04 نوفمبر 2024
أي تفاوض سوري في جنيف؟
انتهت الجولة السادسة من مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية برعاية الأمم المتحدة إلى النتائج نفسها التي انتهت سابقاتها إليها، وهو بالمناسبة تعداد قابل للازدياد طرداً، مع استمرار الصراع الدولي على سورية، فلا تفاهمات حول أي من "سلال" دي ميستورا الأربع التي طرحها خلال الجولة السابقة. في الوقت نفسه، بقيت محاولات روسيا تمرير أجندة "أستانة" ومخرجاتها مرجعية تفاوضية بين الطرفين موضع شك لإمكانية تحقيق ذلك، في ظل عدم المباركة الأميركية هذه الاتفاقية، والانقسامات واضحة بين وفدي أستانة "الفصائل" و"وفود" المعارضة، التي تجمع بين السياسيين ومرجعيات المعارضة المسلحة. أيضا وعلى الرغم من تفاؤل الدول الثلاث الراعية اتفاق أستانة، والتي سميت "الضامنة للاتفاق"، فإن أياً من المسارين (جنيف وأستانة) لم يستطع أن يفرض نفسه للانتقال إلى جولة تفاوضات حقيقية.
ويعد تعليق كتلة من الفصائل المسلحة مشاركتها في الوفد التفاوضي الرئيسي، حسب الأسباب التي أعلنتها، ضربة موجعة للمعارضة السياسية، على الرغم من تراجع الفصائل عن موقفها من تعليق المشاركة، وعدم ذكر ما يناقض ما قالته في الإعلان الذي وقعت عليه، وهي فرقة السلطان مراد وفيلق الشام وجيش الثورة وجيش اليرموك وحركة تحرير الوطن وتحالف قوات الجنوب. أما أسباب ذلك، فأولها عدم وضوح المرجعية والتخطيط في اتخاذ القرار. وثانيها عدم وجود استراتيجية تفاوضية. وثالثها غياب العلاقة الناظمة بين الهيئة العليا للتفاوض والوفد المفاوض.
ما تجدر الإشارة إليه أن الهيئة العليا للتفاوض تعتبر نفسها مرجعية لوفد أستانة، كما هي مرجعية لوفدها في جنيف، وهذا يؤكد حالة غياب التنسيق الكامل بين الوفود، كما يفيد بوضوح بأننا لم ندخل بعد مرحلة التفاوض، أو حتى الممهدات له، وهو ما يبرّر للشارع السوري أن يطرح تساؤلاتٍ عديدة على المعارضة التي تدّعي تمثيله حتى اليوم، ومنها:
هل كان خلال كل تلك اللقاءات التي عقدت مباحثات تفاوضية حقيقية، يمكن من خلالها الوصول إلى تفاهماتٍ أو تقاسماتٍ من أي نوع، أو على أي قضيةٍ مختلفٍ عليها، والتي تدور الحرب الطاحنة بسببها بين الجانبين؟ وهل كان هناك، أصلاً، اجتماعاتٌ بين الطرفين المعنيين مباشرة؟ ثم هل يملك أي من الطرفين المعنيين بالمفاوضات في جنيف، من النظام والمعارضة، القدرة على اتخاذ أي قرار في أي شأن، خصوصا عندما نقرأ صراحةً في إعلان تعليق الفصائل مشاركتها في جنيف 6 "إن العلاقة بين الهيئة العليا والوفد لا تصب في مصلحة الثورة"؟
نعلم أن التفاوض يحدث بين جهتين تمتلكان سيادة على ما تتفاوضان عليه، الأمر الذي خرج تماماً من النظام، بحكم الهيمنة الروسية عليه، ومصادرة إيران قراره ضمنياً. ولا يمكن نفي أن هذه السيادة، في مفهومها العام، لا يمتلكها الجانب المفاوض عن المعارضة، ليس بسبب تبعيته أو ارتهان قراره عسكرياً للدول الداعمة فحسب، بل لأنه أيضاً يعبّر عن حالة تشرذم وتفكك في رؤيته للحل السياسي المفترض، لا سيما وقد تبيّن عدم قدرته على لملمة شتاته، بين جنيف 2 وجنيف 6، في وفدٍ واحدٍ، يقابل به وفد النظام الذي يعتمد وحدانية الفرد المفاوض بشار الجعفري، وليس فقط الوفد والرؤية.
