إسراء غزال

29 ابريل 2015
إسراء في أحد صفوف تعليم الصم (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
ترعرعت الشابة الفلسطينية إسراء غزال (22 عاماً) وسط عائلة لأب أصم وأم ناطقة، لا يتواصل أفرادها إلا بلغة الإشارة، الأمر الذي أكسبها معرفة تلقائية بتلك اللغة، التي ساعدتها لاحقاً في الإجابة عن الأسئلة التي كانت تنهمر عليها من أخواتها فور دخولها البيت عائدة من المدرسة، حول مجريات الحياة والأحداث اليومية في الخارج.

وتقول إسراء لـ"العربي الجديد" إنّ حالة الهدوء التي وجدت نفسها فيها، خلال مرحلة الطفولة، انعكست عليها بالسلب، فلم تكن حينها تتفاعل مع الناطقين، بل كانت تعتبر ذلك أمراً مستغرباً، لكن والدتها تداركت الموقف مبكراً، فأصبحت تصحبها إلى منازل أقاربها والجيران للحديث معهم، وكسر أجواء العزلة التي كانت تعيشها داخل المنزل.

ولم تكد غزال تضع خطواتها في عالم المتكلمين، حتى استشعرت طوق عزلة يُفرض على الصم، نتيجة وجود بعض النظرات السلبية تجاههم، وضعف الخدمات المقدمة لهم، التي تساعدهم على الاندماج في المجتمع وتحقيق رغباتهم في الحياة، مما جعل إسراء تستميت في كسر الطوق الذي قيد عائلتها والصم بشكل عام.

وشرعت إسراء في أولى محاولاتها مع أختها الكبرى الصماء، حكمت، عبر مساعدتها في فهم دروسها التعليمية وإنجاز واجباتها المدرسية أثناء دراستها في جمعية أطفالنا للصم في مدينة غزة، حتى حصولها على شهادة الثانوية العامة بنجاح من مدرسة مصطفى الرافعي للصم.

احتياجات الصم
وتعمل حكمت كمعلمة للطلبة الصم في جمعية أطفالنا حتى الصف التاسع، بينما يُعرف والدهما هاشم غزال بعميد الصم في قطاع غزة، نظراً لدوره الكبير في خدمتهم، وإشرافه على تأسيس منهاج لغة الإشارة الخاص بالصم وتطويره بين الحين والآخر.

وتضيف الشابة إسراء: "تلمست احتياجات الصم عن قرب، واستشعرت أهمية دمجهم في المجتمع مهما كانت التحديات والمعيقات صعبة، منذ المراحل الأولى من حياتي عندما كنت أداوم على زيارة أول نادٍ اجتماعي ترفيهي يجمع الصم في مدينة غزة أسسه والدي هاشم عام 1992". 

وتوضح غزال أنها ساهمت في تيسير الدراسة على أختيها نداء وسندس، حتى نالت الأولى شهادة الثانوية العامة وتدرس الآن اختصاص تكنولوجيا الإبداع في المعهد الخاص بالأشخاص الصم الذي افتتحته الجامعة الإسلامية في غزة حديثا، كمبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى قطاع التعليم الجامعي الفلسطيني.
 
وأشارت غزال إلى أنّ أختها سندس تدرس الثانوية العامة (فرع العلوم الإنسانية) في مدرسة مصطفى الرافعي، بينما شجعت أخاها الأصم هيثم على تعلم حرفة النجارة وصناعة الأثاث، لتكون مصدر دخل مالي له تبعده عن شبح البطالة، وكذلك تساعد أخاها عبدالله وأختها وعد في دراستهما الأساسية بجمعية أطفالنا للصم.

وتشعر إسراء بالسعادة الجمة لما بذلته لعائلتها حتى الآن، ورغبتها الشديدة في تقديم المزيد على حساب زهرة شبابها، الأمر الذي دفعها إلى دراسة علوم الأحياء في جامعة الأقصى في غزة، على أمل أن تجد علاجاً للمشاكل الوراثية التي تعاني منها عائلتها.

الاهتمام بالصم
وتعد جمعية أطفالنا للصم التي تأسست عام 1992 أول منشأة محلية تهتم بشؤون الصم داخل القطاع، والبالغ عددهم نحو 15 ألفاً، تبعها افتتاح عدة مؤسسات في مختلف مناطق القطاع تعمل في ذات المجال، كمؤسسة الأمل والهلال الأحمر وجمعية المستقبل للصم الكبار ونادي جباليا لتأهيل المعاقين ونادي البسمة.

وتبين إسراء أن عدد المؤسسات المعنية بالصم كافية، ولكن غالبيتها تعاني من ضعف الدعم المقدم لها، وبالتالي عدم القدرة على تلبية كامل احتياجات الصم، خاصة في المجال التعليمي، قبل أن تفتتح مدرسة مصطفى صادق الرافعي المتخصصة بالتعليم الأكاديمي من الصف العاشر حتى الثانوية العامة عام 2011.

وتعمل الشابة إسراء حالياً كمعلمة في الدبلوم الأكاديمي التابع للجامعة الإسلامية في غزة الخاص بالصم، بجانب عملها كمترجمة للغة الإشارة في العديد من المؤسسات والفضائيات المحلية، فضلا عن مشاركتها الفعالة في الورش التي تتحدث عن أوضاع الصم، وضرورة دمجهم بين فئات المجتمع مثل الأصحاء.
دلالات
المساهمون