"لدينا أربعة أطفال ورضيع. نفدت جميع المواد الغذائية من المنزل منذ عدة أشهر. لم يعد أحد منهم قادرا على الحركة. يستلقون على الأرض طوال الوقت، بعدما فقد كل منهم أكثر من نصف وزنه. دموعنا لا تجفّ ونحن عاجزون عن تأمين الطعام لهم. حتى زوجة ابني لم تعد قادرة على إرضاع ابنها، لأنها لا تأكل. أي جحيم هذا؟!"، تسأل أم أحمد بصوت مختنق ومتقطّع عبر سمّاعة الهاتف خلال اتصال مع "العربي الجديد".
وتتابع النازحة من مدينة الزبداني إلى مضايا والتي تعيش مع عائلة ابنها: "يطارد ابني القطط والعصافير لنأكل لحمها، وأنا أجمع أوراق الشجر. يمكن للجائع أن يفعل أي شيء حتى يبقى على قيد الحياة. في الليل أسمع أصوات أطفال يبكون.. وأسمع رجالاً يصرخون ويستنجدون.. لكن لا أحد يسمع".
تعيش مدينة مضايا السورية في ريف دمشق كارثة إنسانية، بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه عليها قوات النظام وحزب الله اللبناني الموالي للنظام، منذ نحو سبعة أشهر، برصاص القنّاصة والحواجز والألغام المزروعة في الأراضي المحيطة بالمدينة، ما يمنع حركة البشر ونفاذ المواد الغذائية أو الإغاثية إليها. هذه المدة كانت كافية لتخلق حالة عامة من الجوع وصلت بالبعض إلى الموت. وقد أكد ناشطون من المدينة أن "عدد من فقدوا أرواحهم بسبب النقص الشديد في التغذية وصل إلى نحو 30 حالة، معظمهم من المسنّين والأطفال، في الوقت الذي لايزال يعيش فيه العشرات على حافة الموت مع حالة من سوء التغذية الحادة".
ولا تقتصر معاناة أهالي مضايا على انعدام الغذاء؛ إذ يمنع دخول المواد الطبية والأدوية إليها. يقول الناشط عمر زبداني إن "النقطة الطبية في مضايا تستقبل عشرات الحالات اليومية من الإغماءات وانخفاض الضغط ومرضى الأمراض المزمنة الذين يصابون بمضاعفات بسبب عدم توفر الدواء. ولا تتوفّر المعدات اللازمة لرعاية هؤلاء المرضى. وفي كل يوم هناك وفاة أو اثنتان. معظم كبار السن الذين يقضون جوعاً يعانون من أمراض مزمنة ولم يتناولوا أدويتهم منذ مدة طويلة. هناك أيضاً حالات الالتهابات المعوية والتسمّم نتيجة تناول مواد غير صالحة للأكل من القمامة والأعشاب الضارة".
يلفت الطبيب هيثم خير بك إلى أن "صور الجوعى في مضايا تدل على حالة متقدمة من سوء التغذية يعيشها السكان، والتي وصلت إلى حد انحلال عضلات الجسم". ويشرح: "يصل الجسم إلى هذه المرحلة بعد أن يستنفد مخزونه من الدهون. ويغيّر هذا من شكل الجسم ليأخذ شكل العظام، كما يظهر في الصور المتداولة. وهذا مؤشر خطير، يترافق مع أعراض أخرى مثل انخفاض الحرارة واحتباس السوائل وانخفاض الضغط وضعف التركيز".
من جانب آخر، يحتكر بعض التجار المتواجدين في المدينة كمية من المواد الغذائية، مستغلّين حالة الحصار. ويطرحون كميات قليلة منها مقابل أسعار خيالية. فقد وصل سعر الكيلو الواحد من الأرز أو السكر أو البرغل إلى 70 ألف ليرة سورية (175 دولاراً)، ويحاولون جمع ثروات على حساب حياة أهالي المدينة.
وتصل أعداد المحاصرين والمهددين بالموت جوعاً إلى نحو 40 ألف مدني. يلفت الناشط الإعلامي صادق الدمشقي إلى أن "معظمهم من نازحي مدينة الزبداني الذين هربوا من القصف العنيف الذي طاول مدينتهم طوال السنوات الماضية، إذ نزح أكثر من 20 ألف مدني من الزبداني إلى مضايا". ويؤكد أن "جميع سكانها اليوم من المدنيين. الحالة المأساوية دفعت العشرات إلى محاولة الهروب عبر الأراضي المحيطة، إلا أن الألغام المزروعة انفجرت فيهم".