إزاء ذلك، نحن بصدد سؤال آخر بشأن الهيئة العليا للتفاوض، والكيانات التي تمثلها، ومنصتي القاهرة وموسكو، وإمكاناتها في مواجهة مسؤولياتها التفاوضية، بأكثر مما هي عليه بين جنيف 6 وسابقاتها، من جولاتٍ لا تعدو أن تكون مجرّد منصاتٍ لمؤتمراتٍ إعلامية، في وقت تجاوز فيه ممثلو "المعارضة المسلحة" أدوارهم الميدانية، ليكونوا على طاولة مفاوضات أستانة، وليجبروا في لحظة استثنائية أن يكونوا شهودا على اتفاق تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ، تتوزّع ضمانة تنفيذها على روسيا وإيران، لجهة النظام وتركيا لجهة المعارضة، تحت ما سمي اتفاق "خفض التصعيد".
إذاً وبعيداً عن ضجيج التمثيل الوهمي للسوريين، معارضة ونظاماً، في جنيفات متعاقبة، نحن أمام حالة وهمية اسمها مفاوضات جنيف، بكل أرقامها من 2 وحتى 6 وما بعد ذلك، لأن التفاوض أو بصراحة التفاهم "الأولي" حقيقة حدث مرة واحدة فعلياً، في جنيف 1، بين الدول المتصارعة على سورية، وليس بين أدواتها، وكانت الدول الكبرى المعنية، وقتها، قد اعتمدت خطة كوفي عنان بنقاطها الست أساسا لصياغة بيان جنيف 1، وهو البيان الذي رفض أيضاً، مثلما رفض الطرفان السوريان سابقاً نقاط عنان. ولاحقا فقط، ادّعى كل طرف التمسّك ببيان جنيف، كل حسب تفسيره نصاً قابلا للتطويع والتفسير والتحوير، بل والانقلاب عليه، كما حدث في بياني فيينا1 و2، وبكل القرارات التي تتمسّك بها المعارضة، 2254 و1118 وغيرهما.
وإلى أن تكون الدول الفاعلة في الصراع على سورية جاهزة لعقد جنيف1 جديد، تحضره الولايات المتحدة الأميركية، مع من تمثل مصالحهم في المنطقة ضمنياً، وروسيا ذات التمثيل المشترك في المصالح مع النظام وإيران من جهة، وبعض الدول الإقليمية المعادية للنظام وإيران من جهة ثانية، إضافة إلى تركيا الدولة الإقليمية التي تمثل القوة الضاغطة على الحدود الشمالية لسورية، وعلى دور الفصائل المسلحة المعارضة، فكل ما يحدث من مفاوضات هو لاستهلاك الوقت إعلامياً، وانضاج الطبخة الدولية واقعياً.
ويعد تعليق كتلة من الفصائل المسلحة مشاركتها في الوفد التفاوضي الرئيسي، حسب الأسباب التي أعلنتها، ضربة موجعة للمعارضة السياسية، على الرغم من تراجع الفصائل عن موقفها من تعليق المشاركة، وعدم ذكر ما يناقض ما قالته في الإعلان الذي وقعت عليه، وهي فرقة السلطان مراد وفيلق الشام وجيش الثورة وجيش اليرموك وحركة تحرير الوطن وتحالف قوات الجنوب. أما أسباب ذلك، فأولها عدم وضوح المرجعية والتخطيط في اتخاذ القرار. وثانيها عدم وجود استراتيجية تفاوضية. وثالثها غياب العلاقة الناظمة بين الهيئة العليا للتفاوض والوفد المفاوض.
