ألونسو.. رحلة الصعود إلى القمة دون أعباء

29 اغسطس 2017
ماركوس ألونسو (Getty)
+ الخط -
في كرة القدم، لن تتحول إلى نجمٍ بين يوم وليلة. ستمضي سنوات وأنت تكافح محاولًا إثبات أحقيتك باللعب وسط الكبار. ستحتاج إلى تدريبات طويلة وخبرات متراكمة فضلًا عن موهبتك الفطرية، لكن في بعض الأوقات، يحدث هذا التحول في وقت سريع، كما حدث للإسباني ماركوس ألونسو، لاعب تشيلسي الإنكليزي.

قبل عام واحد كان ألونسو بين لاعبي الصف الثاني أو ربما الثالث في أوروبا. لاعب اقترب من عامه الـ26 ولم تشهد مسيرته شيئًا بارزًا عدا التنقل السريع بين أكثر من نادٍ بعيدًا عن المنافسة على الألقاب. ثم ما لبث بعد انتقاله إلى تشيلسي أن أصبح واحدًا من أهم لاعبي الفريق الإنكليزي، وأحد أسباب تتويجه بالدوري الموسم الماضي.

ما قبل تشيلسي
بدأ الأسباني الأعسر مسيرته مع الفريق الملكي ريال مدريد. تدرج في صفوف الناشئين وتم تصعيده للفريق الأول وخاض مباراة واحدة معه في سن صغيرة (19 عامًا و4 أشهر)، لكنّ هذه المباراة لم تفتح الباب أمامه للاستمرار في مدريد كما قد يُتوقع. عجز عن اللعب مع الريال ليرحل إلى إنكلترا.


هناك أيضًا وجد ألونسو صعوبة للمشاركة أساسيًا مع بولتون واندررز. انتقل إليه وعمره 20 عامًا. مشاركاته كانت معدودة خلال موسمي (2010 -2011) و(2011 - 2012). في الموسم التالي، هبط بولتون للدرجة الأدنى (شامبيونشيب)، وقتها تمكن اللاعب الإسباني من المشاركة أساسيًا وتثبيت قدميه مع الفريق الأول. خاض 26 مباراة في الدوري وسجل 4 أهداف.

الخطوة التالية، كانت الانتقال إلى إيطاليا وتحديدًا إلى فريق فيورنتينا بعقد يمتد 3 سنوات. ومجددًا وجد اللاعب صعوبة في اقتحام التشكيل الأساسي لتفتح إنكلترا ذراعيها لاحتضانه مجددًا عبر بوابة سندرلاند الذي استعاره حتى نهاية الموسم (2013 - 2014).

قدم أداءً جيدًا مع فريق "القطط السوداء"، وشارك في 20 مباراة في مختلف المسابقات. وحين عاد لفيورنتينا وجد لنفسه مكانًا أساسيًا ليستمر موسمين مع الفريق شارك خلالهما في 74 مباراة في مختلف المسابقات، وسجل 5 أهداف وصنع 7 أخرى.

تلك المواسم الستة لا تُنبئ بأننا أمام لاعب مميز جدير بالانتقال لأحد أكبر الفرق الأوروبية. ربما تكون فرق الوسط في إنكلترا أو إسبانيا أو إيطاليا مكاناً مثاليًا له، لكنّ الأمر في تشيلسي كان مختلفًا.

أنطونيو كونتي، المدير الفني الجديد للفريق، حسم خطة اللعب قبل بدء الموسم (2015 -2016). لن يعتمد كأغلب فرق الدوري الإنكليزي على 4 لاعبين في خط الدفاع، سيلعب بثلاثة فقط. وعلى كل طرفٍ من طرفي الملعب سيتواجد لاعب واحد. يتحرر قليلًا من أعباء الدفاع وينطلق للهجوم.

من يتابع ألونسو سيدرك أن اللاعب الإسباني كان بمثابة ثغرة واضحة في دفاعات الفرق التي لعب بصفوفها، وربما هذا هو السبب في تعطل مسيرته كثيرًا؛ لكنّه على الطرف الآخر يملك نقاط قوة كثيرة على الجانب الهجومي؛ فهو سريع وقوي بدنيًا، يجيد التصويب من مسافات بعيدة، كما أن تمريراته العرضية متقنة إلى حدٍ كبير. وفي موسمه الثاني مع الفيولا سجل ثلاثة أهداف وصنع 4 أخرى.

كان كونتي، وهو الخبير بالدوري الإيطالي، يتابع ألونسو وقرر استقدامه إلى تشيلسي وسط تشكيك البعض في قدرة اللاعب على المشاركة بشكل أساسي مع البلوز. وتمت الصفقة بمقابل ضخم بلغ 24 مليون جنيه إسترليني.

ديفيد لويز وتيم كاهيل وأزبلكويتا. وجد ألونسو هذا الثلاثي خلفه في دفاعات تشيلسي. هذا الثلاثي هو المسؤول المباشر عن الدفاع، سواء حماية القلب (المنطقة المواجهة للمرمى) أو المساحات الفارغة يمينًا ويسارًا خلف الظهيرين المنطلقين للأمام.

لم يكن إيقاع الدوري الإنكليزي السريع غريبًا على ألونسو بسبب خبرته السابقة مع بولتون ومع سندرلاند، لكنّ المختلف هنا هو اللعب في مستوى أعلى. ولعب كل مباراة بهدف واحد هو الفوز بنقاطها.

وجه جديد
التحرر من العبء الدفاعي منح لاعب ريال مدريد الأسبق حرية في الزيادة الهجومية أسفرت عن تسجيله 6 أهداف، أحدها من ركلة ثابتة، والأهداف الخمسة الأخرى تواجد خلالها ألونسو داخل منطقة جزاء الخصم خلف المهاجم دييغو كوستا مباشرة.

ساعد ألونسو هجوميًا وجود إيدين هازاد بالقرب منه على الجبهة اليسرى، ودفاعيًا كان جاري كاهيل الأقرب إليه. هذان اللاعبان ساهما في تألق لم يتوقعه أكثر المتفائلين والداعمين للاعب.
بنى كونتي خططه الهجومية على لاعبي الطرف، وكان الطرف الأيسر هو مفتاحه السحري. ألونسو كان يتقدم ويسدد على المرمى، يمرر عرضيات قاتلة، يراوغ داخل منطقة الجزاء، يسجل بقدمه اليسرى واليمنى، وبرأسه أيضًا استطاع التسجيل في شباك آرسنال. كما بلغت نسبة دقة تمريرات ألونسو الموسم الماضي 77.8%.

اللاعب الذي كان يعاني دفاعيًا مع الفيولا حيث يترك خلفه مساحة شاسعة للخصوم، ولا يجيد التغطية العكسية ومساندة قلبي الدفاع، بات من أبرز لاعبي مركز ظهير الدوري الإنكليزي، تحوّل صاحب المسيرة العادية إلى نقطة ضوء في تشكيلة كونتي وأحد نجوم الشباك في فريقه بين يوم وليلة، والسبب كان تغيير خطة اللعب وإسناد مهام جديدة إليه.

ومع انطلاقة الموسم الحالي، حسم ألونسو مباراة شديدة الأهمية لفريقه حين سجل هدفي تشيلسي في مرمى توتنهام في الجولة الثانية، ليمنح البلوز ثلاث نقاط غالية بعدما تعثر الفريق وخسر في مباراته الافتتاحية أمام بيرنلي بنتيجة (3-2).

المساهمون