بدورها، أطلقت عدد من الجهات الإغاثية الناشطة حملة للتبرّع لأهالي مضايا، كمؤسسة كرم وفريق ملهم التطوعي، واستطاع الفريق حتى اليوم جمع 180 ألف دولار. وأوضح الفريق أنه استطاع إيصال 124 ألف دولار منها إلى مضايا وتوزيعها على العائلات المتضررة لتتمكن من شراء القليل من المواد المتوفرة بأسعار خيالية. فيما لم تستطع أية جهة حتى اليوم إدخال أي نوع من المساعدات الغذائية، وكل ما تم إدخاله هو أموال التبرّعات.
وأطلق ناشطون من داخل سورية وخارجها حملة باسم "اليوم العالمي لرفع الحصار عن سورية"، بهدف تسليط الضوء على الحصار الخانق وسياسة التجويع الممارسة من قبل قوات النظام وحزب الله اللبناني على العديد من المدن والبلدات في سورية. وحدّد الناشطون تاريخ 16 يناير/ كانون الثاني يوم غضب داخل سورية وخارجها لتنظيم وقفات احتجاجية عالمية.
وعارضت الحملة سياسة التبرّعات الحالية. توضح هنادي الخطيب إحدى الناشطات في الحملة أن "التبرعات المالية تعني تكريس الحصار وإعطاءه شرعية. الحل هو كسر الحصار وليس إيجاد حلول غير ناجعة. حتى الآن لا يمكن إدخال تبرعات عينية لمضايا. الأموال التي يتم جمعها لا يمكن لأحد معرفة كيفية الاستفادة منها. وسيستغل تجّار الموت بداخل مضايا الموضوع ليوزّعوا الفتات على عدد قليل من المحاصرين مقابل مبالغ كبيرة. الحملة مع الضغط لكسر الحصار ولا علاقة لها بأي حملة عامة أو شخصية لجمع التبرعات".
تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة كانت قد أعلنت، أمس، أن الحكومة السورية وافقت على إيصال المساعدات الإنسانية إلى بلدة مضايا المحاصرة.
اقرأ أيضاً: فيديو..طفل سوري محاصر في مضايا يطلب الطعام بخجل
وتتابع النازحة من مدينة الزبداني إلى مضايا والتي تعيش مع عائلة ابنها: "يطارد ابني القطط والعصافير لنأكل لحمها، وأنا أجمع أوراق الشجر. يمكن للجائع أن يفعل أي شيء حتى يبقى على قيد الحياة. في الليل أسمع أصوات أطفال يبكون.. وأسمع رجالاً يصرخون ويستنجدون.. لكن لا أحد يسمع".
تعيش مدينة مضايا السورية في ريف دمشق كارثة إنسانية، بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه عليها قوات النظام وحزب الله اللبناني الموالي للنظام، منذ نحو سبعة أشهر، برصاص القنّاصة والحواجز والألغام المزروعة في الأراضي المحيطة بالمدينة، ما يمنع حركة البشر ونفاذ المواد الغذائية أو الإغاثية إليها. هذه المدة كانت كافية لتخلق حالة عامة من الجوع وصلت بالبعض إلى الموت. وقد أكد ناشطون من المدينة أن "عدد من فقدوا أرواحهم بسبب النقص الشديد في التغذية وصل إلى نحو 30 حالة، معظمهم من المسنّين والأطفال، في الوقت الذي لايزال يعيش فيه العشرات على حافة الموت مع حالة من سوء التغذية الحادة".
ولا تقتصر معاناة أهالي مضايا على انعدام الغذاء؛ إذ يمنع دخول المواد الطبية والأدوية إليها. يقول الناشط عمر زبداني إن "النقطة الطبية في مضايا تستقبل عشرات الحالات اليومية من الإغماءات وانخفاض الضغط ومرضى الأمراض المزمنة الذين يصابون بمضاعفات بسبب عدم توفر الدواء. ولا تتوفّر المعدات اللازمة لرعاية هؤلاء المرضى. وفي كل يوم هناك وفاة أو اثنتان. معظم كبار السن الذين يقضون جوعاً يعانون من أمراض مزمنة ولم يتناولوا أدويتهم منذ مدة طويلة. هناك أيضاً حالات الالتهابات المعوية والتسمّم نتيجة تناول مواد غير صالحة للأكل من القمامة والأعشاب الضارة".
