ويشير الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز"، بيتر بايكر، إلى أن آخر لقاء بين أوباما ونتنياهو، في سبتمبر/أيلول الماضي، كشف عن العلاقة السيئة بينهما، إذ كانت هناك ابتسامات مصطنعة ونكات عن لعب الغولف بعد التقاعد. وكان التناقض سيد الموقف بين الرئيس الليبرالي ورئيس الحكومة المحافظ، إن كان بشأن السلام والأمن وحقوق الإنسان، ومعنى الصداقة الدولية. وكشف قرار أوباما عدم استخدام حق النقض ضد مشروع القرار الدولي عن حجم التوتر بين الرجلين، والذي بدأ بعد فترة قصيرة من تسلم أوباما الرئاسة في عام 2009. ويعتبر نتنياهو أن الرئيس الأميركي، والذي كان يفترض أن يكون حليفاً، خانه. وبالنسبة إلى أوباما، فإنها النتيجة الحتمية لعناد نتنياهو وسياساته.
وشن مسؤول إسرائيلي، في بيان صدر الجمعة، هجوماً بالاسم على أوباما ووزير الخارجية الأميركي، جون كيري. وقال "الرئيس أوباما ووزير الخارجية كيري يقفان خلف هذا التحرك المشين ضد إسرائيل في الأمم المتحدة". وأضاف أن "الإدارة الأميركية دبرت سراً مع الفلسطينيين، ومن خلف ظهر إسرائيل، قراراً متطرفاً معادياً لإسرائيل، سيفيد الإرهاب وحركة المقاطعة، ويؤثر في شكل فاعل على جعل الحائط الغربي (حائط البراق) جزءاً من الأراضي الفلسطينية". وسارع البيت الأبيض إلى الرد، نافياً أن يكون هو من يقف خلف القرار، لكنه دافع عن قرار عدم استخدام حق النقض، في إطار المعارضة الأميركية الطويلة للاستيطان الذي يعد عقبة بوجه السلام مع الفلسطينيين. وقال بن رودس، أحد المستشارين المقربين من أوباما، إن "رئيس الوزراء نتنياهو كان يمكنه اتباع سياسات قد تفضي إلى نتيجة أخرى". وأضاف "حدوث ذلك في نهاية ولايتنا، والتي استمرت ثمانية أعوام، يدل على أنه لم يكن التطور الذي كنا نفضله"، مؤكداً أنه "لو كان هذا هو النتيجة التي نسعى إليها لكنا حصلنا عليها منذ فترة طويلة".
وجاء التصادم بين أوباما ونتنياهو، والذي يأتي قبل أقل من شهر من مغادرة الرئيس الأميركي البيت الأبيض، كحصيلة للعلاقة المتوترة بين الطرفين منذ ثمانية أعوام. وجاء أوباما إلى البيت الأبيض وهو على ثقة من أنه سيكون الرئيس الذي سيحل الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل. ووصمت علاقة الطرفين بنزاع إثر الآخر، وهي انعكاس ليس فقط للاختلافات الشخصية بينهما، ولكن لسياسة كل بلد أيضاً. ويطالب أوباما إسرائيل بتعليق عمليات الاستيطان الجديدة للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين. وأوباما، الذي جهد لترك بصمة في الشرق الأوسط، غاضب من اقتراح نتنياهو تشريع مستوطنة عمونا. واعتبر منتقدو نتنياهو في إسرائيل أن محاولة شرعنة عمونا ومستوطنات أخرى تقف خلف قرار أوباما التخلي عن الحكومة الإسرائيلية، وهو ما رفضه مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية.
وكسر الاتفاق النووي مع إيران، والذي كان أوباما العقل المدبر له، آخر إمكانية للتقارب بين الرجلين. في البداية، لم يعلم أوباما الإسرائيليين بالمفاوضات، فيما حاول نتنياهو، بعد انكشاف الموضوع، وقفها عبر سفره إلى واشنطن والتحدث أمام الكونغرس، لكنه فشل في ذلك. وحاول الطرفان وضع الخلافات خلفهما الخريف الماضي، عبر الاتفاق على مساعدات عسكرية، بينها طائرات "إف 35"، لإسرائيل، بقيمة 38 مليار دولار لمدة 10 سنوات، لكن هذا لم يحصل، إذ انتقد مسؤولون إسرائيليون نتنياهو، معتبرين أن إسرائيل يجب أن تحصل على 45 مليار دولار، لكن خطابه أمام الكونغرس أدى إلى خفضها، فيما أكد مسؤولون أميركيون أن الحزمة لا يمكن أن تصل إلى هذا المبلغ.
(العربي الجديد)