أدانت عدة منظمات وقوى معارضة سورية، بالذكرى الأولى لـ"اليوم العالمي لحماية التعليم"، استمرار استهداف القوات النظامية وحلفائها للمنشآت التعليمية، الأمر الذي حرم مئات آلاف الأطفال من حقهم في التعليم.
واعتبر مشرف مجمع تربية إدلب، أبو أحمد العبسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "استهداف المدارس يعني استهداف البنية التحتية للتعليم، وهذا الأمر طبعاً له تأثير سلبي نفسياً ومادياً، على العملية التعليمية برمتها، عبر تكريس ظاهرة الخوف من ذهاب الطلاب والمعلمين للمدارس، سواء عند الأهل أو عند التلاميذ".
ولفت مشرف مجمع تربية إدلب إلى أنّ "معظم مدارس المنطقة، مغلقة اليوم على خطوط التماس، علماً أنّ البلدات مليئة بالأهالي".
من جانبها، قالت وزيرة التربية والتعليم في "الحكومة المؤقتة" المعارضة، هدى العبسي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "استهداف المدارس هو جزء من الحرب على التعليم، حتى يترك الطالب مقعده، والمعلم مدرسته وتقتل إرادة الصمود، ويريد الاحتلال الروسي والقوى الداعمة له فرض سياسة التجهيل، ليبتعد الطفل عن قلم الرصاص ويحمل الرصاص".
وتابعت: "النظام والمحتلّ الروسي يريدان إنشاء جيل جاهل، لينشرا الأفكار الداعشية وتُصبَغ المنطقة بالإرهاب، ويكون هذا مبرراً لتدمير المنطقة والسيطرة عليها".
ولفتت إلى أنّ "استهداف المدارس، أدّى إلى حرمان الطالب من المدرسة، فكثير من المدارس تضرّرت كثيراً، ومدارس أخرى شغلت بالنازحين، فالتربية لديها نقص كبير في المدارس، ولمعالجة هذا الأمر تمّ اللجوء إلى المخيمات التعليمية أو الكرفانات المتنقلة".
وأضافت: "أما بالنسبة للأثر النفسي على الطلاب وعائلاتهم...فتحوّلت المدرسة إلى مصدر قلق وخوف للطلاب والأهالي. الخوف المستمر من أن يفقد الأهالي أولادهم في المدرسة، وهذا يؤثر على الاستقرار ويدعم الهجرة والنزوح لأماكن أكثر أمناً، يكون التعليم متوفراً فيها بشكل آمن".
وفي سياق متصل، أطلقت نحو 12 منظمة مدنية، في اليوم الدولي الأوّل لحماية التعليم من الهجمات، مشروع "أنقذوا المدارس السورية" لإدانة الهجمات العديدة التي كانت وما زالت تتعرّض لها المدارس في سورية، ولمطالبة جميع أطراف النزاع بوقف تلك الهجمات فوراً، والبدء بإعادة بناء وإصلاح المدارس والنظام التعليمي في جميع أنحاء سورية، ومعالجة الثغرات الكبيرة التي نشأت في قطاع التعليم جرّاء تداعيات النزاع.
وأظهر بيان المشروع، الذي نشر على موقع "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أظهرت أخيراً، أنّ القوّات السورية استخدمت ما لا يقلّ عن 81916 برميلاً متفجّراً بين يوليو/تموز 2012، ومارس/آذار 2020. ونالَت المدارس نصيبها من هذه الضربات، إذ سُجِّلت 140 هجوماً على المدارس، وقعَ 73 منها، بعد اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2139 (2014) الذي طالبَ جميع الأطراف المسلّحة بوقف الهجمات ضدّ المدنيين، وصنَّفَ البراميل المتفجّرة أسلحةً عشوائية بطبيعتها، إذ يُحتمَل أن "تتسبّب في إصابات زائدة عن الحدّ أو معاناة لا داعي لها".
ولفتت الشبكة إلى أنّه بالرغم من أنَّ الرقم الإجمالي غير معروف بالضبط، لكنَّنا استطعنا توثيق تعرّض 1292 مدرسة للهجوم بين 2011 و2017، وهو تقديرٌ متواضع جدا على الأرجح. وبعد هذا التاريخ، ارتفع العدد بشكلٍ ملحوظ. ففي الفترة الممتدّة بين يناير/كانون الثاني ونهاية يونيو/حزيران 2019 فقط، تحقّقت الأمم المتّحدة من 74 هجوماً على المدارس.
من جانبه، قال "الائتلاف الوطني" المعارض، في بيانٍ له بمناسبة اليوم العالمي لحماية التعليم، الذي صادف الأربعاء الماضي، اطلع عليه "العربي الجديد"، إنّه بالإضافة لجرائم النظام ورعاته بحق التعليم والأطفال، هناك أيضاً حرب تشنها مليشيات “PYD” الإرهابية على السوريين، حيث فرضت مناهج أيديولوجية متطرفة في إطار مشاريع تشويه الثقافة والتاريخ والجغرافيا، وانتهاك حق الإنسان في الحصول على تعليم ينسجم مع ثقافته وحضارته.
ورأى الائتلاف، في بيانه، أنّ واقع الأطفال السوريين، بمن فيهم اللاجئون والعالقون في المخيمات، يحتاج إلى تكاتف المؤسسات الدولية والمحلية ومنظمات المجتمع المدني، للعمل على استراتيجية شاملة لمحو الأمية بين الأطفال، وإعادة إدماجهم في التعليم كخطوة أولى، ثم العمل على محو الأمية من جميع الفئات العمرية بشكل عام. واعتبر أنّ الفشل في هذا المشروع يعني مستقبلاً مظلماً لمئات الآلاف من السوريين، وستكون له نتائج كارثية على مدى العقود القادمة.
وكانت الجمعية العامّة للأمم المتّحدة اعتمدت بالإجماع، في 29 مايو/أيار 2020، قراراً أعلنت فيه التاسع من سبتمبر/أيلول يوماً دولياً لحماية التعليم من الهجمات، موضحة أنّ الهدف هو تسليط الضوء على ما سمتها "المحنة التي يمرّ بها أكثر من 75 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 3 و18 عاماً في 35 دولة، من الدول المتضرّرة بالأزمات"، والإشارة إلى حاجتهم الماسّة للدعم في مجال التعليم.