27 سبتمبر 2018
أميركا إمبرياليةً متراجعة
انتهت الحرب الباردة بـ "انتصار أميركي" مدوٍّ دفعها، وهي التي تعيش في أزمة اقتصادية عميقة بدأت منذ سبعينات القرن العشرين، إلى أن تسعى إلى فرض سيطرة شاملة على العالم، وأن تعمّم هيمنتها تحت شعار: العولمة، لكي تصبح المتحكّم في مجمل المسار العالمي. هذا هو المنظور الذي طرحته الطغم المالية المتحكّمة لتجاوز تلك الأزمة، والتي كانت "الحرب على الإرهاب" المدخل لتحقيقه، كما ظهر في احتلال أفغانستان والعراق، ونشر القواعد العسكرية في معظم العالم.
لكن هذه الإستراتيجية التي اعتمدها المحافظون الجدد فشلت في تجاوز الأزمة، بل ظهر أنها زادتها من خلال الأموال الطائلة التي وضعتها في هذه الحرب. ولهذا، انفجرت الأزمة المالية، وقادت إلى سقوط المحافظين الجدد ونجاح شخصية "ترفض الحرب"، وتطرح حلاً للوضع الاقتصادي. انهارت إستراتيجية المحافظين الجدد، إذن، وباتت أميركا بحاجةٍ الى استراتيجية جديدة تنطلق من معرفة "الوضع الحقيقي" للاقتصاد الأميركي (والرأسمالي عموماً ما دامت أميركا مركزه)، ومن ثم رسم حدود "القدرة الأميركية" التي تحقق أهداف الطغم المالية، فقد انتهت العنجهية من دون أن يتراجع الميل إلى أن تبقى أميركا "القوة الأولى" في العالم. لكن، كان لا بد من التخلص من فكرة الحرب من أجل السيطرة على العالم، لفرض التفوق الأميركي المطلق.
هنا، كان الاقتصاد "نقطة الضعف"، وليس التفوق العسكري الذي هو حقيقة. حيث لم تعد الدولة الأميركية قادرةً على تغذية عمليات عسكرية كبيرة، وهي تعاني من مديونيةٍ توازي دخلها القومي، وبنوك مهدّدة بالانهيار، وفقاعات ربما تنفجر في أي لحظة. بالتالي، كان يجب تحديد أولويات أميركا في ضوء ذلك، وتحديد دور الجيش ضمن قدراتها. توصلت إلى أنها غير قادرة على حل الأزمة الاقتصادية، حيث لم يعد ممكناً التحكم بكل هذه الكتلة المالية "السائبة"، ولم يعد أمام الحكومة سوى "إدارة الأزمة". في الوقت الذي لا تستطيع فيه التراجع عن "نهب العالم"، وفي ظل نشوء دولٍ قادرةٍ على المنافسة، مثل الصين، بل باتت هذه هي التي تشكّل التحدي لسيطرة أميركا، وحتى لوجودها قوة أولى، أو حتى عالمية.
في إطار ذلك، صاغت إستراتيجيتها، بحيث نقلت الأولوية من "الشرق الأوسط" الذي ظل عقوداً هو أولويتها، إلى آسيا والمحيط الهادئ، فهي تريد الدفاع عن "محيطها" الأقرب، من خلال الحدّ من "توسعية" الصين، وضبط حدودها. وبهذا، ركّزت قواتها هناك، وأصبحت هذه المنطقة هي التي تحدّد أولويات سياساتها. وربما هنا يمكن أن تخوض حرباً كبرى عند الضرورة. باتت هذه المنطقة بؤرة السياسة الأميركية، وهي التي رسمت تموضعها العالمي الجديد، لكنها ترافقت مع مستويين آخرين، يخدمان نهب الطغم المالية، الأول الخليج العربي، حيث أبقت قواعدها العسكرية، بهدف استمرار التحكم بالنفط ونهب موارده. والثاني أفريقيا، والتي باتت مجال إغراء لنهب ثرواتها. وبهذا، أوجدت هناك "أفريكم"، أي القوات الخاصة بأفريقيا.
إذن، باتت أميركا تهيمن على النفط استمراراً لوضع تاريخي، وتسعى إلى المنافسة في أفريقيا. وانطلاقاً من ذلك، باتت ترسم سياساتها. فهي تفكّر في كيفية حصار الصين والحدّ من خطرها. وبهذا، تميل إلى التحالف مع روسيا وإيران (إضافة إلى الهند، وعبر وجودها في أفغانستان)، ومع إيران من أجل ضمان استقرار الخليج. وكذلك تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع أوروبا، خصوصاً مع إنكلترا. ومن ثم دخلت في سياسة "عض الأصابع" مع روسيا، لتأسيس تحالف أوراسي أميركي، كما سماه بريجنسكي.
