من بين صور المظاهرات الجزائرية الأخيرة، برزت صورة فتاة ترقص في الشارع. صورة بسيطة في مكوّناتها، ولكن ليس من المتوقع أن تأتينا من الجزائر في غير مناخ كالذي ينشأ زمن الخروج الجماعي للشارع، ولنا أن نذكر صوراً جميلة عديدة في مظاهرات تونس في يناير/ كانون الثاني 2011، أو من ميدان التحرير في القاهرة. فهل توجد مناسبات أخرى غير هذه الهبّات الشعبية كي يَظهر الجانب الجميل من البلاد العربية؟
حين نعود إلى محتوى صورة الفتاة الجزائرية، ربما نتساءل: كيف صار ممكناً لهذا المشهد أن يتجسّد؟ هل لنا أن نتخيّله من دون انخراط المواطنين في الشارع مجدّداً؟ هل هي ممكنة في ظل انسحابهم، وترك الفضاء العام تحت قبضة السلطات؛ السياسية والذكورية وغيرهما؟
نكاد ننسى أن الجزائر بالذات هي بلد الرهان الرسمي على عدم الخروج للشارع بالتخويف المستمر من مآلات بلدان "الربيع العربي"، أو عبر تنشيط ذاكرة "العشرية السوداء". تلك توقعات النظام التي سهر على بثّها وتأخير خروج الجزائريين، وهو ما بدا استقالة من الشأن العام تريح السلطة والشعب من "عناء" التصادم.
كان لا بدّ من قطع هذه الاستقالة لتوفير إطار تولد فيه صورة جديدة للجزائر. أفلا ننتبه إلى أن صورة الفتاة التي ترقص في الشارع إنما هي نقيض الصورة "الرسمية" عن الجزائر منذ سنوات: الرئيس في مقعده المتحرّك. فأيّهما الجزائر؟