وحذّر أوبراين، خلال إحاطته الشهرية حول الوضع الإنساني في سورية أمام مجلس الأمن الدولي بنيويورك، من تفاقم الأوضاع في سورية وحلب، قائلاً إنّ "العنف والدمار أصبحا مشهداً طبيعياً للسوريين".
وأضاف أنّ "الأمم المتحدة لم تقدم المساعدات الإنسانية منذ أربعة أشهر في مناطق عديدة من سورية"، مؤكّداً أنّه "لا يوجد عندي ما هو إيجابي لتقديمه حول تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالوضع الإنساني والمساعدات".
وأشار إلى أنّ "الأمم المتحدة تمنع من الدخول ومن تقديم المساعدات في مناطق عديدة من البلاد، ولا يوجد أي حل عسكري للوضع والحل الوحيد سياسي"، معتبراً أنّ "الوضع في حلب أصبح أكثر سوءاً، منذ تقديمه إحاطته الأخيرة قبل شهر".
وذكر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أنّ "مناطق شرقي حلب تتعرض لغارات روسية وسورية مكثّفة منذ الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري"، مؤكّداً أنّ "الظروف الإنسانية في حلب أكثر من كارثة".
وعن وضع مستشفيات حلب، أشار أوبراين إلى "توقف جميع المستشفيات في مناطق شرقي حلب، فضلاً عن وجود نقص حاد بالعقاقير الطبية وغليان في الأسعار، إضافة إلى وجود استياء شديد لدى الناس بسبب الفساد واستغلال الوضع".
وحول معاناة المدنيين، أكّد على تكرار تعرض القوافل الإنسانية لرصاص القناصة، لافتاً إلى أنّ "الحكومة وروسيا أعلنتا عن معابر آمنة للمدنيين، لكن تلك المعابر غير آمنة أو يراها البعض كذلك".
وقال إن "ما نشهده في حلب أكثر من مجرد عودة الاقتتال"، طالباً من جميع الجهات ذات النفوذ المساعدة على وقف المجازر التي ترتكب في حلب.
وأعرب عن قلقه الشديد على حياة هؤلاء الذين يعيشون بالمناطق المحاصرة والمعرضون للقتل عن طريق التجويع الذي أذهل العالم، ولكن الوضع يسوء، مبيّناً أنّ "الذين يحتاجون إلى مساعدات طبية يمنعون من المغادرة، وعدد المحاصرين يزداد إذ إنّ هناك تضاعفاً في عددهم ويصل إلى قرابة المليون شخص".
وشدد أوبراين على أنّه "تتم محاصرة الناس وتجويعهم من أجل أن يخضعوا"، قائلاً إنّ "أغلب تلك المناطق محاصرة من قبل النظام، وما يحدث في سورية يرقى بعضه إلى جرائم حرب وإلى جرائم ضد الإنسانية".
وتابع أنّه "منذ تبنى مجلس الأمن قراراً حول تقديم المساعدات الإنسانية والطبية، تم تنفيذ أكثر من 130 هجمة على مواقع طبية"، لافتاً إلى أنّ "الأمم المتحدة تمكّنت وعلى الرغم من العنف من الوصول إلى العديد من المناطق وتقديم المساعدات وبشكل شهري لحوالى 9 ملايين سوري".
بدورها، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية، إيزابيل هوف، التي قدمت من دمشق إحاطتها عبر الفيديو، قالت إنّ "هناك أكثر من 300 ألف شخص لقوا حتفهم في سورية منذ اندلاع الأحداث، وإنّ حوالى خمسة ملايين شخص غادروا سورية، وإنّ ستة ملايين شخص نزحوا داخل سورية، و5 ملايين يقيمون في مناطق محاصرة ومناطق يصعب الوصول إليها".
وأكّدت هوف كذلك أنّ "ثلثي العاملين في الحقل الطبي غادروا البلاد، كما أنّ نسبة خطر انتشار الأمراض المختلفة عالية، وأنّ النساء الحوامل لا يمكنهن تلقي خدمات الإنجاب على نطاق واسع".
وأضافت أنّ "الاستهداف المباشر للمرافق الصحية من أبشع الانتهاكات وتشكل خرقاً ليس فقط للحقوق والقوانين بل لإنسانيتنا الجماعية"، معتبرةً أنّ "النداءات المتكررة لحماية الرعاية الصحية لا تلقى رداً، وهناك تحديات عديدة وبشكل يومي ومن بينها الصعوبات في الوصول للمناطق المحاصرة".
