وفي السياق، يقول أبو زياد عيد، إنّه قضى وقتاً في البحث عن دواء الضغط، الذي عليه تناوله بشكل يومي، وتردد على خمس صيدليات دون جدوى، ويوضح لـ"العربي الجديد": "منذ نحو شهر، بدأت أسعار الأدوية ترتفع بشكل يومي، في الوقت الذي يشهد فيه وضعنا المادي تدهوراً كبيراً، فغالبية الأعمال توقفت، وحتى المبلغ الذي كان يرسله لنا ابني بشكل شهري أصبح عبئاً عليه، وهذا الشهر اعتذر عن إرساله لأنه توقف عن العمل".
ويضيف "يبدو أنه كتب علينا أن نموت إما ببرميل متفجر أو من الجوع أو من المرض جراء نقص الدواء"، لافتاً إلى أن "هناك من يستغل هذا النقص فيطلب أسعاراً خيالية لتأمين الأدوية".
ويعاني الأهالي من أزمة نقص الدواء وغلاء الأسعار، وتستقبل الصيدليات يومياً العديد من الباحثين عن أدوية مفقودة، بحسب الدكتور الصيدلي خالد اليماني، في مدينة إدلب، مبيناً أنه "يكفي التواجد لمدة خمس دقائق في الصيدلية حتى تشهد 10 حالات منها من يطلب دواء مفقوداً ومنها من يعجز عن دفع ثمنه إن توفر".
ويلفت إلى أنّ "الدواء في بداية العام الحالي كان متوفراً، لكن بعد أن سيطر النظام على معامل الأدوية بريف حلب، فقدت بعض الأنواع، فأصبحت تلك الأدوية تصل إلينا عبر طرق التهريب، في الوقت نفسه الذي تراجعت فيه قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وهذا انعكس عبر رفع تكاليف الدواء، فارتفع سعر الدواء السوري ما بين 52 إلى 100%، أما الأدوية المستوردة فقد ارتفعت بنسب أكبر".
ويذكر أن "هناك أصنافاً من الأدوية أخذت تنقطع تدريجياً منها المتعلقة بالضغط والمضادات الحيوية والخاصة بمرضى السكري، واليوم بدأنا نفقد الفيتامينات، ولا يوجد أي مؤشر أو معلومات إلى متى يمكن أن تستمر".
ويبين أن "أسعار الأدوية لا تتناسب مع واقع الأهالي الاقتصادي، لارتفاعها بشكل متزايد، ولا خيارات أمامهم فإما أن ينقطع الدواء أو أن يسعر بحسب سعر صرف الدولار (وصل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد إلى 2200 ليرة سورية).
بدوره، يقول مسؤول الرقابة الدوائية الدكتور مصطفى دغيم، لـ "العربي الجديد"، إن "غلاء الدواء غير مضبوط حالياً، ولكننا في مديرية صحة إدلب ونقابة صيادلة وبالتعاون مع جميع مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات، نعقد ورشاً خاصة لأجل وضع تسعيرة تتناسب مع وضعنا المعيشي بالمناطق المحررة، وإن شاء الله الجهود مستمرة وسنتوصل إلى صيغة تكون مرضية للجميع قريباً جداً".
ويضيف أن أسباب غلاء الدواء معروفة، قائلاً "هي انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، خاصة أن معظم حاجتنا من الأدوية هي من المصنعة وطنياً والآتية من النظام، والقسم الثاني مستورد من دول أخرى".
يشار إلى أن الواقع الصحي في إدلب وريفها يشهد تردياً كبيراً، في ظل خروج عشرات المنشآت الطبية عن الخدمة، جراء استهدافها من قبل القوات النظامية والروسية، إضافة إلى تراجع الدعم، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان.