في الوقت الذي أصرّ فيه البرلمان العراقي على قراره القاضي بنقض رفع علم إقليم كردستان العراق في محافظة كركوك، مضت الأحزاب الكردية بإجراءات الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، فيما دعا محافظ كركوك نجم الدين كريم إلى إجراء استفتاء آخر يجري من خلاله تقرير مصير محافظة كركوك.
في هذا السياق، رفض المسؤولون الأكراد قرار البرلمان العراقي بإنزال علمهم من محافظة كركوك المتنازع عليها، وباشروا السعي للتصويت، اليوم الثلاثاء، داخل مجلس محافظتها من أجل تحديد موعد للاستفتاء على ضمّها إلى إقليم كردستان وانفصالها عن العراق. في المقابل، حذّر مسؤولون من خطورة هذا التوجه وتأثيره على الوضع السياسي في البلاد.
في هذا الصدد، ذكر النائب التركماني عن المحافظة، جاسم محمد جعفر، خلال مؤتمر صحافي، عقده بمبنى البرلمان، أنّ "رسالة وصلت إلينا من الأعضاء الأكراد في مجلس كركوك، تؤكد عزمهم على وضع قرارين جديدين ضمن أجندة اجتماع مجلس المحافظة"، مبيّناً أنّ "القرار الأول هو رفض قرار البرلمان بإنزال علم كردستان من المحافظة، والثاني إجراء استفتاء لضم محافظة كركوك لإقليم كردستان".
من جهته، دعا رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، إلى "بذل مزيد من الجهود من أجل تجاوز أزمة كركوك". وقال في بيان، تلاه داخل جلسة البرلمان، إنّ "لجنة السلوك النيابي لم تقدّم أي مقترح أو توصيات بخصوص التجاوزات". وشدّد على "ضرورة أن يبذل الجميع جهوداً ومساعي من أجل احتواء أزمة كركوك، وضرورة حلّها عبر الحوار، لتجاوزها".
بدوره، انتقد عضو مجلس المحافظة، أحمد العبيدي، "سكوت الحكومة وعدم تدخلها لحل أزمة المحافظة". ونوّه في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "كركوك تواجه أزمة خطيرة وتصعيداً، لا يخدم أهلها، إذ إنّ المحافظة بحاجة إلى استخدام لغة الحوار وعدم اللجوء إلى لغة ليّ الأذرع، التي ستكون لها تداعيات سلبية على المحافظة".
ولفت مصدر برلماني إلى "وجود اتفاق بين أغلب نواب التحالف الوطني الحاكم، واتحاد القوى العراقية، وكتل سياسية أخرى، على ضرورة المضي بمسألة رفض رفع علم كردستان في كركوك حتى النهاية، مؤكدين على عراقية كركوك التي تمثل خليطاً متجانساً يضمّ مختلف المكونات".
أما محافظ كركوك فقابل اعتراض البرلمان العراقي على رفع علم كردستان بخطوة تصعيدية جديدة، بدعوته الأحزاب الكردية إلى "مناقشة مسألة إجراء استفتاء حق تقرير المصير في كركوك"، مشدّداً في حديث صحافي على "ضرورة إشراك كركوك والمناطق الكردية الأخرى خارج إدارة الإقليم، في نقاشات الأحزاب الكردية بشأن الاستفتاء". وأضاف أن "كركوك جزء من كردستان، وعلى الأحزاب مناقشة الاستفتاء فيها بما ينسجم مع التعايش بين المكونات فيها"، موضحاً بأنها "مختلفة عن محافظات كردستان الأخرى، بسبب تعدد القوميات والأديان والطوائف فيها".
في غضون ذلك، كشف مساعد رئيس إقليم كردستان هيمن هورامي، عن اتفاق الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني على صيغة السؤال الذي ستتضمنه ورقة الاستفتاء الموجهة إلى سكان الإقليم، مبيّناً في تغريدة على موقع "تويتر" بأن "الحزبين قررا أن يكون هناك سؤال واحد للشعب الكردي للاستفتاء في كردستان وهو: هل أنت مع كردستان مستقلة؟". وأضاف بأنه "تمّ تحديد إجابتين لهذا السؤال، إما نعم أو لا".
بدوره، تحدّث رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار طالباني بنبرة حادة، حين رأى أنه "من المستحيل أن يتم إنزال علم كردستان في كركوك مرة أخرى، نظراً لكون العلم رُفع وفقاً للقانون واستناداً للبنود الدستورية"، موضحاً خلال مؤتمر صحافي أن "ما جرى في البرلمان العراقي مخالف لجميع التوافقات السياسية".
وأضاف أن "علم كردستان لا يمثل الشعب الكردي وحده، بل يمثل كافة المكونات الكردستانية الأخرى من مسيحيين وتركمان وغيرهم"، مطالباً الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وهو من الاتحاد الوطني الكردستاني، بـ"عدم التوقيع على القرار الذي اتخذه البرلمان العراقي برفض رفع العلم الكردي في كركوك".
مواقف سياسية أخرى خارج إقليم كردستان رفضت التعامل مع كركوك على أنها جزء من الإقليم الكردي كعضو تحالف القوى العراقية محمد عبدالله، الذي أكد أن "للإقليم الحق بالتصرف في شؤون ثلاث محافظات هي أربيل ودهوك والسليمانية، وما عدا ذلك فيعتبر شأناً متعلقاً بالحكومة الاتحادية"، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "كركوك مدينة عراقية فيها أكراد وتركمان وعرب ومكونات أخرى، ولا يمكن لأحد أن ينسبها لمكون دون غيره". ودعا الأحزاب الكردية إلى "الركون للعقل وعدم التصرف مع جميع المسائل على أساس الدعاية الانتخابية"، مؤكداً أن "أزمة كركوك قائمة منذ عام 2003، وللمحافظة وضع خاص تعترف به الأمم المتحدة".
واعتبر التحالف الوطني الحاكم رفع علم إقليم كردستان في كركوك، مخالفاً لمستلزمات اللحمة الوطنية، مؤكداً في بيان أن "قرار مجلس محافظة كركوك رفع علم إقليم كردستان في المحافظة بمعزل عن بقية المكونات خطوة غير موفقة"، داعياً إلى "التعايش السلمي بين أبناء المحافظة".
من جهته، حذّر السفير الأميركي في العراق دوغلاس سليمان، من "احتمال تسبب الاستفتاء في كردستان ورفع العلم بكركوك بتشتيت الانتباه عن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، موضحاً خلال تصريح صحافي بأن "هذه الأمور يجب أن يتم التباحث فيها وفقاً للدستور العراقي".