وشددت على أنّ "الحكومة السورية تمتنع باستمرار عن الموافقة على إيصال الإمدادات والأجهزة الطبية، وخاصةً الإمدادات الجراحية ومنتجات الدم لتلك المواقع"، منوهةً إلى أنّ "بيئة العمل الطبي وصلت إلى درجة من الخطورة بحيث حد العديد من أنشطتهم، وحلب هي الوجه الواضح لمعاناة سورية".
وذكرت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية أنّ "حوالى ربع مليون نسمة يعيشون في حلب الشرقية، وأنّ جميع المستشفيات دمرت بشكل كامل أو تعمل بشكل بدائي"، مشيرةً إلى "تعرض حلب الغربية كذلك إلى القصف العشوائي وعن مقتل عشرات الأطفال"، مبيّنةً أنّ "منظمة الصحة العالمية تمكنت من تقديم العلاج والمساعدة الصحية، لأكثر من 9 ملايين نسمة في جميع أنحاء سورية".
كما عقبت سفيرة الولايات المتحدة للأمم المتحدة، سامنثا باور، بعد الإحاطة قائلةً إنّها "تبين ما يحدث عندما يستمر النزاع، ويواصل النظام السوري وروسيا هذا القصف الوحشي من الجو".
وتابعت باور أنّ "289 لقوا حتفهم على الأقل منذ يوم الثلاثاء"، معتبرةً أنّه "سنسمع لاحقاً من النظام السوري وروسيا، وستكون الرواية مختلفة وستتحدث روسيا عن المهلة الأحادية للقصف على حلب الشرقية على أنها بادرة إنسانية، ولكن واقع الأمر أنّ النظام وموسكو يواصلان استراتيجية التجويع أو الاستسلام أو الموت".
وأضافت أنّ "هناك 275 ألف مدني في حلب الشرقية، حيث يعذب النظام السوري وروسيا كل من يقع تحت سلطتهم"، متسائلةً "كيف يمكن الثقة بالنظام أو روسيا وهم عندما يتوقفون عن القصف يصفون ذلك بأنها بخطوات أحادية دون تنسيق مع الأمم المتحدة؟".
وقالت إنّ "السلاح الجوي أسقط منشورات على حلب الشرقية مفادها إما المغادرة أو الموت"، مؤكّدة أنّه "من الضروري الحديث وبالتفصيل عن الأطراف المسؤولة عن الفظائع المرتكبة بسورية، وكذلك إدانة ما يقوم به كل من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة (فتح الشام حالياً)، ولكن يجب قول الحقيقة عن أفعال النظام السوري والاتحاد الروسي".
وحددت باور بعض الأسماء لمن شاركوا بقتل المدنيين من خلال هجمات برية وجوية ضد المدن والأحياء المدنية، مشددةً على أنّ الولايات المتحدة لن تسمح أن يختبئ هؤلاء وراء نظام الرئيس بشار الأسد، ومن بينهم اللواء أديب سليمان، اللواء عدنان عبود، واللواء العميد سهيل حسن.
وناشدت بوقف الاتحاد الروسي وسورية هجماتهما وتوعدت بمحاسبة المسؤولين يوماً ما، عمّا يحدث في سورية وطالبت بوقف التعذيب والعنف الجنسي في السجون السورية.
ومن جهته، وجّه نائب ممثل روسيا للأمم المتحدة الانتقادات للدول الغربية قائلاً إنّ "روسيا تقدم المساعدات الإنسانية للسوريين، وتبحث سبلاً لتهدئة الأوضاع في شرق حلب التي تسيطر عليها جبهة النصرة".
وقال إنّه "في تقارير الأمم المتحدة يشار إلى تزايد في عدد المحاصرين، وإنّ سبب ذلك هي الجماعات المسلحة"، نافياً أن تقوم بلاده بـ"أية غارات جوية في منطقة حلب حالياً".
وغادر كل من سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا القاعة عندما بدأ ممثل النظام السوري للأمم المتحدة، بشار الجعفري، بتقديم تعليقه. يذكر أنّ ممثلي الدول الثلاث يعكفون على مغادرة قاعة مجلس الأمن في الأشهر الأخيرة، حالماً يأخذ ممثل النظام السوري الكلمة للحديث.