وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن زهاء 3 ملايين مغربي يعانون من الاكتئاب النفسي، كما أن حوالى مليون ونصف مليون مغربي، وتحديدا 1.477.408 يعانون من القلق.
واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن للاكتئاب تداعيات خطيرة على الصحة العامة، إذ يؤدي إلى عدم قدرة الشخص على أن يكون عنصرا فعالا ومنتجا داخل المجتمع، إضافة إلى تفشي جملة من الظواهر الاجتماعية، أهمها الانتحار.
هذه الأرقام التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بالمقلقة والمرتفعة مقارنة مع عدد من بلدان العالم، واعتبرتها وسائل إعلام مغربية صادمة، تجد مسوغا لها داخل المجتمع المغربي الذي تتنامى فيه نسبة الانتحار نتيجة أمراض نفسية.
وقبل يومين، أقدم شرطي في مدينة قلعة السراغنة على الانتحار شنقا في مكتبه الوظيفي، حيث عزت مصادر مطلعة هذا الانتحار إلى مشاكل نفسية واجتماعية أثرت على توازن الشرطي، وقبله انتحر رجل في مدينة تنجداد بشنق نفسه في حديقة مسكنه.
وفي نفس الأسبوع أقدمت شابة في عقدها الثاني، تقطن ضواحي مدينة خنيفرة، على الانتحار بواسطة بندقية صيد في ملكية والدها، كما وضعت امرأة حدا لحياتها شنقا في مدينة تاونات جراء مشاكل نفسية كانت تتخبط فيها.
وصنفت منظمة الصحة العالمية المغرب في الرتبة الثانية في العالم العربي من حيث تعدد حالات الانتحار، بنسبة بلغت 5.3 في المائة من كل 100 ألف نسمة، لكن مختصين يرون أن هذا الرقم لا يعكس حقيقة الوضع.
وأكد محمد قجدار، المحلل والمعالج النفسي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الانتحار هو "تتويج دموي ودرامي للألم النفسي الذي يعتري المريض، فلا يمكن تصور منتحر أقدم على وضع حد لحياته بدون أن يكون لذلك سبب نفسي ناجم عن مشكلة اجتماعية أو عاطفية أو مادية وغيرها من الأسباب".
وأورد قجدار أن "الاكتئاب والوسواس القهري والقلق كلها أمراض نفسية متفشية في المجتمع المغربي، وتؤدي بطريقة أو أخرى إلى الانتحار، لكن هذا المجتمع لا يدرك إلا قليلا هذه السببية بين المرض النفسي والإقدام على فعل الانتحار".
وزاد المتحدث بأن "أرقام الانتحار المعلنة لا تعكس حقيقة الأشياء، حيث في عدد من الحالات لا تعلن الأسر عن انتحار أبنائها خشية العار أو الفضيحة بحسبهم، محذراً من تنامي الأمراض النفسية في المجتمع، والتي تؤدي إلى الانتحار، وفي أحسن الأحوال إلى أشخاص عديمي الإنتاج والمردودية".
وأكمل الأخصائي ذاته أن "المجتمع المغربي ما زال في أغلبه يعتبر الذهاب إلى الطبيب النفسي أمرا معيبا أو مدعاة للسخرية من طرف الآخرين، كما أن الكثيرين لا يفرقون بين المرض النفسي وبين الجنون أو الاضطراب العقلي رغم أن الاختلافات بينهما شاسعة".