي، كما نفعل بمنح الصين هذه الميزة".

وأشارت يحموفيتش إلى أنها توجهت للمستشار القضائي للحكومة بطلب لإبطال الصفقة، على اعتبار أن "تنوفا" تملك مساحات كبيرة من الأراضي، ما يعني أنه ستُنقل ملكية هذه الأراضي إلى جهة خارجية وهذا يتناقض مع القانون".

ويعتبر إفرايم هليفي، الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات للمهام الخارجية الـ"موساد" أبرز المعارضين لمنح الصين موطئ قدم في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشدد في كل مناسبة على أنه لا يجوز لإسرائيل أن تتخلى عن مرافق اقتصادية تمثل "ذخراً إستراتيجياً".

ونقلت النسخة العبرية لموقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" في 29 مايو الماضي، عن هليفي تحذيره من أن الصين ترتبط بعلاقات قوية مع "ألد أعداء إسرائيل" وهذا يفاقم خطر سيطرتها على المرافق الاقتصادية الحساسة في الاقتصاد الإسرائيلي.

ونوه هليفي إلى أن منح موطئ قدم للصينيين في الاقتصاد الإسرائيلي سيسهم في تعزيز تواجدهم في المنطقة بشكل يتناقض مع مصالح الولايات المتحدة، التي تعتبر الحليف الأبرز لإسرائيل.

وقال هليفي إن منظمات "إرهابية" إسلامية وظفت المرافق المصرفية الصينية في تبييض أموال استخدمت في تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

وفي السياق ذاته، قال يورام عفيرون، أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة حيفا، إنه لا يجوز "مكافأة الصين، التي أسهمت في تطوير البرنامج النووي الإيراني بمنحها السيطرة على المرافق الاقتصادية الحساسة في إسرائيل".

وأشار عفيرون إلى أن حقيقة أن الشركات الصينية التي تشتري الشركات الإسرائيلية هي شركات حكومية، يعني أن ذلك الواقع يمكن نظام الحكم في بكين من التحكم في مفاصل إسرائيل، علاوة على أن ذلك سيساعد الصينيين على الوصول إلى المعلومات الحساسة والهيمنة على المرافق التكنولوجية. وفي بحث نشره "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي حديثا في مجلة "مباط عال"، قال عفيرون إن هناك انطباعا بأن الصين تعمل على نقل التقنيات المتقدمة من الدول الأخرى ونقلها لها بشكل غير قانوني، الأمر الذي يزيد المخاوف من أن تقدم على السلوك نفسه في حال تمكنت من السيطرة على المزيد من شركات التقنية المتقدمة في إسرائيل، ما يفقد تل أبيب من الكثير من ذخرها الإستراتيجي.

وقد اكتسبت التحذيرات الإسرائيلية من خطورة ابتلاع الصين للشركات الإسرائيلية الكبرى زخما أكبر، في أعقاب تصريحات أدلى بها رجل الأعمال الصيني روني تشان، الذي يعتبر أحد أغنياء هونج كونج.

وقال تشان في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية في 30 مايو، إن الهدف الصيني من شراء الشركات هو نقل التقنيات المتقدمة الإسرائيلية للصين.

ورغم حملة الانتقادات، إلا أن الحكومة الإسرائيلية غير معنية بالتدخل لإحباط صفقات شراء الشركات من قبل الصينيين، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يأمل بأن تفضي الشراكة الاقتصادية مع بكين إلى شراكة إستراتيجية، تحسن من مكانة إسرائيل الدولية، في ظل مظاهر الضعف التي تعتري مكانة الولايات المتحدة، حسب محللين.

كما تسعى إسرائيل إلى التغلب على حملات مقاطعة أوروبية، بتوسيع شبكة علاقتها، لاسيما الاقتصادية بدول آسيوية، أبرزها الصين واليابان، لتقليل الاعتماد على الأسواق الأوروبية.

وأعلن نتنياهو بشكل مباشر للمرّة الأولى، في مايو الماضي أنّ حكومته سعت في الفترة الأخيرة إلى ضمان شبكة من العلاقات والاتفاقات الاقتصادية القادرة على توفير حماية اقتصادية لإسرائيل، لمواجهة تهديدات الاتحاد الأوروبي بالمقاطعة.

وتواصل دول الاتحاد الأوروبي للشهر الخامس على التوالي فرض مقاطعة تجارية واستثمارية وعلمية وأكاديمية وبحثية ضد المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية المحتلة.

ويأتي قرار المقاطعة الأوروبية للمستوطنات، نتيجة حكم المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2004، والقاضي بأنّ المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على دولة محتلة أنّ توّطن سكانها في المناطق التي احتلتها.

وتعرضت الصناعة والتجارة الإسرائيلية، إلى هبوط كبير في حجم صادراتها، وسط توقعات بتراجع حجم الصادرات بنسبة 20٪ سنوياً، وفق وزارة المالية الإسرائيلية في فبراير/شباط الماضي.

وتخشى إسرائيل أنّ تتحول المقاطعة الاقتصادية لها إلى ثقافة عامة في دول الاتحاد الأوروبي وباقي دول العالم.

وما يقلق سلطات الاحتلال، حسب الصحف الإسرائيلية، هو امتداد آلية المقاطعة إلى الشركات الخاصة في أوروبا، التي لم تعد تكتفي بمقاطعة المصانع والمنتجات المصنّعة في المستوطنات، بل إنّ بعضها يقاطع أيضاً الشركات الإسرائيلية العاملة داخل حدود الخط الأخضر.

وكان صندوق التقاعد الأكبر في هولندا "بي جي جي إم"، قرر في فبراير/شباط الماضي، وقف تعامله مع المصارف الإسرائيلية لمشاركتها في تمويل المستوطنات.

الدولار = 3.46 شيكل إسرائيلي

المساهمون