يلفت الطبيب هيثم خير بك إلى أن "صور الجوعى في مضايا تدل على حالة متقدمة من سوء التغذية يعيشها السكان، والتي وصلت إلى حد انحلال عضلات الجسم". ويشرح: "يصل الجسم إلى هذه المرحلة بعد أن يستنفد مخزونه من الدهون. ويغيّر هذا من شكل الجسم ليأخذ شكل العظام، كما يظهر في الصور المتداولة. وهذا مؤشر خطير، يترافق مع أعراض أخرى مثل انخفاض الحرارة واحتباس السوائل وانخفاض الضغط وضعف التركيز".
من جانب آخر، يحتكر بعض التجار المتواجدين في المدينة كمية من المواد الغذائية، مستغلّين حالة الحصار. ويطرحون كميات قليلة منها مقابل أسعار خيالية. فقد وصل سعر الكيلو الواحد من الأرز أو السكر أو البرغل إلى 70 ألف ليرة سورية (175 دولاراً)، ويحاولون جمع ثروات على حساب حياة أهالي المدينة.
وتصل أعداد المحاصرين والمهددين بالموت جوعاً إلى نحو 40 ألف مدني. يلفت الناشط الإعلامي صادق الدمشقي إلى أن "معظمهم من نازحي مدينة الزبداني الذين هربوا من القصف العنيف الذي طاول مدينتهم طوال السنوات الماضية، إذ نزح أكثر من 20 ألف مدني من الزبداني إلى مضايا". ويؤكد أن "جميع سكانها اليوم من المدنيين. الحالة المأساوية دفعت العشرات إلى محاولة الهروب عبر الأراضي المحيطة، إلا أن الألغام المزروعة انفجرت فيهم".
بدورها، أطلقت عدد من الجهات الإغاثية الناشطة حملة للتبرّع لأهالي مضايا، كمؤسسة كرم وفريق ملهم التطوعي، واستطاع الفريق حتى اليوم جمع 180 ألف دولار. وأوضح الفريق أنه استطاع إيصال 124 ألف دولار منها إلى مضايا وتوزيعها على العائلات المتضررة لتتمكن من شراء القليل من المواد المتوفرة بأسعار خيالية. فيما لم تستطع أية جهة حتى اليوم إدخال أي نوع من المساعدات الغذائية، وكل ما تم إدخاله هو أموال التبرّعات.
وأطلق ناشطون من داخل سورية وخارجها حملة باسم "اليوم العالمي لرفع الحصار عن سورية"، بهدف تسليط الضوء على الحصار الخانق وسياسة التجويع الممارسة من قبل قوات النظام وحزب الله اللبناني على العديد من المدن والبلدات في سورية. وحدّد الناشطون تاريخ 16 يناير/ كانون الثاني يوم غضب داخل سورية وخارجها لتنظيم وقفات احتجاجية عالمية.
وعارضت الحملة سياسة التبرّعات الحالية. توضح هنادي الخطيب إحدى الناشطات في الحملة أن "التبرعات المالية تعني تكريس الحصار وإعطاءه شرعية. الحل هو كسر الحصار وليس إيجاد حلول غير ناجعة. حتى الآن لا يمكن إدخال تبرعات عينية لمضايا. الأموال التي يتم جمعها لا يمكن لأحد معرفة كيفية الاستفادة منها. وسيستغل تجّار الموت بداخل مضايا الموضوع ليوزّعوا الفتات على عدد قليل من المحاصرين مقابل مبالغ كبيرة. الحملة مع الضغط لكسر الحصار ولا علاقة لها بأي حملة عامة أو شخصية لجمع التبرعات".
تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة كانت قد أعلنت، أمس، أن الحكومة السورية وافقت على إيصال المساعدات الإنسانية إلى بلدة مضايا المحاصرة.
اقرأ أيضاً: فيديو..طفل سوري محاصر في مضايا يطلب الطعام بخجل