أهالي رفح يبحثون عن مكان لهم في البرلمان المصري

12 سبتمبر 2020
أتت حملة الجيش المصري على كامل رفح (عبد الرحيم خطيب/الأناضول)
+ الخط -

بعدما تمكنت آلة الحرب التابعة للجيش المصري من إزالة مدينة رفح عن الوجود، وتحويلها إلى كومة ضخمة من الركام والأراضي الفارغة من الحجر والبشر والحيوان، يعمد النظام المصري إلى شطب اسم مدينة رفح من كل ما يمكن أن يخلد هذه المدينة، على الرغم من أهميتها كخط دفاع أول عن البوابة الشرقية لمصر، بحكم مجاورتها للحدود مع الاحتلال الإسرائيلي. وانتهى الأمر بالنظام إلى عدم تلبية رغبة سكانها بمقعد في مجلس النواب، ومن قبله مجلس الشيوخ الذي أجريت انتخاباته أخيراً.
وقال أبو أحمد المنيعي، أحد مشايخ مدينة رفح لـ"العربي الجديد"، إن الأهالي المهجرين باتوا يبحثون عن خطوات من شأنها تشكيل حراك حقيقي ضاغط على النظام المصري، بهدف الحصول على مقعد في مجلس النواب، كبوابة لطرح قضايا المدينة على سلم أولويات المجلس، كبقية مدن محافظة شمال سيناء. وأضاف أن قضايا مدينة رفح، والتي تعد أكثر المدن المصرية تضرراً من الإرهاب، وسياسات النظام، على مدار السنوات الماضية، مغيبة تماماً عن مجلس النواب، وكذلك الحكومة المصرية، وكل ما يجري الحديث عنه في الإعلام مجرد حبر على ورق، لا قيمة له على أرض الواقع، حيث إن ما تقوم به الدولة على أرض رفح، وما يجاورها من مناطق، يخالف كل الحديث عن التنمية أو الإعمار في سيناء.

قضايا رفح مغيبة تماماً عن مجلس النواب والحكومة المصرية

وأكد المنيعي أن تهجير سكان مدينة بأكملها، جريمة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، وكذلك التعويض الهزيل للسكان كجزء آخر من الأزمة، وإيقاف العمل في مدينة رفح الجديدة، كل هذه المؤشرات تؤكد أن أجهزة النظام المصري تسعى إلى شطب تاريخ مدينة رفح بالكامل، وجعلها شيئاً من الماضي. وأوضح أن لدى سكان المدينة رغبة بالعودة لأراضيهم وبناء منازلهم من جديد، بعد زوال السبب الذي هُدمت المنازل من أجله، وهو الإرهاب، في ظل أن هجمات تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، لم تتوقف في مدينة رفح لشهر واحد، رغم إزالة مساكنها عن الوجود. وأشار إلى أن شماعة الإرهاب في جريمة هدم منازل رفح، وتهجير سكانها إلى المجهول، أضحت كذبة، وبالتالي نحن نحتاج لمن يعلي هذا الحديث في أروقة النظام المصري بدءًا من مجلس النواب، مروراً بالحكومة، علّها تجد أذاناً صاغية.

وتسود التوقعات في أوساط النشطاء بعدم إمكانية تحقيق الهدف المنشود لهم، في ظل وجود معارضة في الأجهزة السيادية لتشكيل أي مجموعة سياسية تواجه القرارات الصادرة بحق محافظة شمال سيناء، خصوصاً مدينة رفح، وكذلك وجود مشايخ ونواب ومسؤولين حكوميين منتفعين من عدم وجود تمثيل لمدينة رفح في الأروقة السياسية، وترشيح أي أسماء قد يهدد وجودها في واجهة العمل الحكومي في المحافظة كمرحلة لاحقة. إلا أن الرغبة لدى النشطاء والمشايخ لا تزال قائمة بضرورة البحث عن القواسم المشتركة بين الأهالي والنشطاء جميعاً، بما يحقق الهدف من هذا النشاط السياسي.

بات من الضروري على سكان رفح المهجرين الاتحاد خلف المطالب الجديدة

وفي الإجراءات العملية في هذا الاتجاه، قال أحد النشطاء السياسيين السابقين في رفح قبل تهجيره، لـ"العربي الجديد"، إنه يجري تشكيل مجموعات عمل للضغط على كل المسؤولين في المرحلة المقبلة، لترشيح عدد من وجهاء المدينة للحصول على مقعد في مجلس النواب، في الانتخابات المقبلة. وأوضح أن هذا الأمر سيبقي كلمة رفح تُذكر في الإعلام وأروقة السياسة المصرية، في ظل مساعي الكثيرين إلى تغييبها عن المشهد كما غيبت منازلها عن وجه الأرض، وهذا ما لن يتم القبول به. واعتبر أنه بات من الضروري على كافة سكان رفح المهجرين، سواء داخل سيناء أو خارجها، الاتحاد خلف المطالب الجديدة، على أمل تعويضها بجزء عن الدمار المادي والمعنوي والتاريخي الذي لحق ببوابة مصر الشرقية.
وأضاف الناشط السياسي، الذي رفض الكشف عن هويته لتواجده في سيناء، أنه جرى تشكيل مجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعقد لقاءات عبر الإنترنت، بهدف جمع الأفكار والنشاطات التي يمكن القيام بها في سبيل تحقيق الهدف المنشود، بوصول أحد سكان مدينة رفح إلى مقعد مجلس النواب، ومناقشة كافة المعوقات التي تقف في وجه هذه الأمنية. كما يجري البحث عن شركاء في السياسة المصرية ممن يقفون إلى جوار حق رفح في التعبير عن آرائها ونيل حقوقها، ورفع الظلم عن سكانها، في ظل ملاحقتهم، حتى بعد تهجيرهم من أرضهم، وهدم منازلهم المؤقتة التي بنيت في بعض المناطق، كمحافظة الإسماعيلية مثلاً، وكذلك تعويضهم مادياً ومعنوياً عن الضرر اللاحق بهم، وهذا الأمر لن يتأتى إلا بوحدة الصف بين أبناء المدينة، خلال المرحلة المقبلة.
يشار إلى أن الجيش المصري بدأ بحملة عسكرية كبيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2014 تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة على الحدود بين محافظة شمال سيناء وقطاع غزة. وجرى في المرحلة الأولى إزالة المنازل والمزارع في مساحة 500 متر، ومن ثم تمددت هذه المنطقة العازلة حتى أتت على رفح بالكامل، التي باتت مدينة أشباح منذ أكثر من عامين، مع بدء العملية العسكرية الشاملة في فبراير/شباط 2018، في أعقاب هجوم مسجد الروضة في مدينة بئر العبد. وقد تم استغلال الهجوم لإزالة الأحياء والقرى، فيما توقفت خدمات الإنترنت والاتصالات والكهرباء والماء عن المدينة منذ 2014، لإجبار المواطنين على تركها، بضغط من الجيش المصري الذي كان مُكلفاً بإتمام المهمة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.

المساهمون