أطفال سوريون يكدحون في ورش تركية

26 يوليو 2016
يكدحون من أجل الفتات (دانيال بيروك/ Getty)
+ الخط -



تتمنى منى عوال لو استطاعت الذهاب إلى المدرسة. لكن هيهات فهي تحتاج للذهاب إلى العمل. تقول منى وهي تجلس في شقة أسرتها بالدور الثاني من مبنى في حي مصانع المنسوجات بمدينة إسطنبول إنها تبلغ من العمر عشرة أعوام. ويصحح لها والدها محمود سنها قائلا: تسعة.

وصلت منى وأسرتها إلى تركيا من سورية عام 2013. وخلال الأسابيع القليلة الماضية عاونت منى والدها وشقيقها محمد (13 عاما) في الدور السفلي الذي يستأجرونه بإحدى البنايات في صناعة بلوزات وفساتين وقمصان رخيصة لحساب موردين آخرين لمنتجات المنسوجات. ويقول الوالد محمود إن بعض هذه الملابس يباع في أوروبا.

قال محمود إن الأسرة هاجرت من مدينة حلب هربا من القتال في مايو/ أيار عام 2013.

يزجر محمود أطفاله لكي يخرجوا من الغرفة ويستقر على السجادة المفروشة على الأرض، ثم يقول إنه يعتمد الآن على ثلاثة من أطفاله الخمسة في تدبير احتياجات الأسرة.

ولا غرابة في هذا الوضع الذي وجدت الأسرة نفسها فيه. وهو يزيد الأسئلة المثارة عن مدى ما تجده الأسر الهاربة من الحرب من شعور بالأمان في تركيا.

قال محمود عوال: "ليس شيئا عاديا أن أدفع أولادي للعمل لا معي ولا مع غيري. فهذا ليس مناسبا. لكن ليس أمامنا خيار آخر. وهذا شائع جدا في تركيا".

13 طفلا سوريا في ثلاث مدن تركية يعملون في صناعة الملابس والأحذية؛ وذلك رغم أن تركيا تحظر تشغيل الأطفال دون سن الخامسة عشرة.


وقال أربعة آخرون تزيد أعمارهم على الخامسة عشرة إنهم يعملون ما يصل إلى 15 ساعة يوميا ستة أيام في الأسبوع، رغم وجود قانون ينص على أن من الممكن لمن تصل أعمارهم إلى السابعة عشرة العمل 40 ساعة أسبوعيا فقط. ورفض عشرات آخرين من الأطفال العاملين التحدث.

وتستضيف تركيا من اللاجئين ما يفوق ما تستضيفه أي دولة أخرى. ويشير أحدث إحصاء إلى أن 2.73 مليون منهم من السوريين أكثر من نصفهم دون سن الثامنة عشرة. وتقول أنقرة إنها أنفقت أكثر من عشرة مليارات دولار في مساعدة اللاجئين.

ولا تعترف تركيا بأنهم لاجئون لكنها على الأقل توفر لمن يتم تسجيلهم الحماية، بما في ذلك خدمات مجانية مثل التعليم والرعاية الصحية الأساسية. وقد نفت الحكومة إعادة أي سوري رغما عنه إلى بلاده كما تقول إن قواتها لم تطلق النار على أي لاجئ.

وتقول ستيفاني جي الباحثة بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن أوروبا تتجاهل مشكلة حماية الأطفال، وتضيف "ما لم تستطع تركيا أن تضمن ذهاب الأطفال الصغار إلى المدارس؛ فأنا أعتقد أن مسألة الحماية الفعالة برمتها مسألة شكلية".

وقالت لوته شورمان، مسؤولة العلاقات العامة بمؤسسة "فيروير"، التي تعمل على تحسين ظروف العمل، إن تركيا عملت في السنوات القليلة الماضية على معالجة مشكلة عمالة الأطفال في صناعة الملابس، وأضافت "غير أنه مع قدوم اللاجئين السوريين تزايدت حدة المشكلة من جديد".

ويقبل السوريون، ولا سيما الأطفال منهم العمل بأجور أقل. وفي مدينة غازي عنتاب الجنوبية الواقعة قرب الحدود مع سورية، قال رجل تركي يدعى سليم عمره 30 عاما إنه اعتاد تقاضي 450 ليرة (155 دولارا) أسبوعيا من عمله، غير أنه أنشأ ورشة خاصة به بعد أن وصل السوريون.

واستعان سليم بالأطفال لنقل الأقمشة وجلب الشاي ورص المنسوجات. وأصبح الآن يدفع لكل طفل نحو 50 دولارا أسبوعيا.

ويقول السوريون إنهم يتقاضون نصف أو ثلث الأجر المتعارف عليه الذي يحصل عليه الأتراك مقابل أداء العمل نفسه. ويقبل الأطفال أجورا أقل من ذلك.

والمحصلة النهائية على حد قول هارون أوزتركلر من مركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية في أنقره هي أن الأيدي العاملة الرخيصة من اللاجئين هبة لتركيا، وليست عبئا عليها. فاللاجئون يعملون على زيادة الأرباح الأمر الذي يؤدي بدوره إلى استثمارات جديدة.

 

المساهمون