ودعا توسك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى "مضاعفة جهودها التضامنية" مع دول الصف الأول في مواجهة أزمة الهجرة عبر توزيع استقبال "مئة ألف لاجئ على الأقل".
ويبدو أن "الحصص الإلزامية" (توزيع كوتا اللاجئين بين الدول المضيفة)، هي التي تُشكّل الخلاف الأكبر بين الدول الأوروبية، ففي حين قالت دول كبولندا إنها مستعدة لمناقشة دورها في تقديم المساعدة لكنها لا تريد التقيّد بحصص محددة، اتفقت ألمانيا وفرنسا على مبدأ تحديد "حصص إلزامية" لاستقبال المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي، كما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس.
في المقابل، أعلن رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، أمس، أن بلاده ستكون لديها بحلول 15 سبتمبر/ أيلول الحالي حزمة قواعد لمواجهة تدفّق المهاجرين من بينها إقامة الحواجز. وقال أوربان بعد اجتماع مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز في بروكسل: "نحن المجريين يعترينا الخوف. الناس في أوروبا يملأهم الخوف لأنهم يرون الزعماء الأوروبيين ومن بينهم رؤساء الوزراء عاجزين عن السيطرة على الوضع". وأضاف أوربان: "نعد حالياً في البرلمان المجري حزمة قواعد جديدة ونقيم الحواجز، وكل هذا يمكن أن يخلق وضعاً جديداً في المجر وأوروبا اعتباراً من 15 سبتمبر. أمامنا الآن أسبوع واحدة من الوقت للتحضير".
وكان لقرار المجر السماح للاجئين بالعبور إلى النمسا من دون تسجيلهم متخطية اتفاقية دبلن، نتائجه السلبية، إضافة إلى عدم قيام النمسا بدورها لجهة عمليات التدقيق والتفتيش المطلوبة للتأكد من المستندات وللحفاظ على أمن القطارات، بحسب ما أكده العديد من المسافرين، وهو الأمر الذي لقي انتقادات من قِبل السلطات الرسمية والأمنية الألمانية. وقابله أيضاً رد مجري وجّه اتهاماً لألمانيا بأنها تتجاهل قواعد دولية في مسألة اللجوء، وهذا ما رفضته ميركل، قائلة "علينا ألا نتهم بعضنا إنما أن نغيّر شيئاً".
وكانت وسائل الإعلام تحدثت عن اتصالات أجريت على أعلى المستويات وعبر وزارات الداخلية في كل من النمسا وألمانيا والمجر، من أجل وقف هذا المد البشري والقيام بأدنى الإجراءات المطلوبة والمعمول بها وفقاً لاتفاقية دبلن.
اقرأ أيضاً: تباعد وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي والمجر حول اللاجئين
في المقابل، تعمل المجر على الحد من وصول اللاجئين إليها عبر طرق دول البلقان، وذلك من خلال إنشاء جدار جديد على حدودها الغربية مع مقدونيا. وتشير التقارير إلى أن باقي الدول المجاورة في حالة تأهّب، ومنها بلغاريا، التي أقدمت على نشر المئات من جنودها على الحدود بين البلدين. ولا يُستبعد أن تُقدِم رومانيا على مثل هذه الإجراءات، على الرغم من أنه لم تصلها سوى أعداد قليلة من اللاجئين.
وأمام كل هذه الإجراءات في وجه اللاجئين الهاربين من الموت في بلادهم، من المتوقع أن تتبدّل وجهة اللاجئين إلى جنوب شرق أوروبا. وتشير توقعات إلى أن كرواتيا ستكون الوجهة البديلة للمهاجرين في حال تشديد الإجراءات عبر الحدود الصربية ــ المجرية. كذلك إذا ما ضاقت السبل بهم، ستكون سلوفاكيا وجهة محتملة أيضاً، وذلك عبر الحدود مع أوكرانيا، وهذا ما سيكون محل متابعة من قبل السلطات الرسمية لتلك الدول خلال الاجتماع المزمع انعقاده خلال الأسبوع المقبل بين رؤساء وزراء تلك الدول، إضافة إلى كل من المجر وبولندا، في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو.
في غضون ذلك، يستمر تجمّع آلاف المهاجرين في الساحة الخارجية لمحطة القطارات الرئيسية في بودابست، وهم يقضون لياليهم في العراء ووسط إجراءات أمنية مشددة من قِبل الشرطة المجرية وحضور لافت لعناصر مكافحة الشغب.
واقتحم مئات المهاجرين، أمس الخميس، محطة القطارات الرئيسية في بودابست فور إعادة فتحها من قبل الشرطة، لكن مغادرة القطارات المتوجهة الى أوروبا الغربية لا تزال معلّقة. وأعيد فتح المدخل الرئيسي صباح أمس في بودابست، حيث تدفق عدد كبير من المهاجرين من أصل ألفين عالقين منذ الثلاثاء في العاصمة المجرية، على قطار متوقف.
إلا أن إعلاناً عبر مكبرات الصوت أفاد بأن أي قطار دولي لن يغادر محطة كيليتي "لفترة غير محددة". وأعلنت مصلحة السكك الحديد المجرية في بيان أنه "من أجل سلامة النقل عبر السكك الحديد، قررت الشركة أن الخطوط المباشرة بين بودابست وأوروبا الغربية لن تكون قيد الخدمة حتى إشعار آخر".
في موازاة ذلك، يستمر تقديم المساعدة والدعم للوافدين إلى محطة القطارات الرئيسية في ميونخ، بعد أن حضر المئات من المتطوعين وبمبادرة عفوية لاستقبالهم، وقدّموا لهم المساعدات العينية والطعام والحلوى والألعاب للأطفال، وهذا ما دفع بمسؤولي الشرطة للطلب إلى المتطوعين عدم تقديم المزيد في هذا المكان، لأن التقديمات فاقت التوقعات، إنما التوجه بها إلى مراكز الإيواء.
وبالتزامن مع وصول اللاجئين، أُعدّت قاعة بالقرب من المحطة لاستقبالهم، وكان تواجد لافت للعديد من الجمعيات الأهلية والصليب الأحمر الألماني وجمعية كاريتاس، إضافة إلى العيادات الطيبة النقالة المجهزة بأحدث التقنيات والكوادر الطبية من أجل تقديم الإسعافات الأولية. وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة في ولاية بافاريا، أنه يتم التواصل مع بعض المدن والولايات من أجل استيعاب أعداد من اللاجئين بعدما دخل ميونخ أكثر من 1500 لاجئ في يوم واحد، في حين تستعد بافاريا لاستقبال المزيد من اللاجئين خلال الأيام المقبلة.
اقرأ أيضاً: أكثر من مئة ألف طالب لجوء دخلوا ألمانيا بأغسطس