التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف الجمعيات الأهلية في الأراضي المحتلة عام 1948، لا سيما بعد حظر الحركة الإسلامية الشمالية وإغلاق 20 مؤسسة أهلية تابعة لها كانت تعمل في مجالات اجتماعية وتعليمية مختلفة، دفعت جمعية "الشباب العرب - بلدنا" في حيفا إلى تنظيم ندوة بعنوان "حظر العمل السياسي والأهلي الفلسطيني ــ تحديات وانعكاسات".
الندوة التي عقدت مساء أول من أمس، هدفت إلى بحث القرار الإسرائيلي وانعكاساته وسبل مواجهته، بالإضافة إلى رد الفعل الشعبي في الداخل الفلسطيني الذي لم يرق الى المستوى المطلوب، بحسب المشاركين، على الرغم من أهمية المؤسسات التي شملها الحظر الإسرائيلي، والفراغ الذي ستتركه في المجتمع.
يقول مدير جمعية "بلدنا" نديم ناشف لـ "العربي الجديد" إن "إغلاق إسرائيل عشرين جمعية ناشطة في مجتمعنا تابعة للحركة الإسلامية، يؤثّر علينا جميعاً، وحتى على المؤسسات المحسوبة على التيار العلماني، فنحن مجتمع واحد". ويضيف: "رأينا أنه من المهم من خلال هذه الندوة، ومن خلال عريضة وقّعت عليها العديد من الجمعيات، التعبير عن سخطنا على خطوة المؤسسة الإسرائيلية، وخصوصاً أن الحديث هو عن تيار مركزي له حضوره ويخدم قطاعات واسعة في المجتمع وليس المنتمين للتيار نفسه فقط".
يضيف: "أقرّ الحظر وكأنّ شيئاً لم يحدث. من الواضح أن الحديث عن تيار إسلامي وربط الموضوع بقضايا إقليمية ودولية سهّل الأمر على إسرائيل، في وقت استسلمنا بسهولة، ما يدل على وجود حالة اغتراب في مجتمعنا. هناك شرائح واسعة لم تأبه للموضوع ولم تبد أي تضامن". ويلفت إلى أن هذا يجب أن "يدفع إلى السؤال عمّا يحدث في الداخل. كان يجب أن نضع خلافاتنا جانباً، وخصوصاً أن قرار الحظر الإسرائيلي يمكن أن يشكل خطراً على جمعيات فاعلة أخرى في مجتمعنا العربي محسوبة على تيارات أخرى".
من جهته، يشير الباحث مهنّد مصطفى، إلى أن هذا الحظر يعدّ فصلاً جديداً في علاقة المؤسسة الإسرائيلية مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "خطورة الحظر تتمثل في سهولته السياسية، بعدما قررت مجموعة صغيرة، بناء على قوانين الطوارئ الانتدابية، إخراج تيار سياسي مركزي بجرة قلم، من دون أي مسوغ قانوني أو دستوري ومن دون إجراءات عادلة للمحاكمة". ويلفت إلى أن "الحركة الإسلامية خرقت حدود اللعبة الصهيونية التي حددتها الدولة للجماهير الفلسطينية في أراضي 48، من خلال مشروعها الفاعل في المسجد الأقصى، إلا أنها لم تخرق حدود اللعبة القانونية، وحافظت في كل نشاطاتها على المنظومة القانونية للعمل السياسي داخل إسرائيل. بيد أن هناك فرقاً بين اللعبة السياسية والمنظومة القانونية، ما أدى إلى حظرها".
ويوضح مصطفى أن "حظر الحركة الإسلامية يشكل إنذاراً للأحزاب الوطنية بشكل عام وحزب التجمع الوطني الديموقراطي بشكل خاص، والذي ينشط سياسياً خارج قواعد اللعبة الصهيونية"، مشيراً إلى أن "مستوى الرد على الحظر لم يرق إلى خطورة الحدث".
أما المدير السابق للحركة الطلابية في جمعية "اقرأ" محمد فرحان، والتي شملها قرار الحظر علماً أنها تُعنى بالطلاب بشكل خاص، فيقول لـ "العربي الجديد": "أنشأنا نحو 30 مؤسسة أكاديمية وخيرية وإعلامية وبحثية ومجتمعية وغيرها". ويشير إلى أن "اقرأ كانت بمثابة حركة طلابية لدعم الطلاب الجامعيين، ثم تحولت إلى جمعية أهلية، انبثقت عنها عدة مشاريع تعنى بشؤون الطلاب ودعمهم ومرافقتهم وتنظيم دورات تعليمية خاصة بهم"، لافتاً إلى أن "اقرأ كانت للجميع، ولم يقتصر عملها على أنصار الحركة الإسلامية". يضيف: "اليوم هناك فراغ كبير، فقد بنينا مشروعاً قام على أسس مهنية. لذلك، سيضر غيابنا الطلاب"، لافتاً إلى أن "اقرأ عملت أيضاً على رفع وعي الطلاب العرب في شتى المجالات".
ويرى فرحان أن على "جميع الحركات والتيارات الطلابية العربية تجميد عملها الفردي، والعمل فقط في إطار جماعي موحد، ليشمل القائمين على اقرأ التي باتت ممنوعة من تنظيم نشاطات باسمها".
إلى ذلك، دانت الحركات الطلابية العربية في الجامعات الإسرائيلية، في بيان، "التضييق الذي بدأت الجامعات بفرضه بحق حركة اقرأ الطلابية"، لافتة إلى أنها خطوة تتماهى مع مخطّطات المؤسّسة الإسرائيلية، لتجريم العمل السياسي لمركّبات المجتمع الوطني الفلسطيني في الداخل وكل من يناهض سياساتها العنصرية، واستكمال لسلسلة التعسف والتمييز والعنصرية التي بتنا نعاني منها في العقد الأخير من حياة الحركة الطلابية.
اقرأ أيضاً: تحريض إسرائيلي ضد سكن فلسطينيي 48 في "العفولة"