لم يعد "الشرق الأوسط" بالتالي أساسياً، بما في ذلك الدولة الصهيونية، وهذه المنطقة هي مجال المساومة مع روسيا بالتحديد، أيضاً بما في ذلك الدولة الصهيونية. وهذه استراتيجية لم يحدّدها باراك أوباما، على الرغم من أنها تبلورت خلال رئاستيه، بل هي من صنع الطغم المالية والاحتكارات والمجمع العسكري الصناعي، ومراكز الدراسات ومجموعات الضغط، فأميركا لم تعد "حاكم" العالم، بل دولة عظمى، تحاول ألا تنهار، وأن تحافظ على مصالح تسمح لها بإدارة أزمتها فقط.
لكن هذه الإستراتيجية التي اعتمدها المحافظون الجدد فشلت في تجاوز الأزمة، بل ظهر أنها زادتها من خلال الأموال الطائلة التي وضعتها في هذه الحرب. ولهذا، انفجرت الأزمة المالية، وقادت إلى سقوط المحافظين الجدد ونجاح شخصية "ترفض الحرب"، وتطرح حلاً للوضع الاقتصادي. انهارت إستراتيجية المحافظين الجدد، إذن، وباتت أميركا بحاجةٍ الى استراتيجية جديدة تنطلق من معرفة "الوضع الحقيقي" للاقتصاد الأميركي (والرأسمالي عموماً ما دامت أميركا مركزه)، ومن ثم رسم حدود "القدرة الأميركية" التي تحقق أهداف الطغم المالية، فقد انتهت العنجهية من دون أن يتراجع الميل إلى أن تبقى أميركا "القوة الأولى" في العالم. لكن، كان لا بد من التخلص من فكرة الحرب من أجل السيطرة على العالم، لفرض التفوق الأميركي المطلق.
هنا، كان الاقتصاد "نقطة الضعف"، وليس التفوق العسكري الذي هو حقيقة. حيث لم تعد الدولة الأميركية قادرةً على تغذية عمليات عسكرية كبيرة، وهي تعاني من مديونيةٍ توازي دخلها القومي، وبنوك مهدّدة بالانهيار، وفقاعات ربما تنفجر في أي لحظة. بالتالي، كان يجب تحديد أولويات أميركا في ضوء ذلك، وتحديد دور الجيش ضمن قدراتها. توصلت إلى أنها غير قادرة على حل الأزمة الاقتصادية، حيث لم يعد ممكناً التحكم بكل هذه الكتلة المالية "السائبة"، ولم يعد أمام الحكومة سوى "إدارة الأزمة". في الوقت الذي لا تستطيع فيه التراجع عن "نهب العالم"، وفي ظل نشوء دولٍ قادرةٍ على المنافسة، مثل الصين، بل باتت هذه هي التي تشكّل التحدي لسيطرة أميركا، وحتى لوجودها قوة أولى، أو حتى عالمية.
في إطار ذلك، صاغت إستراتيجيتها، بحيث نقلت الأولوية من "الشرق الأوسط" الذي ظل عقوداً هو أولويتها، إلى آسيا والمحيط الهادئ، فهي تريد الدفاع عن "محيطها" الأقرب، من خلال الحدّ من "توسعية" الصين، وضبط حدودها. وبهذا، ركّزت قواتها هناك، وأصبحت هذه المنطقة هي التي تحدّد أولويات سياساتها. وربما هنا يمكن أن تخوض حرباً كبرى عند الضرورة. باتت هذه المنطقة بؤرة السياسة الأميركية، وهي التي رسمت تموضعها العالمي الجديد، لكنها ترافقت مع مستويين آخرين، يخدمان نهب الطغم المالية، الأول الخليج العربي، حيث أبقت قواعدها العسكرية، بهدف استمرار التحكم بالنفط ونهب موارده. والثاني أفريقيا، والتي باتت مجال إغراء لنهب ثرواتها. وبهذا، أوجدت هناك "أفريكم"، أي القوات الخاصة بأفريقيا.
إذن، باتت أميركا تهيمن على النفط استمراراً لوضع تاريخي، وتسعى إلى المنافسة في أفريقيا. وانطلاقاً من ذلك، باتت ترسم سياساتها. فهي تفكّر في كيفية حصار الصين والحدّ من خطرها. وبهذا، تميل إلى التحالف مع روسيا وإيران (إضافة إلى الهند، وعبر وجودها في أفغانستان)، ومع إيران من أجل ضمان استقرار الخليج. وكذلك تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع أوروبا، خصوصاً مع إنكلترا. ومن ثم دخلت في سياسة "عض الأصابع" مع روسيا، لتأسيس تحالف أوراسي أميركي، كما سماه بريجنسكي.
لم يعد "الشرق الأوسط" بالتالي أساسياً، بما في ذلك الدولة الصهيونية، وهذه المنطقة هي مجال المساومة مع روسيا بالتحديد، أيضاً بما في ذلك الدولة الصهيونية. وهذه استراتيجية لم يحدّدها باراك أوباما، على الرغم من أنها تبلورت خلال رئاستيه، بل هي من صنع الطغم المالية والاحتكارات والمجمع العسكري الصناعي، ومراكز الدراسات ومجموعات الضغط، فأميركا لم تعد "حاكم" العالم، بل دولة عظمى، تحاول ألا تنهار، وأن تحافظ على مصالح تسمح لها بإدارة أزمتها فقط.