أوروبا واستعادة الدور المفقود في الصراع العربي الإسرائيلي

18 ديسمبر 2014
شهدت أوروبا هذا العام تظاهرات منددة بإسرائيل(بيار أندريو/فرانس برس)
+ الخط -

يأتي قرار محكمة العدل الأوروبية، في لوكسمبورغ، أمس الأربعاء، بشطب حركة "حماس" من قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، منسجماً مع جملة تحركات شهدتها الساحة الأوروبية، وكلها تؤشر الى أن أوروبا – ربما – قررت العودة الى أداء دور مؤثر في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، بعد أن أخلت الساحة لسنوات للولايات المتحدة التي فشلت في التوصل الى تسوية أو حتى إعادة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الى طاولة المفاوضات.

العودة الأوروبية إلى الملف الفلسطيني الاسرائيلي تمثلت أولاً بحملة الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، والتي بدأت من السويد مروراً ببريطانيا ثم إيرلندا واسبانيا وفرنسا. وهي الاعترافات البرلمانية، التي على الرغم من كونها رمزية، فإنها تدلّ على أن أوروبا شرعت في ممارسة ضغط دبلوماسي على إسرائيل التي أدارت ظهرها للمجتمع الدولي طيلة السنوات الماضية، وتجاهلت النداءات الأوروبية التي طالبتها بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. ولم تكن إسرائيل راضية عن حملة الاعترافات الأوروبية، ولطالما هاجمت البرلمانات التي صوتت لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ووصفت الخطوات الأوروبية بغير المساعدة في دفع جهود السلام الى الامام.

أما المؤشر الآخر على عودة أوروبا إلى المشاركة في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعدم الاكتفاء بالرهان على الدور الأميركي، فقد ترجم بالمبادرة الفرنسية (البريطانية – الألمانية) التي تمثلت بصياغة مشروع قرار يقدم الى مجلس الأمن الدولي حول انهاء الاحتلال.

التدخل الفرنسي لم يلق رضا حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية التي ترفض أي قرار يضع سقفاً زمنياً للمفاوضات، وينص على أن تتوج المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967. كما أنّ إسرائيل، لطالما دأبت منذ مؤتمر مدريد في العام 1991، على اقصاء أوروبا عن ملف الصراع العربي الإسرائيلي. وكانت تفضّل دوماً أن تؤدي الولايات المتحدة منفردة دور الوسيط في المفاوضات مع الفلسطينيين. وإسرائيل التي ترفض اليوم المبادرة الفرنسية للتوصل إلى اتفاق تسوية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية خلال عامين، سبق أن رفضت مبادرة فرنسية في العام 2001/2002 عندما كانت الدبابات الإسرائيلية تجتاح المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

واليوم تتوج أوروبا عودتها لأداء دور فاعل في المنطقة بإعلان محكمة العدل الأوروبية، شطب حركة حماس من قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، وهو الأمر الذي قالت مصادر أوروبية إنه يأتي بناء على شعور لدى صناع القرار في القارة الأوروبية بالحاجة إلى الحديث المباشر مع حركة "حماس". علماً بأن القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي في العام 2003 والخاص بوضع الجناح العسكري لحركة "حماس" على قائمة المنظمات الإرهابية، لم يلق تأييد كامل الدول الأوروبية آنذاك، فقد رفضت فرنسا وبلجيكا حظر الجناح السياسي لـ"حماس" وقالتا إنه يمكن أن يقوم بدور في عملية السلام بالشرق الأوسط، كما تحفظت اليونان على القرار.

كذلك كان موقف السويد التي دعت على الدوام إلى ضرورة أن يضغط الاتحاد الأوروبي على الولايات المتحدة لإعادة تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط.

وسيفتح القرار الأوروبي اليوم صفحة أخرى في المواجهة الأوروبية الإسرائيلية، وربما يؤدي الملف الى صدام أوروبي أميركي، لأن واشنطن التي انفردت بملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية لن تلزم الصمت إزاء الخطوات الأوروبية المتعاقبة. كذلك ربما تجد أوروبا نفسها في مواجهة مع أطراف فلسطينية وعربية لا ترغب في أي دور لحركة "حماس" في المرحلة المقبلة.

دلالات
المساهمون