أهل الحكم فوق القانون

29 ابريل 2015
+ الخط -
في دولة القانون والمؤسسات، القانون فوق الجميع، فوق الحاكم وعائلته وحاشيته وقبيلته، ودور موظفي مؤسسات الدولة، المسؤول الكبير والصغير، هو العمل بما فيه خدمة للشعب، حيث إن الحاكم والمسؤول موظف يتسلم راتباً، مبلغاً، نتيجة العمل والجهد الذي يقوم به بشكل صحيح، وعند حدوث أي تقصير يجب محاسبته وتجريمه، لأنه يأخذ ما لا يستحقه، فالمنصب مسؤولية وتكليف لخدمة الشعب، وليس لكي يتحول المسؤول إلى مستبد فوق القانون ويستغل ويهين الشعب.

تأدية الموظف عمله من دون تقصير هذا أمر طبيعي، لكي لا يتعرض للمساءلة القانونية. ولكن؛ عندما يتحول المسؤول، وخصوصاً ابن العائلة الحاكمة الذي يتسلم مخصصات مالية عالية جدّاً ومنحاً كبيرة، لا يعلم بها بقية المواطنين، إلى بطل قومي ورمز للوطن، وتمجده الصحف الرسمية، ويجبر بعض المواطنين للخروج على وسائل الإعلام لتقديم الشكر والمديح والثناء للمسؤول على قيامه بعمل من صلب وظيفته، لمعالجة مشكلة السلطة، والمسؤولون سبب في وجودها، مثل الاستجابة للنداءات والضغوط الداخلية والخارجية بالتحقيق ومحاسبة من يعتدي على حقوق المواطنين؛ فهذا دليل على وجود مشكلة وأزمة وطن ومواطنة، من خلال غياب دولة القانون والمؤسسات، وغياب فصل السلطات وعدم تحديد صلاحيات كل سلطة، وتحديد حقوق وواجبات المواطن في قوانين واضحة، مثل قانون محاسبة وتجريم المعتدي والمفسد، إذ ينبغي أن يكون قانون التجريم موجوداً من ضمن بنود الدستور الغائب، والواقع يؤكد أن الدولة المؤسساتية لا وجود لها، وأن المتحكم فيها هو المسؤول من أبناء العائلة الحاكمة، أي أن الدولة خاضعة لمزاج العائلة الحاكمة لا القانون.
من المؤسف جدّاً أن يتغاضى مواطنون، من خلال موقف مسؤول، أمر بالتحقيق مع مواطن يدعو إلى قتل المواطنين، نتيجة الضغوط ومطالبة المواطنين بمحاسبة المعتدي، عن أخطاء  السلطة وتقصيرها في عدم تشييد دولة القانون والمؤسسات، وعدم مشاركة المواطن في اختيار نظام الحكم (الدستور) وفي الحكم، وعدم وجود مجلس تشريعي، يملك الصلاحية لمحاسبة المسؤولين، وغياب قانون لتجريم الاعتداء على الآخرين، وإثارة النعرات الطائفية، بالإضافة إلى انتشار الفساد واستغلال السلطة من جانب بعض المسؤولين من أبناء العائلة الحاكمة، وليتحول موقف ذلك المسؤول مناسبة لمدح السلطة الحاكمة، وجعلها فوق القانون.
تعتمد دولة القانون والمؤسسسات على دستور يمثل إرادة الشعب، ويحدد شكل الدولة، ويكون القانون فوق الجميع، ولكن، عندما لا يوجد ذلك، من خلال سيطرة حاكم على كل شيء، العباد والبلاد وما على الأرض وما تحتها، وكل السلطات في خدمة الحاكم، توزع الثروة الوطنية الهائلة لمن تريد، وتجوع وتعتقل من لا يعجبها من المواطنين، وتمنح ملايين الأمتار من الأراضي لأفرادها، ولمن ترغب، طلباتها تنفذ، أوامرها مطاعة تحت بند حسب أوامر وطلب الزعيم.

avata
avata
علي آل غراش (العراق)
علي آل غراش (العراق)