أندريه شوبرت ومغامرة مونشنغلادباخ.. ظل فافري أم مشروع جديد؟

31 أكتوبر 2015
+ الخط -

"مهما حققت من انتصارات، وفزت في مباريات عديدة، فإنك معرض في أي وقت للسقوط، ويجب عليك الاستعداد جيداً لهذا اليوم، لأن فكرة الفوز للأبد متاحة فقط في الروايات والأساطير، بينما كرة القدم لعبة تتم على أرض الواقع، وتجربة مونشنغلادباخ خير دليل على صحة هذا التصور"، هكذا علّق بيب غوارديولا المدير الفني لبايرن ميونخ، حينما تم سؤاله عن التحول المفاجئ في مستوى غلادباخ، في فترة زمنية وجيزة جداً.


لوسيان فافري
قاد لوسيان فافري مونشنغلادباخ إلى المركز الثالث من البوندسليغا بالموسم الماضي، وحوّل طريق لعب الفريق إلى نسخة مميزة للغاية، على صعيد الكرة السريعة والتحولات المذهلة، لدرجة ترشيح بعضهم له لخلافة غوارديولا في ميونخ، أو تدريب المنتخب السويسري في المستقبل القريب.

اللعب بشكل عميق، مع العودة للخلف أثناء الدفاع، والضغط المستمر على مفاتيح لعب الخصم، كلها أمور استخدمها فافري لصناعة نسخة ناجحة من مونشن، والذي يلعب بخطة 4-4-2 الضيقة، طريقة صعبة الاختراق أمام أي خصم، لأنك تتمركز بأربعة خطوط داخل الملعب طولياً، رباعي ثم رباعي ثم لاعب ثم لاعب، وعلى الأطراف يبدو الأمر مستحيل، بسبب تحول المهاجمين إلى الوسط، وغلق الأطراف من قبل الأجنحة والأظهرة على طريقة ثنائية الرقابة.

وبعد الوصول إلى دوري أبطال أوروبا، كل شيء تغير إلى الأسوأ، وخصوصاً بعد انتقال كروز إلى فولفسبورغ، وكريستوف كرامر إلى باير ليفركوزن، وإصابة النجم الشاب هيرمان لفترات طويلة، ليقدم مونشن بداية كارثية بالخسارة في أول خمس مباريات في الدوري، ويحصل على الرصيد الصفري، والذي أجبر فافري على تقديم استقالته.


الرجل الثاني
عيّنت إدارة بروسيا المدرب أندريه شوبرت كمدير فني مؤقت بعد فافري، المدرب الذي تولى الإشراف على فرق صغيرة، بادربورن وسانت باولي، كذلك الفريق الرديف لغلادباخ. وبعيداً عن أي حسابات متوقعة، حقق شوبرت انطلاقة تاريخية في الدوري الألماني، بالفوز في أول خمس مباريات يلعبها الفريق تحت قيادته، ويحقق 15 نقطة متتالية، جعلت مونشنغلادباخ في المركز السابع بعد أن كان في ذيل القائمة.

تساؤلات عديدة حول التغيير الواضح في المستوى، على الرغم من عدم وجود أي تعاقدات جديدة أو ظروف مغايرة، فشوبرت لعب بنفس أدوات فافري تقريباً، لكن شتان الفارق بين النتائج، من 5 هزائم إلى 5 انتصارات! ليتحدث المدرب الشاب بعد مباراة شالكه قائلاً "لم أفعل شيئاً بعد، الفريق يفوز بمجهود الأداء الجماعي، والشكر يجب أن يوجه إلى اللاعبين فقط".

لكن حينما نبحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الانتفاضة، فإن سلاح "الدافع" في المقدمة، فلوسيان فافري مدرب عانى كثيراً من فقدان نجومه، لاعب تلو الآخر خلال كل ميركاتو، وبالتالي وصل إلى مرحلة حتمية من التغيير، لأنه ذهب إلى أقصى طموحاته مع مونشن، الوصول إلى المركز الثالث بهذه الظروف الصعبة هو الهدف بعيد المنال، وبعد تحقيقه فعلياً، جاءت مرحلة الهبوط التدريجي تجاه القاع.


تغييرات فنية
لعب أندريه شوبرت بنفس الخطة تقريباً، 4-4-2 الصلبة على طريقة أتليتكو مدريد سيميوني، لكن مع وضع لاعب الوسط لارس ستيندل في الهجوم بجوار رافاييل، قدم لاعب هانوفر السابق الإضافة المرجوة في الثلث الهجومي الأخير، بقدرته على التحرك بحرية بين الوسط والأطراف، في تحول واضح من 4-4-2 إلى 4-4-1-1 أثناء الحالة الدفاعية.

لاعب آخر حصل على فرصة أكبر، الظهير الأيمن جوليان كورب الذي يقدم مستوى مذهلاً رفقة الجناح الهجومي إبراهيما تراوري، في استغلال ناجح للمساحات المتاحة، من خلال تحركات تراوري على الخط الجانبي، من أجل دخول كورب إلى منطقة الجزاء في أنصاف المسافات بين الظهير وقلب الدفاع، كما فعل أمام شالكه في الجولة العاشرة.

كذلك قيام الثنائي تشاكا وداوود في عمق الارتكاز، مع تحول الثنائي الهجومي إلى الأطراف، للسماح إلى لاعبي الأجنحة بالدخول في العمق، وغلق الملعب تماماً أمام تمريرات المنافسين، وبالتالي حدثت بعض التغييرات الطفيفة، من خلال تطور مستوى بعض اللاعبين، ودخول أسماء جديدة في التشكيلة الأساسية، لكن يعتبر عمل شوبرت في النهاية بمثابة التحديث لأسلوب فافري، وليس بداية من الصفر.


دورتموند جديد
تشبه تجربة مونشنجلادباغ الحالية نظيرتها في دورتموند، فأسود الفيستفالين وصلوا إلى نجاح عبقري مع كلوب، لكن التجربة لم تحتمل خيار البقاء على القمة لسنوات طويلة، فحدث الخلل في النهاية، وقرر كلوب استكمال مغامرته في مكان آخر. ومن الواضح أن لوسيان فافري قد فهم اللعبة سريعاً، ولم ينتظر موسماً كاملاً مثل كلوب، ليرحل بعد خمسة أسابيع ويعطي الفرصة إلى اسم شاب جديد.

اللعب مع الكبار له فواتيره الخاصة أيضاً، وكل مدرب له قواعده التي يلعب خلالها ويحترم قوانينها، وبالتالي فإن رحلة نجاح فافري مع غلاباخ توقفت عند هذا الحد، حيث إن دوره الرئيسي كان في تحويل بروسيا من فريق متوسط إلى آخر يلعب وسط الأبطال، لكن لكي يستمر في هذا النسق، يحتاج إلى عوامل لا توفرها إدارة الفريق، أبسطها الحفاظ على النجوم واستقدام صفقات إضافية.

وكما راهنت إدارة دورتموند على توخيل، ربما يستمر رهان غلادباخ على شوبرت، الرجل الذي سيحاول من جديد وضع الفريق بين الكبار، لا أكثر أو أقل، لأن أي أحلام أخرى تحتاج إلى شروط لا تتوفر لديهم في الوقت الراهن!

 

المساهمون