حذّر أكاديميون عراقيون من مخاطر التلوث البيئي على أنواعه في العراق والذي استفحل نتيجة الحروب، مشددين على أهمية التوعية إلى جانب الضغط على الحكومة لمعالجة مسبباته وآثاره.
وأتت تصريحات الأكاديميين لـ "العربي الجديد" على هامش جلسات مؤتمر عن التلوث البيئي في العراق نظّمته لجنة البيئة والصحة التابعة لرابطة الأكاديميين العراقيين يوم أمس، في العاصمة البريطانية لندن، للبحث بمخاطره الممتدة منذ عقود، والذي يهدّد أمن البلد الصحّي والبيئي.
بدأ المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت على أرواح ضحايا الحرب في العراق. وحضره السفير العراقي إضافة إلى شخصيات أكاديمية وعلمية عربية وأجنبية، منها الباحث الهولندي ويم زويغننبرغ، ممثّل منظمة السلام الهولندية الذي تناول مفهوم الإرث الصحي البيئي للحروب في العراق وكيفية مساهمة منظمّته في محافظة البصرة.
وهدف المؤتمر، الذي تزامن مع طلب تسجيل الأهوار الجنوبية على لائحة التراث الإنساني، إلى التوصّل لقرار يدعم هذه القضية هنا وفي إسطنبول حيث يعقد مؤتمر آخر بعد أسبوع، والبحث في أسباب التلوّث البيئي وتداعياته وسبل معالجته.
ولفتت الدكتورة جيهان بابان، رئيسة لجنة البيئة والصحّة لدى الأكاديميين العراقيين إلى التلوّث الكيمياوي وأبعاده الخطيرة على الهواء والماء والتربة.
وقالت لـ "العربي الجديد"، إن آثار حرب الخليج الأولى والثانية لا تزال مستمرّة في تلويث البيئة الذي نراه في جميع مدن العراق من شمالها إلى جنوبها، خصوصاً في مدينة بغداد حيث نجد التلوّث بأشكاله المتنوّعة من الكيماوي والإشعاعي والمواد الصلبة والنفايات الطبية وتلوّث الماء والأنهار والطعام الذي نتناوله والهواء، فضلاً عن التسمّم بالرصاص.
وأكملت أنّ ذلك يتسبّب بإصابة أطفال كثيرين بالتشوّهات والموت المبكر في جميع أنحاء العراق، مشيرة إلى ارتفاع معدّلات الإصابة بالأمراض السرطانية خصوصاً لدى الأطفال والنساء.
وعن أسباب التلوّث الإشعاعي، قالت الدكتورة بابان، إنه منذ عام 2003، استخدمت الأسلحة الكيمياوية بشكل كبير في العراق، مضيفة أنّ جميع الحروب تؤذي البيئة، وتؤثّر في الاقتصاد والميزانية وتعيق استخدام المهارات والخبرات، في وقت تعاني فيه البيئة اليوم في العراق من وضع في غاية السوء. وأشارت إلى عدم توفر المجاري لدى كثير من الناس، ما يسبب اختلاطها بالمياه، وعدم إتاحة وسائل لنقل النفايات، إضافة إلى المبيدات الفاسدة المخزّنة في براميل غير صحيّة منذ مدّة طويلة، مؤكدة أنّه ينبغي استشارة خبراء لاستخدام الطرق الصحيحة.
وعن رفع مستوى الوعي لدى طلاّب المدارس، قالت بابان إنّ البرامج التعليمية لا تزال تحتاج إلى التطوير وسط البيئة الملوثة التي يعيش في ظلّها هؤلاء. وأكملت أن استمرارنا على هذا النحو ليس فقط في المنزل وإنما مع غياب التوعية في المدارس أيضاً يجعل الأحوال أكثر سوءاً.
من جانبه، قال الدكتور عزام علوش، أحد مؤسّسي الجامعة الأميركية في العراق، لـ "العربي الجديد" إن مستقبل العراق البيئي مبهم كمستقبل العراق السياسي، فالواقع البيئي سيئ جداً في الوقت الحالي والتلوّث لا يزال مستمراً منذ 40 عاماً.
وأوضح أن من أكبر أسباب التلوّث المجاري في غالبية مدن العراق، التي تعجز عن معالجتها ما يؤدي بالتالي إلى اختلاطها بالمياه.
ولفت الدكتور علوش إلى أنّ "الحل يحتاج إلى قوّة سياسية وقرار سياسي، لكن الأمر ليس تلقائياً بل يحتاج إلى نشر الوعي البيئي لدى أهل المنطقة، والضغط على الحكومة لمعالجة تلك المشاكل".
وأنهى بالقول إنّ مستقبل العراق مبني على صحّة الأطفال التي تتأثّر بشكل كبير بالتلوّث الحالي.