ما تجدر الإشارة إليه أن الهيئة العليا للتفاوض تعتبر نفسها مرجعية لوفد أستانة، كما هي مرجعية لوفدها في جنيف، وهذا يؤكد حالة غياب التنسيق الكامل بين الوفود، كما يفيد بوضوح بأننا لم ندخل بعد مرحلة التفاوض، أو حتى الممهدات له، وهو ما يبرّر للشارع السوري أن يطرح تساؤلاتٍ عديدة على المعارضة التي تدّعي تمثيله حتى اليوم، ومنها:
هل كان خلال كل تلك اللقاءات التي عقدت مباحثات تفاوضية حقيقية، يمكن من خلالها الوصول إلى تفاهماتٍ أو تقاسماتٍ من أي نوع، أو على أي قضيةٍ مختلفٍ عليها، والتي تدور الحرب الطاحنة بسببها بين الجانبين؟ وهل كان هناك، أصلاً، اجتماعاتٌ بين الطرفين المعنيين مباشرة؟ ثم هل يملك أي من الطرفين المعنيين بالمفاوضات في جنيف، من النظام والمعارضة، القدرة على اتخاذ أي قرار في أي شأن، خصوصا عندما نقرأ صراحةً في إعلان تعليق الفصائل مشاركتها في جنيف 6 "إن العلاقة بين الهيئة العليا والوفد لا تصب في مصلحة الثورة"؟
نعلم أن التفاوض يحدث بين جهتين تمتلكان سيادة على ما تتفاوضان عليه، الأمر الذي خرج تماماً من النظام، بحكم الهيمنة الروسية عليه، ومصادرة إيران قراره ضمنياً. ولا يمكن نفي أن هذه السيادة، في مفهومها العام، لا يمتلكها الجانب المفاوض عن المعارضة، ليس بسبب تبعيته أو ارتهان قراره عسكرياً للدول الداعمة فحسب، بل لأنه أيضاً يعبّر عن حالة تشرذم وتفكك في رؤيته للحل السياسي المفترض، لا سيما وقد تبيّن عدم قدرته على لملمة شتاته، بين جنيف 2 وجنيف 6، في وفدٍ واحدٍ، يقابل به وفد النظام الذي يعتمد وحدانية الفرد المفاوض بشار الجعفري، وليس فقط الوفد والرؤية.
إزاء ذلك، نحن بصدد سؤال آخر بشأن الهيئة العليا للتفاوض، والكيانات التي تمثلها، ومنصتي القاهرة وموسكو، وإمكاناتها في مواجهة مسؤولياتها التفاوضية، بأكثر مما هي عليه بين جنيف 6 وسابقاتها، من جولاتٍ لا تعدو أن تكون مجرّد منصاتٍ لمؤتمراتٍ إعلامية، في وقت تجاوز فيه ممثلو "المعارضة المسلحة" أدوارهم الميدانية، ليكونوا على طاولة مفاوضات أستانة، وليجبروا في لحظة استثنائية أن يكونوا شهودا على اتفاق تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ، تتوزّع ضمانة تنفيذها على روسيا وإيران، لجهة النظام وتركيا لجهة المعارضة، تحت ما سمي اتفاق "خفض التصعيد".
إذاً وبعيداً عن ضجيج التمثيل الوهمي للسوريين، معارضة ونظاماً، في جنيفات متعاقبة، نحن أمام حالة وهمية اسمها مفاوضات جنيف، بكل أرقامها من 2 وحتى 6 وما بعد ذلك، لأن التفاوض أو بصراحة التفاهم "الأولي" حقيقة حدث مرة واحدة فعلياً، في جنيف 1، بين الدول المتصارعة على سورية، وليس بين أدواتها، وكانت الدول الكبرى المعنية، وقتها، قد اعتمدت خطة كوفي عنان بنقاطها الست أساسا لصياغة بيان جنيف 1، وهو البيان الذي رفض أيضاً، مثلما رفض الطرفان السوريان سابقاً نقاط عنان. ولاحقا فقط، ادّعى كل طرف التمسّك ببيان جنيف، كل حسب تفسيره نصاً قابلا للتطويع والتفسير والتحوير، بل والانقلاب عليه، كما حدث في بياني فيينا1 و2، وبكل القرارات التي تتمسّك بها المعارضة، 2254 و1118 وغيرهما.
وإلى أن تكون الدول الفاعلة في الصراع على سورية جاهزة لعقد جنيف1 جديد، تحضره الولايات المتحدة الأميركية، مع من تمثل مصالحهم في المنطقة ضمنياً، وروسيا ذات التمثيل المشترك في المصالح مع النظام وإيران من جهة، وبعض الدول الإقليمية المعادية للنظام وإيران من جهة ثانية، إضافة إلى تركيا الدولة الإقليمية التي تمثل القوة الضاغطة على الحدود الشمالية لسورية، وعلى دور الفصائل المسلحة المعارضة، فكل ما يحدث من مفاوضات هو لاستهلاك الوقت إعلامياً، وانضاج الطبخة الدولية واقعياً.