18 فبراير 2017
ألغام أمام مجلس الأمة الكويتي
لؤي اللاركيا
باحث سعودي وأستاذ في العلوم السياسية المقارنة ومحاضر في جامعة هيوستن الأميركية.
انتهت انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، الأسبوع الماضي، بنتيجة مفاجئة لعديدين، ولم تتمثل المفاجأة بعودة صقور من الأغلبية المعارضة فحسب، بل كانت النتيجة الأكثر إثارة دخول عناصرة شبابية، بعضها ذو توجه إصلاحي، أو كان مشاركاً في الحراك السياسي المعارض. ومن ذلك، شكل دخول كل من عبد الوهاب البابطين وعمر الطبطبائي وثامر السويط دفعةً قويةً نحو دخول عناصر شبابية إصلاحية إلى المعترك السياسي، ناهيك عن عناصر شبابية أخرى مهمة. يمكن القول، في ضوء هذه النتائج إن عدد الأصوات الإصلاحية، أو المعارضة، يصل إلى أكثر من عشرين عضوا، فهل تؤدي هذه النتيجة إلى عودة التأزم بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية وعدم الاستقرار السياسي الذي لطالما وسم الحياة السياسية في الكويت، وخصوصاً منذ العام 2006، حيث لم يكمل أيٌّ من مجالس الأمة مدته التشريعية.
لن يكون الطريق أمام المجلس الجديد معبداً بالزهور، بل سيكون الطريق محفوفاً بالأخطار السياسية والألغام السياسية التي من شأنها أن تنفجر لتعيد الحياة السياسية في الكويت إلى نقطة الصفر، أي بمعنى أدق مسلسل التأزم الذي أرهق كاهل المواطن والمواطنة الكويتيين. يمكن القول إن ثلاثة ألغام قد تشكل تحديا كبيرا أمام استمرار مجلس الأمة الجديد بدون أي صدام مع السلطة التنفيذية.
الأول، رد (أو إلغاء) حزمة القوانين المثيرة للجدل التي أقرها مجلس 2013 الموالي للحكومة، منها قوانين البصمة الوراثية وتنظيم العمل الطلابي وتمديد الحبس الاحتياطي و"منع المسيء من الترشح للانتخابات" وتعديل القانون الإنتخابي. وتدخل ضمن سياق هذه القوانين قضية سحب الجنسية، حيث إن ضعف موقف مجلس 2013 أطلق العنان للحكومة، بسحب جنسيات أشخاصٍ عديدين، بدافع سياسي، بحسب وصف الأصوات المعارضة في الكويت. وتتضح أهمية هذه القضايا، بالنظر إلى الاجتماع في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني في منزل النائب محمد المطير، أي بعد أيام معدودة من الانتخابات، وحضره 25 نائبا إصلاحياً ومعارضاً، وحدد أجندة تشريعية، تتصدرها، بحسب صحيفة القبس، قضية سحب الجنسية
وتعديل النظام الإنتخابي وقانون منع المسيء من الترشح للانتخابات. وقد يكون رد بعض القوانين، مثل قانون البصمة الوراثية، مسألة سهلة نسبياً، خصوصاً بعد أن صرح رئيس مجلس الأمة السابق، مرزوق الغانم، بأنه من الخطأ تمرير القانون ابتداء. في المقابل، من المتوقع، مثلاً، أن تقابل محاولة تغيير القوانين الأخرى بمقاومةٍ شرسةٍ من الحكومة، فإذا أخذنا مسألة القانون الانتخابي، مثلاً، فإنّ من شأن أي محاولةٍ لتمرير قانون لتغيير الصوت الواحد أن تؤدي إلى مواجهةٍ مع الحكومة، تؤدي إلى رد أي قانون لتغيير النظام الانتخابي. ويمكن قياس ذلك على قوانين أخرى عديدة مثيرة للجدل.
يكمن اللغم الثاني في الاستجوابات، وبالأدق في رد فعل الحكومة عليها. ولطالما شكلت الاستجوابات هاجساً لدى الحكومة الكويتية، فمن ناحية تكون الإستجوابات بمثابة اغتيال سياسي للوزراء، إذا ما أتبعها سحب للثقة من الوزير، وينطبق ذلك بشكل أكبر أثراً على أي استجوابٍ لرئيس الوزراء، يتبعه تصويتٌ على سحب الثقة، إذ يؤدي ذلك إلى إسقاط الحكومة بأكملها. ولعل ذلك ما يستدعي الحكومة إلى اتباع أساليب ملتوية، لمواجهة الاستجوابات، مثل شطب بعض محاور الاستجوابات، أو تأجيل الاستجوابات، ورفعها من جدول الأعمال. وغالباً ما يؤدي استخدام هذه الوسائل إلى تأزم بين الحكومة والأصوات الداعمة للاستجواب. ولذلك، سيكون تحييد أي أثر تأزيمي للاستجوابات معتمداً على عاملين أساسيين، هما عزوف الحكومة عن الاعتماد على أساليب مثيرة للجدل في مواجهة الاستجوابات وحصافة المعارضة وتدرجها في استخدام الأدوات الرقابية، من دون الاندفاع فوراً نحو التهديد بالاستجوابات وطرح الثقة.
