أنقذوا الإسكندرية من "فضة المعداوي"

23 فبراير 2014
+ الخط -

126 مبنى أثرياً معرّضاً للهدم في الإسكندرية وحدها

حملات أهلية لإنقاذ التراث المعماري المصري من الهدم

يبدو أن نموذج "فضة المعداوي" لا يفنى ولا يُستحدث من العدم، هذه الشخصية التي قدمها الروائي المصري الراحل أسامة أنور عكاشة في مسلسل "الراية البيضا" الذي تدور أحداثه عن إحدى شخصيات الإسكندرية التي أثرت من تجارة السمك وترغب في الاستيلاء على قصر أثري يقيم فيه أحد السفراء في فترة تقاعده لتهدمه وتبني برجاً سكنياً مكانه، فاختزلت صراع الطفيلية مع الأصالة على كل ما هو قديم وقيّم.

يستدعي المصريون نموذج "فضة المعداوي" اليوم وهم يتابعون العديد من أمثالها يستغلون غياب الدولة وضعفها في مصر لهدم كل ما تبقى من معالم تراثية تحفظ نسمات من تاريخ مصر.

ففي مدينة الإسكندرية التي شهدت أحداث مسلسل "الراية البيضا"، تنازع العديد من المباني الأثرية اليوم في معركتها مع مقاولي التشويه والاستغلال. قد تكون أبرز هذه المباني فيلا غوستاف أغيون،  التي تدخّل مجلس الوزراء متأخراً لينقذها من الهدم واعتبارها منفعة عامة لا يجوز هدمها، ولكن أغيون ليست وحدها، فهناك العديد من المباني الأثرية السكندرية مهددة بالهدم في ظل طوفان الأبراج السكنية الذي يغزو المدينة.

وحذرت مبادرة "أنقذوا الإسكندرية" مما سمّته "مصيراً كارثياً"، وخطراً محدقاً يهدد بضياع الهوية الثقافية والحضارية للمدينة بسبب أعمال تدمير تراث مصر العمراني بصفة عامة وفي الاسكندرية بشكل خاص.

قامت مبادرة "أنقذوا الإسكندرية" بالتضامن مع عدد من المبادرات المحلية عبر إرسال عريضة إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء المصري تفنّد فيها ما يواجه ملف التراث العمراني في مصر عامة وفي الإسكندرية بشكل خاص من مصير كارثي، وخطر محدق يهدد بضياع الهوية الثقافية والحضارية.
وطالبت، مع عدة مبادرات وكيانات أخرى في مذكرة حصلت "الجديد" على نسخة منها، بضرورة التحرك السريع للحفاظ على الكنوز المعمارية، التي تم حذفها من قائمة الحفاظ على التراث بالإسكندرية خاصة ـ وسائر أنحاء الجمهورية ـ إضافة إلى القضايا التي يتداولها القضاء حالياً.

كما طالبت المذكرة بمحاسبة المسؤولين، سواء الفاعلين أو المتهاونين، عن خرق قرار إيقاف الهدم المؤقت وعن استكمال هدم وتخريب المبنى في الأيام التي أعقبت صدوره.

واقترحت المبادرة "روشتة" علاج عاجلة لـ"ملف التراث العمراني بمصر والإسكندرية"، تضمنت حزمة من "الإجراءات العاجلة" والمتمثلة في التدخل التشريعي الفوري من السلطة التشريعية الحالية لتعديل نص المادة الثانية من القانون 144 لسنة 2006، والتي تعتبر ثغرة قانونية يتم استغلالها لإخراج العديد من المباني من مجلد الحفاظ.

وشددت المبادرة على ضرورة المواجهة الحازمة والمدروسة لمشكلة مخالفات البناء، فضلاً عن تخفيف العبء على المدينة بالتخطيط الجيد والامتدادات والتوسعات العمرانية المدروسة وغيرها من الملفات الملحة والمرتبطة بجودة الحياة في مدن مصر، إلى جانب مراجعة جميع الأطر والإجراءات السياسية والتشريعية والإدارية الحالية والتي لم تؤد الدور المطلوب منها في حماية التراث العمراني والمعماري المصري.

وقال محمد أبو الخير، أحد منسقي المبادرة، إن تحركهم يأتي في أعقاب واقعة هدم فيلا أغيون التراثية بالإسكندرية، والتي تعتبر نموذجاً صارخاً للفشل في الحفاظ على جزء هام من ثرواتنا القومية وتراثنا الثقافي متمثلاً في المباني التراثية ذات القيمة المتميّزة، والتي يمكن أن تكون مورداً اقتصادياً ومحفّزاً للتنمية والتجديد العمراني في حال إدارتها بالشكل الأمثل، فضلاً عن قيمتها كجزء من هوية المدينة.

وأوضح أبو الخير أنه تم حذف 36 مبنى تراثي في الإسكندرية من مجلد "الحفاظ على التراث" بناءً على أحكام قضائية، كما حدث في حالة فيلا أغيون، مع وجود أكثر من 90 قضية مماثلة متداولة حالياً في القضاء في مدينة الإسكندرية فقط.

كما طالب بضرورة تفعيل قرار "موافقة رئيس مجلس الوزراء على نزع ملكية فيلا أغيون للمنفعة العامة" في أسرع وقت ممكن، مع التشديد على أهمية تقديم التعويض العادل، نقدياً أو عينياً للمُلّاك وفقاً للدستور والقانون لضمان حقهم في الاستفادة من ملكيتهم الخاصة.
وأكد على إمكانية إعادة بناء أي مبنى ذو قيمة قد تعرّض لتدمير حتى ولو شبه كلي، وذلك استناداً إلى العديد من الأمثلة والتجارب العالمية في هذا المجال، حيث تتضمن قوائم اليونسكو للتراث الإنساني العالمي عدداً من المباني التراثية التي تمت إعادة بنائها.

وتعتبر فيلا أغيون، التي أسسها المعماري الفرنسي أوغست بيريه ـ أحد أهم وأشهر معماريي العالم ورائد استخدام الخرسانة المسلحة في إنشاء المباني، وأدرجت اليونسكو أبنيته ضمن التراث الإنساني العالمي ـ أول أبنية بيريه في مصر، حيث بناها في العام 1922، وهي تتعرض لمحاولات هدم منذ 2009 حين قام مُلّاكها الجدد بهدم أكثر من نصف المبنى قبل أن توقفهم السلطات.

المساهمون