اللغم الثالث هو الوثيقة الاقتصادية التي أصدرتها الحكومة الكويتية لمعالجة الاختلال الاقتصادي الناتج عن الاعتماد شبه الكلي على دخل النفط. وتأتي الوثيقة في سياق انخفاض أسعار النفط،
وقد تسببت بنود في هذه الخطة في استياء شعبي واسع، خصوصاً فيما يتعلق ببند إعادة تسعير السلع والخدمات العامة، المتضمن في محور الإصلاح المالي في الخطة. ويمكن القول إن هنالك شبه إجماع بين النواب المعارضين والإصلاحيين على نقد وثيقة الإصلاح. وقد اختلفت الرؤي ما بين رفض الوثيقة إلى المطالبة بإصلاحها. ولا شك في أنه سيكون صعباً على الحكومة تمرير أي قوانين تقشف اقتصادي، مرتبطة بوثيقة الإصلاح، من دون صدام حتمي مع مجلس الأمة. لهذه الأسباب، ستكون مهمة المجلس الجديد صعبة جداً، وستكون إمكانية عودة مسلسل التوتر بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، عالية جدا. ولن تكون مسألة الإبحار في هذه القضايا بدون أي صدام سهلةً، لأن المسألة لا تعتمد فقط على رد فعل الحكومة، بل تعتمد أيضاً على مقدرة المعارضة على التنسيق بشكل فعال ومتزن في هذه القضايا، ما قد يشكل تحدياً حقيقياً أمام معارضةٍ تشكل خليطا من التوجهات السياسية المتناقضة.
لن يكون الطريق أمام المجلس الجديد معبداً بالزهور، بل سيكون الطريق محفوفاً بالأخطار السياسية والألغام السياسية التي من شأنها أن تنفجر لتعيد الحياة السياسية في الكويت إلى نقطة الصفر، أي بمعنى أدق مسلسل التأزم الذي أرهق كاهل المواطن والمواطنة الكويتيين. يمكن القول إن ثلاثة ألغام قد تشكل تحديا كبيرا أمام استمرار مجلس الأمة الجديد بدون أي صدام مع السلطة التنفيذية.
الأول، رد (أو إلغاء) حزمة القوانين المثيرة للجدل التي أقرها مجلس 2013 الموالي للحكومة، منها قوانين البصمة الوراثية وتنظيم العمل الطلابي وتمديد الحبس الاحتياطي و"منع المسيء من الترشح للانتخابات" وتعديل القانون الإنتخابي. وتدخل ضمن سياق هذه القوانين قضية سحب الجنسية، حيث إن ضعف موقف مجلس 2013 أطلق العنان للحكومة، بسحب جنسيات أشخاصٍ عديدين، بدافع سياسي، بحسب وصف الأصوات المعارضة في الكويت. وتتضح أهمية هذه القضايا، بالنظر إلى الاجتماع في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني في منزل النائب محمد المطير، أي بعد أيام معدودة من الانتخابات، وحضره 25 نائبا إصلاحياً ومعارضاً، وحدد أجندة تشريعية، تتصدرها، بحسب صحيفة القبس، قضية سحب الجنسية
يكمن اللغم الثاني في الاستجوابات، وبالأدق في رد فعل الحكومة عليها. ولطالما شكلت الاستجوابات هاجساً لدى الحكومة الكويتية، فمن ناحية تكون الإستجوابات بمثابة اغتيال سياسي للوزراء، إذا ما أتبعها سحب للثقة من الوزير، وينطبق ذلك بشكل أكبر أثراً على أي استجوابٍ لرئيس الوزراء، يتبعه تصويتٌ على سحب الثقة، إذ يؤدي ذلك إلى إسقاط الحكومة بأكملها. ولعل ذلك ما يستدعي الحكومة إلى اتباع أساليب ملتوية، لمواجهة الاستجوابات، مثل شطب بعض محاور الاستجوابات، أو تأجيل الاستجوابات، ورفعها من جدول الأعمال. وغالباً ما يؤدي استخدام هذه الوسائل إلى تأزم بين الحكومة والأصوات الداعمة للاستجواب. ولذلك، سيكون تحييد أي أثر تأزيمي للاستجوابات معتمداً على عاملين أساسيين، هما عزوف الحكومة عن الاعتماد على أساليب مثيرة للجدل في مواجهة الاستجوابات وحصافة المعارضة وتدرجها في استخدام الأدوات الرقابية، من دون الاندفاع فوراً نحو التهديد بالاستجوابات وطرح الثقة.
اللغم الثالث هو الوثيقة الاقتصادية التي أصدرتها الحكومة الكويتية لمعالجة الاختلال الاقتصادي الناتج عن الاعتماد شبه الكلي على دخل النفط. وتأتي الوثيقة في سياق انخفاض أسعار النفط،
دلالات
لؤي اللاركيا
باحث سعودي وأستاذ في العلوم السياسية المقارنة ومحاضر في جامعة هيوستن الأميركية.
لؤي اللاركيا
مقالات أخرى
24 ديسمبر 2016